يفتتح اليوم في المقر الأوروبي للامم المتحدة في جنيف، الدورة السادسة لمنتدى الأمم المتحدة المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان بمشاركة حوالي 2000 شركة تقريباً، من أكثر من 130 بلد. ويتضمن المنتدى 60 جلسة رسمية وعدداً من الاجتماعات الجانبية. ومن المتوقع ان يكون هذا الحدث أكبر تجمع عالمي حتى تاريخه لمناقشة التقدم والتحديات في تناول تأثيرات الأعمال التجارية على حقوق الإنسان وتنفيذ المبادئ التوجيهية.
قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بموجب الفقرة 12 من قراره 17/4، إنشاء منتدى معني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان بتوجيه من الفريق العامل المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية من أجل: “مناقشة الاتجاهات والتحديات القائمة في مجال تنفيذ المبادئ التوجيهية، المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وتشجيع الحوار والتعاون بشأن القضايا المرتبطة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، بما في ذلك التحديات التي تعترض بعض القطاعات، والبيئات التشغيلية أو المتعلقة بحقوق أو فئات معينة، وتحديد الممارسات الجيدة.”
ويتميز المنتدى بانه مفتوح أمام كل المجموعات المعنية صاحبة المصلحة، بما في ذلك الدول، ومنظومة الأمم المتحدة الأوسع نطاقاً، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات الإقليمية، ومؤسسات الأعمال التجارية، ونقابات العمال، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية، والجهات صاحبة المصلحة المتأثرة، ضمن جهات أخرى.
“يشكل المنتدى فرصة فريد لجميع الاطراف من أحل البحث عن حلول عملية وضمان احترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة” بحسب ما اعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين.
شهدت عملية العولمة وغيرها من التطورات التي حدثت خلال العقود الماضية اضطلاع الجهات الفاعلة غير التابعة للدول، مثل الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية، بدور متزايد الأهمية على الصعيد العالمي وكذلك على الصعيدين الوطني والمحلي. وأدى تنامي مدى امتداد وتأثير مؤسسات الأعمال التجارية إلى حوار بخصوص أدوار هذه الجهات الفاعلة ومسؤولياتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وينظر مجلس حقوق الإنسان في تقارير الفريق عامل معني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية، وهو مؤلف من خمسة خبراء مستقلين، ويعمل هذا الفريق على تشجيع النشر والتنفيذ الفعالين والشاملين للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وتحديد الممارسات الجيدة والدروس المستفادة فيما يخص تنفيذ المبادئ التوجيهية وتبادل هذه الممارسات والدروس وتعزيزها وتقييمها وتقديم توصيات بشأنها وكذلك، في هذا السياق، التماس وتلقي المعلومات من جميع المصادر ذات الصلة، بما فيها الحكومات، والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وأصحاب الحقوق.
وقد جرت العادة على أن تضطلع الحكومات بالمسؤولية عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بهدف تنظيم العلاقات بين الدولة والأفراد والجماعات. ولكن مع تزايد دور الجهات الفاعلة من قطاع الشركات، على الصعيدين الوطني والدولي، أُدرجت مسألة تأثير الأعمال التجارية على التمتع بحقوق الإنسان في جدول أعمال الأمم المتحدة. وعلى مدى العقد الماضي، توفرت آلية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على النظر في نطاق مسؤوليات مؤسسات الأعمال التجارية عن حقوق الإنسان وتحري سبل تحقيق مساءلة الجهات الفاعلة من قطاع الشركات عن تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان. ونتيجة لهذه العملية، يوجد الآن مزيد من الوضوح بخصوص أدوار ومسؤوليات كل من الحكومات وقطاع الأعمال التجارية فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان واحترامها. وأبرز شيء في هذا الصدد هو أن الفهم والتوافق الآخذين في التبلور هما نتاج لإطار الأمم المتحدة المعنون “الحماية والاحترام والانتصاف” المتعلق بحقوق الإنسان والأعمال التجارية، الذي أعده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية، استناداً إلى بحوث رئيسية ومشاورات واسعة النطاق مع جميع الجهات المعنية صاحبة المصلحة، بما في ذلك الدول والمجتمع المدني وأوساط الأعمال التجارية.
ويعد الاتفاق العالمي للأمم المتحدة من ابرز المبادرات الطوعية العالمية لتحميل الشركات مسؤولية اجتماعية، التي تتناول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وقد استُهل بمبادرة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2000 بهدف دفع قادة الأعمال التجارية إلى القيام طواعية، داخل مجالات عمل شركاتهم، بتعزيز وتطبيق عشرة مبادئ متعلقة بحقوق الإنسان، ومعايير العمل، والبيئة، ومكافحة الفساد. وفي الوقت الحاضر، وقعت الاتفاق العالمي 9727 شركة حتى الآن، الكثير منها شركات عبر وطنية كبرى، من جميع القارات.