لا يمكن للبنان أن ينهض اقتصاديا إلا من خلال تعزيز وتطوير قطاع الصناعة (وبالأهمية نفسها القطاع الزراعي)، وألا يبقى رهينة قطاع السياحة والخدمات الأكثر تأثرا بالظروف والأوضاع السياسية والأمنية، وإذا ما نظرنا إلى نهضة الدول النامية نجد أن الصناعة تمثل عصب اقتصادها، بما هي دورة إنتاج وصادرات وتشغيل لليد العاملة وللكفاءات العلمية والمهنية ونحن نواكب مغادرتها لبنان بحثا عن وظيفة وفرصة عمل، فيما نشهد ظاهرة انتظار الشباب على أبواب السفارات طلبا للهجرة إلى بلاد الله الواسعة.
وإذا كنا نطالب بتعزيز هذا القطاع فلأنه ركن أساس في بنية أي اقتصاد، لكن وفق شروط ومعايير بيئية وصحية، فإذا ما نظرنا إلى “نهر الغدير” نجد أنه تحول مصبا للنفايات الكيميائية الصادرة من مصانع وادي شحرور والقرى المحيطة، ما يهدد عشرات الآلاف من المواطنين في منطقة الغدير وحي السلم والشويفات وأجزاء واسعة من ضاحية بيروت الجنوبية، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى الليطاني وسائر الأنهر اللبنانية.
حرق نفايات مصنع دواجن
وثمة أمثلة كثيرة ستكون موضع متابعة من greenarea.info لاحقا، لكن ما يهمنا في هذا المجال، ما يواجه أبناء شكا والساحل الشمالي من كارثة بيئية وصحية ناجمة عن حرق نفايات ومخلفات مصنع دواجن، مع ما يترتب على هذا الأمر من تبعات خطيرة، تضاف إلى الملوثات الصناعية التي تحاصر المنطقة منذ أكثر من خمسين سنة بسبب صناعة الاسمنت ومشتقاته.
وقد تلقى موقعنا اتصالات عدة من المواطنين خلال اليومين الماضيين، اشتكوا من الراوئح الكريهة الصادرة عن مصنع الدواجن، لا بل البعض ناشد greenarea.info الوقوف على معاناتهم، خصوصا وأن ما هو قائم اليوم ليس بجديد، وإن تحول مؤخرا إلى معاناة لا يمكن السكوت أو غض الطرف عنها.
وقال مواطن “نموت من معامل الإسمنت بالسرطان ولا نعرف ماذا سيجلب علينا مصنع الدواجن من أمراض”!
أبي شاهين: على وزارة البيئة التدخل
وفي هذا المجال، استطلعنا الأمر من الناشط بيار أبي شاهين ابن بلدة شكا الذي وضعنا في تفاصيل مرتبطة بهذه المشكلة، فقال: “غطت البارحة واليوم روائح كريهة جدا بدت وكأنها ناجمة حريق، وقد غطت بلدة شكا بالكامل، ودخلت الى كل بيت”.
وأضاف: “في البداية ظن الناس أن شيئا يحترق في بيوتهم، ولم نستطع أن نعرف مصدر الحريق والروائح المنبعثة الا حين جاءنا الخبر اليوم، وهو أن (مجمع هوا تشيكن) في أنفه المجاورة يستعمل محرقة للتخلص من ريش الدجاج وغيرها من المواد المستعملة في المسلخ، وتأكد لنا أنها سبب هذه الروائح والانبعاثات”.
ورأى أبي شاهين أن “هذا الاجراء يعتبر خطيرا جدا وضارا، علما ان وزارة البيئة في عهد الوزير ناظم الخوري كانت قد حذرت بموجب قرار من استعمال المحارق في البلديات والمستشفيات والمزارع، كونها لا تستوفي الشروط والمعايير البيئية كما وأنها تسبب بانبعاث الديوكسين المسرطن، لهذه الاسباب نرى أن على وزارة البيئة التدخل والتحقق من الأمر، ووقف هذه المحرقة فورا، علما أن ضررها يطاول شكا وأنفه والكورة والعديد من القرى والبلدات”.
وإذ أكد أنه “سيكون لنا تحرك إن لم تتوقف أعمال الحرق، قال أبي شاهين: “لا يجوز لمصنع مثل (هوا تشيكن) أن يطبخ نفايات الدجاج ومخلفات الدماء والأحشاء لإطعام الكلاب على حساب صحتنا وصحة أولادنا”، وختم مطالبا “الادارة توضيحا، لا بل أقله الرد على الهاتف والاستماع لمعاناتنا”.