قد يبدو غريبا ان يطلب القاضي من المذنب ان يدفع الغرامه مقدما كي يسمح له بالذنب وبين ليلة وضحاها ينشأ سوق لهذه الغرامات يبيع بها الصالحون حسناتهم بمبالغ هي بالاصل الغرامات والعقوبات على المذنبين او الذين لايستطيعون الا ان يذنبوا كي يبقوا على قيد الحياة.
حيث لازال العالم يبحث عن وسيله لانقاذ ما يمكن انقاذه مما فعلت يد الانسان بقصد او دون قصد من عبث وخراب لبيئة كوكب الارض ملاذ الانسان منذ فجر البشريه, ومن هذه الوسائل موضوع بحثنا اليوم وهو اسواق او ضرائب الكربون .
وتهدف أسواق الكربون إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (الغازات الدفيئة) او (الكربون) بفعالية من خلال وضع حدود لها وتمكين تداول وحداتها وهي أدوات تمثل تخفيض الانبعاثات، مما يؤدي إلى خفض التكلفة الاقتصادية لخفض انبعاث ((CO2 التي نستطيع الاطلاع عليها بالرابط التالي محدثه يوميا وباحصائيات متنوعه : https://www.co2.earth/ .
التسلسل الزمني لزيادة تراكيز الكربون
تسعير الكربون
يعتبر تسعير الكربون أداة تتناسب مع الاضرارالخارجية التي تسببها الغازات الدفيئه ( التكاليف التي يدفعها الجمهور )، مثل الأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعيه وتكاليف الرعاية الصحية من موجات الحرارة والجفاف والتلوث، وفقدان الممتلكات من الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، وربطها بمصادرها من خلال سعر، وعادة ما يكون في شكل سعر على اساس كمية ثاني أكسيد الكربون (CO2) المنبعثة، ويساعد السعر في تحويل عبء الأضرار الناجمة عن هذه الانبعاثات إلى المسؤولين عنها مباشرة و إن سعر الكربون يوفر إشارة اقتصادية للعوامل المنبعثة، ويسمح لهم بأن يقرروا إما تحويل أنشطتهم وخفض انبعاثاتهم، أو الاستمرار في بث الانبعاثات ودفع الاموال عنها. وبهذه الطريقة، يتحقق الهدف البيئي العام بأكثر الطرق مرونة وأقل تكلفة على لمجتمع.
وفي نطاقها الواسع جدا يتم استيعاب التكلفة الخارجية لتغير المناخ لصنع القرار الاقتصادي ووضع حوافز اقتصادية للتنمية النظيفة، ويمكن أن يساعد ذلك على حشد الاستثمارات المالية اللازمة لتحفيز التكنولوجيا النظيفة والابتكار في الأسواق، مما يحفز محركات جديدة للنمو الاقتصادي منخفض الكربون والانتقال إلى الاقتصاد الاخضر وفي معظم الحالات، تكون أيضا مصدرا للإيرادات. ويستخدم المستثمرون على المدى الطويل تسعير الكربون لتحليل التأثير المحتمل لسياسات تغير المناخ على مشاريعهم الاستثمارية، مما يسمح لهم بإعادة تقييم استراتيجيات الاستثمار وإعادة تخصيص رأس المال نحو أنشطة منخفضة الكربون أو قادرة على التكيف مع تغير المناخ.
يمكن أن يتخذ تسعير الكربون أشكالا مختلفة وسلسلة اتجاهات حيث يشير تسعير الكربون إلى الافكار التي تضع سعرا صريحا على انبعاثات الغازات الدفيئة، أي السعر المعبر عنه كقيمة للطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (TCO2e). وبالنظر إلى مناهج تسعير الكربون المختلفة، فإن نظام تداول الانبعاثاتEmissions Trading System (ETS) يوفر قناعة جيده بشأن اثره البيئي، ولكنه يبقى مجرد تكهن حيث تضمن ضريبة الكربون سعر الكربون في النظام الاقتصادي مقابل نتيجة بيئية (غير مؤكدة)، وهو نظام يمكن خلاله تداول وحدات الانبعاثات للامتثال للأهداف المرجوه منها حيث على الأقل يمكن للكيانات الخاضعة لهذا التنظيم إما تنفيذ تدابير التخفيف الداخلي ( الالتزام بالقوانين البيئيه ) أو الحصول على وحدات الانبعاثات من سوق الكربون اعتمادا على التكاليف النسبية.
وبالنسبة للحكومات، فإن اختيار نوع تسعير الكربون يستند إلى الظروف الوطنية والواقع السياسي. وفي سياق المبادرات الإلزامية لتسعير الكربون، تعتبرالضرائب على الانبعاثات من أكثر الأنواع شيوعا. ويمكن أيضا تحديد انبعاثات الغازات الدفيئة ضمنيا من خلال أدوات سياسية أخرى مثل إزالة دعم الوقود الأحفوري، وضرائب الطاقة، ودعم الطاقة المتجددة، وتجارة شهادات كفاءة الطاقة.
الدول المنفذه لضرائب الكربون وتاريخ البدايه
وحسب اخر التقارير لعام 2017 بلغت قيمة مبادرات تسعير الكربون – بما في ذلك برامج الاتجار بالانبعاثات وضرائب الكربون – 52 مليار دولار، بزيادة قدرها 7% عن قيمتها عام 2016. ومع وجود ثماني مبادرات جديدة أو محسنة لتسعير الكربون منذ أوائل عام 2016 – ثلاثة أرباعها في الأمريكيتين حيث فرضت شيلي وكولومبيا ضرائب على الكربون وقامت ثلاث مقاطعات كندية (ألبرتا، وكولومبيا البريطانية، وأونتاريو) وولاية أمريكية واحدة (واشنطن) بتطبيق برامج جديدة أو محسنة لتسعير الكربون وبدأت المکسیك محاكاة برامج الاتجار بالانبعاثات لمدة سنة واحدة لخلق الوعي بشأن تسعير الكربون والاستعداد لإطلاق برنامج تجريبي عام 2018.
ومن ناحية اخرى تستعد الصين لبدء نظامها الوطني للاتجار بالانبعاثات، الذي يحتمل أن يكون أكبر مبادرة لتسعير الكربون في العالم.
فقد أصبح هناك الآن 42 بلدا و25 وحدة إدارية دون وطنية تضع سعرا على انبعاثات الكربون.
ويقول التقرير إن الإيرادات يمكن أن تتجاوز 100 مليار دولار سنويا إذا اعتمدت برامج تسعير الكربون القائمة أسعارا تتفق مع المستويات المستهدفة لدرجة الحرارة في اتفاق باريس.
وعلى الجانب الأقل إيجابية، يخلص التقرير إلى أن 85% من الانبعاثات لا تزال غير مشمولة بتسعير الكربون، وأن معظم أسعار الكربون الحالية ( أقل بكثير ) من 80 – 40 دولارا / طن ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020 و 100 – 50دولار / طن ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 التي تتفق مع المستوى المستهدف لدرجة الحرارة في اتفاق باريس.
وقد انطلق التسعير الدولي للكربون بإدخال آليات المرونة في إطار بروتوكول كيوتو، الذي اعتمد في المؤتمر الثالث للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الذي عقد في كيوتو باليابان في كانون الأول / ديسمبر 1997، على البلدان الصناعية الموقعة أن تخفض جماعيا انبعاثاتها من غازات الدفيئة بنسبة لا تقل عن 5% دون مستويات عام 1990 في المتوسط .
مخطط يوضح نسب التفاوت بسعر طن ثاني اوكسيد المكافيء حسب بلدان العالم
إن سعر الكربون المناسب يساهم بالحد من انبعاث غازات الدفيئة بكفاءة، مع تعزيز النمو أيضا. وفي حين شهدنا تقدما خلال العام الماضي فان الإجراءات الرامية إلى توسيع تغطية تسعير الكربون وزيادة الأسعار لتعميق آثارها يجب أن تتسارع . وتظهر التقارير ان هناك حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 700 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030 لتمويل الانتقال إلى الاقتصاد المنخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق رؤية لنهج متكامل يربط السياسات المحلية التي تركز على المناخ وتسعير الكربون، ويكملها تعاون دولي فعال من خلال تمويل المناخ من المانحين وأسواق المناخ الجديدة، من أجل تعبئة الموارد المطلوبة بالسرعة والنطاق المطلوبين لتحقيق نمو منخفض الكربون وتوفير فرص العمل وتشجيع الابتكار.
بورصة الكربون
يعد مصطلح بورصة الكربون من المصطلحات الحديثة التداول وهو ذلك المكان الذي يتم من خلاله مقايضة إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون او ما يعادلها من الغازات الدفيئة ويعرف بـ ( مقايضة مالية بين جهة خفضت انبعاثها من الكربون للجو، وجهة أخرى تريد زيادة انبعاثها من الكربون للجو للتوسع بصناعتها)، وتتم تلك المقايضة ضمن حدود آمنة تضمن عدم تجاوز انبعاث الكربون للجو عن حدوده المقررة عالميا وفق بروتوكولات الامم المتحدة واتفاقياتها لمنع مشكلة الاحتباس الحراري من التفاقم وللحفاظ على البيئه، وتتمثل بورصة الكربون حسب برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP في شراء وبيع رخص انبعاثات غازات الدفيئة، وأرصدة الكربون ومعاوضات الانبعاثات لتمكين البلدان والشركات والافراد من الوفاء بالتزاماهتم الطوعية أو المطلوبة بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وعليه يمكن القول أن بورصة الكربون هي ذلك املكان الذي يتم فيه شراءوبيع وحدات أرصدة ُتفيض انبعاثات غازات الدفيئة والتي تتمثل في شهادات خفض الاتبعاث أما الاطراف المتواجدون في سوق الكربون تتمثل في:
- السلعة : وهي شهادات وحدات خفض الكربون والغازات الدفيئة.
- بائع الكربون : وهي الجهة التي تخفض انبعاث الكربون للجو
- مشتري الكربون :وهي الجهة الراغبة في زيادة انبعاث الكربون للجو نتيجة لزيادة نشاطه الصناعي ضمن آليات بروتوكول كيوتو ، وعدم تجاوز النسبة العالمية المسموح بها انبعاث الكربون للجو
- المقايضه: وهي عملية البيع بين البائع الذي يمتلك وحدات كربون مخفضة ، والمشتري وهى الجهة الراغبة في شراء لحاجتها بالتوسع في نشاطها الصناعي .
واشير هنا الى هذه البورصات منتشره عالميا وان اكبر هذه البورصات هي سوق المتاجرة في الانبعاثات التابع للاتحاد الاوربي European Climate Exchange بالاضافه الى البورصه الاستراليه وبورصة شيكاغو في امريكا .
واخيرا وليس اخرا يجب ان نعلم اننا جميعا من واجبنا مكافحة هذا العدو الذي صنعناه, الا وهو (التلوث الكربوني) الذي يتسبب في كل عام بقتل اكثر من اربعة ملايين 4.3) مليون شخص ) حسب بيانات منظمة الصحه العالميه.
مهندس استشاري في مجال الطاقه – العراق
