بدأت أمس في جنيف إجتماعات الدورة الـ 69 للجنة الدائمة لاتفاقية التجارية الدولية بالحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض (سايتس). وكان مؤتمر الاطراف COP17 لهذه الاتفاقية عقد في جنوب افريقيا العام الفائت واتحذ مجموعة واسعة من القارات تتعلق بتصنيف ما يزيد عن 500 نوع من انواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
وقال الامين العام لـ “سايتس” جون سكانلون في افتتاح اعمال اللجنة الدائمة “هذا بمثابة اجتماع مصغر لمؤتمر الاطراف وهناك العديد من القرارات التي اتخذت في جوهانسبرغ ونحتاج الى اجراء تقييم بشأن تنفيذها ابرزها تلك المتعلقة بحماية أشجار الخشب الوردي والفيل الافريقي”.
و”سايتس” اتفاقية دولية تهدف الى حماية الثروة الحيوانية والنباتية المهددة بالاستغلال التجاري المفرط. وقد وقعت الاتفاقية 182 دولة، وهي دخلت حيز التنفيذ في العام 1975. وتحمي الاتفاقية بدرجات مختلفة حوالى 5600 نوع حيواني و30 الف نبتة. وقرارات “سايتس” ملزمة الا ان على كل من الاطراف الموقعة سن قانون يضمن احترامها على الصعيد الوطني. وتسهم هذه الاتفاقية مع غيرها من الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف في المحافظة على التنوع البيولوجي، بما في ذلك معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، واتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها موئلاً للطيور المائية.
وتتألف اللجنة الدائمة لاتفاقية سايتس من 19 دولة بينها 16 منتخبة تمثل مختلف القارات، اضافة الى سويسرا بصفتها دولة مضيفة للاتفاقية، والدولة التي استضافت مؤتمر الاطراف السابق (جنوب افريقيا 2016) والدولة التي تستعد لاستضافة مؤتمر الاطراف (سريلنكا 2019).
وتتخذ هذه اللجنة قرارات هامة بالنيابة عن الدول الاعضاء خصوصاً في المسائل التي تصنف حساسة والتي لم يتم الاتفاق بشأنها خلال اجتماع مؤتمر الدول الاطراف في الاتفاقية. ومن ابرز المواضيع التي ستناقش هذا الأسبوع الصيد الجائر للفيل الافريقي وآكل النمل الحرشفي، والقوانين الوطنية حول الحياة البرية ومدى ملائمتها لبنود الاتفاقية وملحقاتها، وانشطة اليابان المتعلقة بصيد حوت ساي في البحار العالية، والآثار المترتبة على استزراع الحمض النووي لصنع منتجات الحياة البرية المهندسة بيولوجيا مثل قرن وحيد القرن، ومصادرة على ما يقرب من 16 الف سلحفاة برية وبحرية حية في الهند.
الملفت في اجتماع اللجنة الدائمة في جنيف حضور شركات القطاع الخاص اصحاب المصلحة، وابرزها الشركات المنتجة لخشب الديكور الفائق الجودة Dalbergia والمعروف بالخشب الوردي، وخشب أبنوس أو أبنوز وهو خشب أسود صلب يمكن صقله لدرجة اللمعان المعدني .
وينمو الخشب الوردي في فى المناطق الاستوائية فى أميركا الوسطى والجنوبية وافريقيا وجنوب آسيا ومدغشقر، ولقد ادخل هذا النوع من الخشب الى المحلق الثاني من اتفاقية سايتس بهدف تنظيم التجارة بعد ارتفاع معدلات التجارة غير الشرعية والتهريب.
ويعتبر الخشب الوردي من أجود أنواع الأخشاب التي تستخدم فى صناعة الأثاث العالي الجودة، والخشب الراقد فى طرق السكك الحديدية. يصل ثمنه إلى ٢٠ دولار لكل قدم، ويرجع شهرة وغلو ثمن هذا النوع من الأخشاب بسبب غناها بالزيوت العطرية التي تعطيها رائحة عطرية نفاذة. ويستخدم الخشب ذو اللون الأسود من هذا النوع فى آلات النفخ الموسيقية.
وينشط الاتجار غير الشرعي بالحيوانات البرية على نطاق واسع جدا وتغذيه المجموعات الاجرامية الدولية المنظمة،ويغذي الصيد غير الشرعي عملية اتجار يقدر حجمها بعشرين مليار دولار سنويا على ما تفيد “سايتس” ما يجعل منه الاتجار غير الشرعي الرابع من حيث الاهمية بعد الاتجار بالاسلحة والسلع المقلدة والبشر.
ويعمل لاتحاد الدولي لمكافحة الجريمة ضد الحيوانات والنباتات البرية، بالتعاون مع أمانة اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والبنك الدولي، ومنظمة الجمارك العالمية، لتقديم المساعدة التقنية إلى الدول الأعضاء لمكافحة جرائم الاتجار غير المشروع بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
وتتخذ الجمعية العامة للامم المتحدة قراراً سنوياً حول “التصدي للاتجار غير المشروع بالأحياء البرية”، ويحث هذا القرار بالدول الأعضاء تعديل تشريعاتها الوطنية وتعديلها لكي تعتبر الجرائم المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالأحياء البرية جرائم أصلية وفق تعريفها الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، لأغراض جرائم غسل الأموال على الصعيد المحلي، ولكي تكون موجبة لإقامة دعاوى في إطار التشريعات المحلية المتعلقة بعائدات الجريمة.
وتدفع الفيلة وحيوانات وحيد القرن الثمن غاليا بسبب الاقبال الشديد على انيابها وعاجها. وتقتل ثلاثة حيوانات وحيد قرن في اليوم من اجل قرونها على ما يفيد الصندوق العالمي للطبيعة. وفي السنوات العشر الاخيرة تم القضاء على اكثر من خمسة الاف منها اي ربع عددها العالمي، في جنوب افريقيا التي تضم وحدها 80 % من هذه الثدييات.
واثار قرار الرئيس الاميركي دونلاد ترامب رفع الحظر عن استيراد أنياب الفيل الأفريقي التي يجمعها العاملون بالصيد الجائر، موجة استياء عارمة في الولايات المتحدة الاميركية ، ما دفع بادارة ترامب الى التراجع عن هذا القرار.
وثمة اقبال قوي على قرون وحيد القرن في آسيا حيث تستخدم في الطب التقليدي لميزاتها العلاجية المفترضة. ويزيد سعر الكيلوغرام الواحد من هذه القرون في السوق السوداء عن سعر الذهب. اما عدد الفيلة التي تستوطن سهول السافانا الافريقية فقد تراجع بنسبة 30 % بين عامي 2007 و2014 بسبب الصيد غير الشرعي.
وتمنع التجارة الدولية بقرون وحيد القرن وبالعاج رسميا منذ العام 1977 و1989 على التوالي. الا ان هذه الاجراءات لم تنجح في لجم المجازر التي ترتكب في حق الحيوانات.
وكانت مصلحة الأسماك والحياة البرية الأمريكية أعلنت أنها بصدد “إصدار تراخيص لاستيراد أنياب الفيلة الأفريقية في زيمبابوي من 21 كانون الثاني 2016 حتى 31 كانون الأول 2018”. وتطالب زيمبابوي وناميبيا رفع حظر الاتجار بالعاج لتتمكنا من بيع مخزونهما من العاج المضبوط او المتأتي من فيلة نفقت بشكل طبيعي. في المقابل تعارض المنظمات غير الحكومية هذا الاجراء بشدة لانها تخشى ان يؤدي رفع الحظر الى زيادة اضافية في الطلب.