يرتفع تباعاً عدد الكوارث المرتبطة بتقلبات الطقس، وبحسب دراسة قام بها باحثون في 26 مؤسسة حول العالم، فقد ارتفعت نسبة تلك الحوادث حوالى 46 في المائة، بينما تعرّض 125 مليون شخص من الذين هم فوق الـ 65 عاماً على مستوى العالم خلال الفترة من عام 2000 حتى عام 2016 إلى موجات حر، مع آثار صحية محتملة تراوحت بين ضربة شمس وتلف كلى ناجم عن الجفاف.
تداعيات الإحترار المناخي لا تزال تلقي بثقلها على العالم أجمع، وفي ظل تعنّت البعض عن الإعتراف بأهميته وبضرورة محاولة الخف من حدّته، إلا أن مستويات ثاني أكسيد الكربون باتت الأعلى منذ ثلاثة ملايين سنة رغم زيادة عدد التنظيمات والقوانين المتعلقة بحرق الوقود الأحفوري وتسارع تبني التقنيات الخضراء مثل طاقة الشمس والرياح.
في المجال الصحي، يبدو التردّي جلياً، فناهيك عن إجبار أكثر من مليار إنسان على النزوح، خلصت دراسة جديدة إلى أن الهجرة الناجمة عن تغير المناخ أثرت تأثيرا كبيراَ في الصحة العقلية والبدنية، سواء بصورة مباشرة أو من خلال إخلال الخدمات الصحية والإجتماعية مما أضر بصحة ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
وأشارت في الوقت نفسه إلى تزايد انتشار عدوى حمى الضنك، بسبب ظهور البعوض الناقل للمرض على نطاق أوسع، وقالت إن المرض – وهو الحمى الاستوائية الأكثر انتشارا في العالم- يتضاعف تقريباً كل عقد منذ عام 1950، ويؤثر حالياً في مئة مليون شخص. كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في 30 بلدا في آسيا وأفريقيا من 398 إلى 422 مليون نسمة منذ عام 1990.وذكر التقرير أيضا أن ما لا يقل عن 800 ألف حالة وفاة تحدث سنويا بين الملايين بسبب تلوث الهواء كانت مرتبطة فقط بحرق الفحم.
إقتصادياً، تقدّر الخسائر المرتبطة بأحوال الطقس القاسية المتعلقة بالمناخ بنحو 129 مليار دولار في عام 2016. كما وجدت الدراسة أن إنتاجية العمل اليدوي قد انخفضت بنسبة 5.3% بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما أثر على سبل معيشة الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية.
وتوقعت أيضا أن يؤثر تغير المناخ في إنتاج المحاصيل حيث يؤدي ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة إلى انخفاض 6% في محصول القمح على مستوى العالم و10% في محصول الأرز.
وشدد القائمون على الدراسة التي شاركت فيها منظمة الصحة العالمية، و لتي حملت عنوان “لانسيت كاونتداون” ونشرت نتائجها في دورية “لانسيت العلمية، على ضرورة ضخ المزيد من الإستثمارات في حماية المناخ لتجنب طوارئ طبية على المستوى العالمي.
في الإطار نفسه، كشف تقرير جديد للأمم المتحدة أن مستويات ثاني أكسيد الكربون العالمية تجاوزت 403 جزءاً في المليون في عام 2016، لكنه ذكر أن هذا الارتفاع لا يرجع إلى النشاط البشري وحده رغم الدور الكبير للبشر في ذلك. ووفقا للتقرير الذي أعدته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، فإن الطقس -وتحديدا ظاهرة إلنينو- لعبت دورا كبيرا بتسارع ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون.
وقالت إن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تتزايد مئة مرة أسرع مما كانت عليه خلال نهاية العصر الجليدي الأخير. وحذرت أنه دون خفض سريع لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة فإننا نتجه نحو زيادة خطيرة في درجات الحرارة بحلول نهاية هذا القرن، وأنه خلال الأعوام المئة القادمة فإن سواحل البلاد حول العالم ستبدو مختلفة كليا نتيجة ارتفاع مستويات مياه البحار.
إستدراكاً لهذا الواقع، وقّع أكثر من 15 ألف باحث في جميع أنحاء العالم على تحديث وثيقة “يوم القيامة” لعام 1992، لنشر تحذيرات حول مستجدات معركة الحفاظ على كوكب الأرض.
إتحاد العلماء المعنيين الذي كان قد أصدر في عام 1992 وثيقة “تحذير علماء العالم للإنسانية”، حذّر أن البشرية في خطر محدق. اليوم وبعد 25 سنة لا يزال يكرّر التحذير وبلهجة اعلى فأصدرويليام ريبل، أستاذ البيئة في ولاية أوريغون، التحديث أو الإشعار الثاني الذي وُقع من قبل 15 ألف و364 عالما من 184 بلدا، تحت عنوان “تحذير العلماء العالميين للإنسانية”، ونُشر في مجلة Bioscience، فيقول: “إن البشرية أخفقت في إحراز تقدم كاف في حل تحدياتها البيئية، والوقت ينفذ من بين أيدينا.”
الوقت فعلاً بدأ ينفذ منا، فهل من مجيب؟