لم تهدأ او تخف محاولات ابتزاز لبنان اقتصادياً ومالياً منذ الاعلان السعودي عن استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.
واذا كان الفشل المدوي نصيب هذه الحملة المبرمجة والمعدة باتقان في اليوميين الاوليين، فسرعان ما ظهر استعداد المخططين لخطة بديلة يشارك فيها بعض المصارف وبعض “المفاتيح” المالية التي تطوعت لتقديم النصح بتحويل الودائع من الليرة الى الدولار، ومن ثم سحبها من الجهاز المصرفي اللبناني الى الخارج .
كل هذا حفاظاً على المودعين لان القادم من الايام صعب ومر!
نظم المخططون لهذة الحملة اوسع حملة تهويل على لبنان، ومستقبله الاقتصادي، من مروحة محللين ومتنبئين ومهولين بأن لا قدرة للبنان على تحمل فكرة غضب المملكة العربية السعودية عليه، والا فالاثمان الاقتصادية والمالية لا تحتمل!
وتحركت الماكينة الاعلامية الضخمة خليجياً ودولياً بضخ معطيات عن الاقتصاد اللبناني تفتقد للموضوعية في المؤشرات والارقام، كمثل ايراد تقرير تلفزيوني خليجي يفيد ان الودائع السعودية تبلغ ثلث الودائع في المصارف اللبنانية، وان لبنان سيخسر من جراء اقفال باب الاستيراد الخليجي عليه حوالي ستة مليارات دولار اميركي!! ذلك في وقت يعرف القاصي والداني ان نسبة الودائع الخليجية في المصارف اللبنانية لا تتجاوز ٢،٥% وان حجم الصادرات اللبنانية كلها يقارب ٣مليارات دولار وحصة الخليج فيها تناهز ال٧٠٠مليون دولار فقط! وان الميزان التجاري في عجز لصالح دول الخليج بحوالي ٤٥٠مليون دولار.
الايام القليلة الماضية، منذ اعلان الاستقالة مع كل ملابساتها، حملت ايضاً هجمة مبرمجة تتعلق بالتوقعات المرتقبة للاقتصاد الوطني، شاركت فيها وكالات تصنيف دولية ومراكز استطلاع اقتصادية دولية، وفق فرضيات تستند على ازمة سياسية مفتوحة وخلافات بين اللبنانيين، وتوتر امني داخلي واحتمالات مواجهة اقليمية، مع فراغ في المؤسسات الدستورية.
خلاصات ونتائج سلبية شبه قاطعة جرى تعميمها، في وقت اثبتت الايام السابقة عن شكل من التفاهم الوطني غير المسبوق ولا تشبه المعطيات السياسية والدستورية اي من تلك التوقعات.
اليوم يبدو لبنان في موقع المتحكم الى حد بعيد بمجريات اللعبة الاقتصادية والمالية والنقدية، في موجتها الاولى والبديلة ايضاً وهو يمتلك الكثير من الاوراق والهوامش المتاحة في حال استمرار التصعيد او اللجوءالى اوراق جديدة كالاستثمارات المتبادلة او طرد لبنانيين من المملكة او التضييق على اعمالهم.
خلال العامين المنصرمين لم ينبس اي مسؤول لبناني ببنت شفى حول الحرب السعودية المعلنة، وكذلك اليوم الامر نفسه، الا ان التهديدات والاتصالات المباشرة لبعض رجال الاعمال والشركات اضافة الى وسائل إعلام معروفة الملكية والتوجه ،لا يمكن نكرانها او تخبئتها.
ازاء بعض التهديدات يمكن ايراد الكثير من الأوراق وردود الفعل الاقتصادية الممكنة، والضرورية اصلاً بغض النظر عن هذه الحرب، فمثلاً رفع ال “فيتو” السعودي القائم حول النازحين السوريين كما يريد هؤلاء وتريد دولتهم، والمنطق الطبيعي يدر على لبنان عائد اقتصادي اكبر من التهديد، والتوجه لقبول التعاون الكهربائي مع ايران يوفر مئات ملايين الدولارات على لبنان، وهو محظور بسبب السعودية، وكذلك السلاح من ايران او غيرها…
شعور حقيقي بالسيادة يشعر به اللبنانيون هذه الأيام، يمكن استكماله باحسن العلاقات مع الجميع وكذلك بالبحث عن مصادر القوة البديلة.
بالتزامن مع جريدة الاتحاد