تشهد مدينة بروكسل، أن أحد أبرز أعداء البيئة في العالم،اليوم، هو وزير خارجية فرنسا الأسبق لوران فابيوس، الذي أطلق في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل ذاتها مقولته الشهيرة:  “إن النصرة تنجز شغلاً جيداً في سوريا” ، في اشارةٍ واضحةٍ منه الى أن النصرة تبيع نفطها الى الشركات الفرنسية العاملة في المنطقة ولا تتعرض لها، وفي مقدمة تلك الشركات تأتي “لافارج” عملاق انتاج الاسمنت، والتي تواجه ادارتها والسيد “فابيوس”  اليوم تهم تمويل المجموعات الارهابية في منطقة الرقة.

صناعة قذرة

يُصنف خبراء البيئة، صناعة الإسمنت ضمن الصناعات القذرة، عدوة البيئة والانسان، ذلك لكونها تستهلك الطاقة بكثافة، وتلوث الهواء بكمياتٍ هائلةٍ، من جزيئاتِ الكلنكر والإسمنت، والدخان، وغازات سامة أخرى كأكاسيد الكربون، الكبريتيك، النيتروجين، الهيدروجين والرصاص وغيرها من الغازات، إضافة الى أنها تتسبب بالأمطارٍ حامضية، تقتل كل مكونات الطبيعة الأم، إلا أن حديثنا هنا سيكون عن النفط الذي اشترته “لافارج” من الميلشيات المسلحة لتشغيل معاملها في البادية السورية، ماهو هذا النفط؟ كيف يقتل البشر والشجر؟ من وراء العملية؟  .

نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر، يوم الثلاثاء 21 يونيو/حزيران  من عام 2016، أن شركة الإسمنت الفرنسية “لافارج”، Lafarge Cement Syria” ، قامت في الفترة بين عامي  2013 و2014 بتشغيل مصنعها في سوريا “بأي ثمن” لدرجةِ أنها اشترت من القبائل والمجموعات الارهابية ،النفط المستخرج بطريقة بدائية .

“النفيّطة” أعداء البيئة المصطنعون؟

يقوم “النفيّطة” ، وهو إسم أُطلق على العمال الذين يكررون النفط بطرقٍ بدائيةٍ، بتسخين الخام المستخرج في حلةٍ معدنيةٍ كبيرة، مشعلين النيران تحتها  باستخدام النفط الخام أو إطارات السيارات المستعملة، فتبدأ المشتقات بالتبخر، لتمر بعدها عبر أنبوب معدني مغمور بالماءِ، وذلك بهدف تبريده، مايؤدي الى تكثيف الديزل أو البنزين أو الكاز ويتم في النهاية تقطيره.

تُخلف هذه الطرق البدايئة، سحباً دخانية سوداء كثيفة، تلوث الهواء، لما تحتويه من غازاتٍ سامة كالميتان، ثاني أوكسيد الكربون، الهيدروجين ، الفلور والكلور التي تسبب لمن يستنشقها أمراضاً خطيرة، كما تسبب عملية التكرير البدائية انبعاث كميات من الرصاص والنيكل والزئبق التي تسبب بدورها التسمم الذي قد يؤدي إلى شلل عصبي ومشاكل في الكلى والرئتين. في حين يُعتبر غازا الكبريت وأول أوكسيد الكربون من أخطر الغازات التي تنتج عن عملية التكرير البدائية  ويعود ذلك كون سميّتها عالية جداً  فهي قد تؤدي إلى وفاة من يستنشقها، وتكمن خطورة هذين الغازين في أنهما بلا الرائحة، ويكفي استنشاق كمية قليلة منهما إلى إحداث تسمم مميت.

في هذا الإطار تُشير تقارير منظمة الصحة العالمية (who) الى نفوق مئات الأغنام في تلك المناطق، حيث يتم تكرير النفط بطرق بدائية، لكن الأمر الملفت للنظر هو تحوُّل الصوف الأبيض لقطعان الماشية(الغنم) إلى اللون الأسود، وقد تجاوزت الأثار السلبية لعميلة التكرير البدائية تلك، الإنسان والحيوان لتطال التربة والمياه السطحية والجوفية.. إذ يتحد غاز الكبريت المنبعث من النفط مع الأوكسجين الموجود في الهواء في ظروف الرطوبة العالية ليشكل أوكسيد الكبريت الذي يصيب النباتات والتربة بأضرار كارثية. حيث رأى المهتمون بالشأن البيئي في منطقة ضفاف الفرات، أن رمي المخلفات والبقايا النفطية بعد استخراج المشتقات، في الأراضي الزراعية أو الأنهار(الفرات-دجلة-الخابور)، انعكس على المزروعات فتلوثت التُرب، المياه الجوفية، وارتفعت نسب التصحر، وبذلك يكون الدمار الناتج عن عمليات التكيرر البدائية قد طال مختلف عناصر الوسط الحيوي.

هذا باختصار الضرر البيئي، الذي سببته طرق تكرير النفط البدائية، ذاته النفط الذي كانت تشتريه “لافارج”  من “النفيّطة” والفصائل الارهابية، التي قال عنها السيد فابيوس:   “إنها تُنجز شغلاً جيداً في سوريا”….اليوم وقد عرفنا ماهو الشغل الذي كان السيد فابيوس راضياً عنه، يحق لنا أن نتساءل :كيف يفكر هؤلاء(فرنسا، دول الاتحاد الاوربي التي  وعدت “النفيطة” والارهابيون، أن تشتري  كل ماينهبونه من النفط السوري بعد تكريره بطرق بدائية) بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا، وعن أي إعمار يتحدثون؟ ، ومن أين سيبدؤون، بعد أن أحرقوا كل شيء؟.

 

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This