على ما يبدو فإن الحرب الكونية التي شنّت بدعم أميركي -إسرائيلي على سوريا ستقلب سحرها على الساحر في معركة من نوع آخر. فإثر إنعقاد قمة “بون” في ألمانيا للمناخ، وفي ظل إنسحاب الولايات المتحدة الأميركية من إتفاقية المناخ الموقّعة عام 2015، وإذ تظهر التباينات واضحة في الداخل الأميركي بين العودة أو التشبّث بقرار الإنسحاب، ها إن سوريا تخطط للإنضمام إلى إتفاقية المناخ لتجعل بلاد العم سام وحيدة في تفحيم الكوكب الأزرق!
ففي المؤتمر الأممي الـ 23 حول تغيرات المناخ في مدينة بون الألمانية، أعلنت الحكومة السورية عبر وفدها المشارك أنها تنوي التوقيع على إتفاقية باريس التي تهدف إلى التصدي لارتفاع درجة الحرارة عالمياً بسبب إنبعاثات الغازات الدفيئة.
في ظل الإنقسام الحاد السياسي بين أميركا وسوريا، جاءت هذه الأخيرة بتمثيلها الرسمي في المؤتمر لتحجّم موقع الولايات المتحدة الأميركية وعزلها لتكون الدولة الوحيدة في العالم خارج وثيقة الدفاع عن البيئة، بعد أن إنضمت نيكاراغوا إلى الوثيقة في أواخر تشرين الأول – أوكتوبر 2017 .
فقد كانت سوريا، التي تعصف بها حرب أهلية، ونيكاراجوا الدولتين الوحيدتين اللتين لم تنضما للاتفاقية التي تضم 195 دولة عند توقيعها عام في 2015. وانضمت الحكومة اليسارية في نيكاراجوا للإتفاقية الشهر الماضي بعد أن نددت بها في بادئ الأمر باعتبارها ضعيفة للغاية.
نيك نوتال، المتحدث باسم أمانة الأمم المتحدة لشؤون تغير المناخ، التي تنظم إجتماع بون، أوضح أن سوريا لم تقدم رسمياً حتى الآن طلبا للإنضمام إلى الإتفاقية.. إلا أن أعضاء الوفد يؤكدون على هذا الأمر في صحيفة دير شبيغل الألمانية.
وقال وضاح قطماوي معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري في الإجتماع الذي ضم ممثلين عن نحو 200 دولة ، إنه يود تأكيد التزام بلاده باتفاقية باريس لتغير المناخ.
وقال ألدين ماير من اتحاد العلماء المعنيين أن “القرار السوري يظهر اتساع الدعم لاتفاقية باريس”.وأضاف أن الشركات ورؤساء البلديات والمدن والجماعات الأخرى تعزز أيضا إجراءاتها للحد من انبعاث الغازات المسببة للإحتباس الحراري التي يربطها العلماء بزيادة موجات الجفاف والحرارة والفيضانات وارتفاع مستويات البحار.
لا يزال لدى واشنطن مقعد على المائدة في بون لأن القواعد تعني أن انسحاب الولايات المتحدة رسميا لا يسري إلا في 2020. وقد عبر عدد كبير من المندوبين عن أملهم في أن يعيد ترامب نظره في موقفه.
وقال ديفيد واسكو الباحث في المعهد العالمي للموارد إن آراء ترامب بشأن المناخ سبق أن عزلته في مجموعة السبع ومجموعة العشرين وإنه “الآن سيواجه العزلة من كل الدول”.
ترامب الذي أعلن إنه سينسحب من اتفاقية باريس للمناخ ما لم تستطع واشنطن الحصول على شروط أكثر ملاءمة للشركات الأمريكية ودافعي الضرائب في الولايات المتحدة .. كان غامضا إزاء ما يعنيه ذلك خاصة وأن الاتفاقية تعطي جميع الدول سلطة تحديد الأهداف لأنفسها.
رجل البيت الأبيض بات الآن وحيداً ، فهل يشكّل دخول سوريا حافزاً إضافياً للعودة عن قراره؟