تتكرر معاناة سلاحف البحر، أو هي لم تتوقف أساسا، خصوصا وأن هذا العام شهدنا حالات نفوق وإصابات لم نعهد مثلها من قبل، إذ تخطت هذه الحالات ما قمنا برصده في السنة الماضية مع جهات معنية بالحياة البحرية، وهذه مسؤولية تظل منوطة بالجهات المعنية، لجهة دراسة هذه الظاهرة الآخذة في الازدياد، ما يستدعي تضافر الجهود الرسمية ومراكز الأبحاث المتخصصة والجمعيات الأهلية المفترض أن تكون حاضرة بقوة على الأرض، عملا ورصدا وتوثيقا.
ومرة جديد نجد أنفسنا كـ “جمعية Green Area الدولية” أمام حالة تكاد تكون شبيهة بتجربتنا مع السلحفاة “لاكي” التي تحولت “أيقونة” بيئية ليس لجمعيتنا فحسب، وإنما لسائر من محضوا قضية السلاحف اهتمامهم، ومدوا يد المساعدة والعون، وقدمنا نموذجا لما يجب أن يكون عليه العمل البيئي الإنقاذي لسلاحف البحر.
سلحفاة الرميلة
لا نخفي سرا إذا قلنا أن جمعيتنا وموقعنا البيئي المتخصص greenarea.infoكرسا مفاهيم متقدمة بشهادة العلماء والخبراء الذين محضونا ثقتهم، والمواطنين والمهتمين بالبيئة، بعد أن وواجهنا الإعلام السائد، لجهة التغني بقتل الطيور والكائنات البرية والبحرية، وقدنا حملات توعية، أنقذنا طيورا وأعدنا إطلاقها، عالجنا وأطلقنا العديد من الحيوانات البرية، بالتعاون مع وزارة الزراعة، وفي ما خص “لاكي”، فثمة جنود مجهولون هم عناصر الدفاع المدني – الإنقاذ البحري في الجية، هؤلاء الذي واكبوا يوما بيوم السلحفاة التي انتزعناها من أحد المسابح بعد أن تعرضت للضرب والتعنيف، ولم نقصر في أي إجراء طبي لإنقاذها وعلاجها.
وتجدر الاشارة، إلى أننا تلقينا نهار عيد الاستقلال أربع مناشدات من قبل ناشطين لإنقاذ سلحفاة مصابة في بلدة الرميلة – قرب مدينة صيدا، وقمنا بتلبية النداء وهذا ما يؤكد حضور جمعيتنا وثقة المواطنين بها وبعملها.
تعرضت لطعنات سكين
وبعد ثلاثة أيام على تبني “جمعية Green Area الدولية” رعاية هذه السلحفاة الجريحة التي لفظها البحر على شاطئ الرميلة، يهمنا أن نطلع المواطنين وكل من تابع بياننا الأول بخصوص هذه السلحفاة ، أنها ما زالت قيد رعايتنا في الجمعية، وأنها تخضع لعلاج بالمضادادات الحيوية والمطهرات، وأنها بدأت تتماثل اليوم للشفاء، تحت إشراف المختصين في وزارة الزراعة ورعاية مباشرة من جانب عناصر مركز الإنقاذ البحري – الجية في الدفاع المدني.
كما وأننا كنا قد أشرنا إلى أن السلحفاة (وهي أنثى)، تعرضت لصدمة ما في ظروف غامضة، إلا أننا بعد معاينتها في اليوم التالي، تبين انها تعرضت لطعنات تبدو وكأنها ناجمة عن سكين، وهذه الطعنات متفاوتة الحجم بين كبيرة ومتوسطة وسطحية، وهذا ما يرجح فرضية الاعتداء عمدا، ربما من أحد الصيادين نتيجة اتلافها لشباكهم، وهذا ليس بمبرر للاعتداء على كائنات ضعيفة، ولكن يهمنا أن نلحظ وفقا لما ذكره احد الصيادين انه على الدولة أن ترصد لهذه الحالات تعويضات وتشجع الصياد الذي يخلص سلحفاة عالقة بتعويض أضراره.
تتحرك بشكل أفضل
ويهمنا اليوم التأكيد على أن السلحفاة تلقت لليوم الثالث جرعة الأدوية المحددة من قبل وزارة الزراعة، والأهم أنها تناولت الطعام بشكل جيد، وهي تتحرك بشكل أفضل، وهذا مؤشر مهم يضعنا أمام احتمال اعادة إطلاقها خلال الأسبوع القادم إن لم يرَ الأطباء مانعا وفقا لما يقررونه في هذا المجال.
التواصل مع أكثر من جهة
وكنا قد تواصلنا مع الدكتور سامي قرعة خبير علوم الأحياء البحرية والمتخصص بدراسة سلاحف البحر المتوسط من تونس، فعرض لكيفية تطبيبها، وأشار إلى أن “ثمة “ضرورة لمعالجة الجروح كي لا تتراكم عليها الطفيليات”.
وكذلك الأمر مع السيدة منى خليل التي أشارت إلى “ضرورة التحقق من حجم الجروح وتعقيمها يوميا، وإعادة اطلاق السلحفاة فور التأكد من سلامتها”، مشيرة إلى أن “مياه البحر كفيلة بمداواة هذه الجروح”، لافتة إلى أن “السلاحف تتعرض احيانا لفقدان أطرافها نتيجة الحوادث واحيانا تتعرض لعضة قرش ويداويها البحر وتستمر حياتها وهذه الحالات موجودة وموثقة”.
فيما أجرينا اتصالا بأحد المراكز المختصة في معالجة السلاحف في نابولي (إيطاليا)، إلا اننا لم نوفق وسنعاود الاتصال بالمركز قريبا.
وبالتوازي عرضنا الأمر على وزارة البيئة، فطلب منا رفع كتاب بهذا الخصوص، وهذا ما قمنا به بانتظار ردها، بحيث لن ندخر جهدا في معالجة السلحفاة بالرغم من أنها أبدت تجاوبا مع العلاج.