الزلازل، التي تضرب إيران والعراق، تسابق الدقائق والثواني، وأخبارها تحتلّ المواقع الإخبارية العالمية والمحليّة.. وإذ أن تداعياتها واضحة للعيان من دمار وتهجير، إلا أن أضرار هزّاتها الإرتدادية أكبر بكثير، وتطال بشكل كبير سدود العراق المائيّة التي سبق وتم وقف العمل بثاني أكبرها وهو سد “دربندخان” في حين إن أهمها وأكبرها مهدد بين اليوم والغد بسبب توالي الزلازل.
وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه، في ظل هذه الوتيرة المتسارعة من الزلازل والهزات، هل هناك أي سد عراقي يستطيع المقاومة والصمود؟
الخبير … صاحب الربيعي يتحدّث عن زيادة وتيرة الهزات الأرضية في السنة المقبلة لدى ملء سد إليسو على نهر دجلة. وعلى الرغم من أن منطقة السد تقع في حزام الأناضول الزلزالي، إنما لقد تم بناء السدود على نحو تتحمل قوة زلزال تزيد على 9 درجة على مقياس ريختر.
في المقابل، فإن عمر السدود العراقية الإفتراضي على وشك الانتهاء، ومع عدم متابعة الصيانة الدورية والإهمال وضعف الكادر فهي مرجحة بحسب الربيعي للإنهيار في حال وصلت قوة الزلزال في شمال العراق إلى 7 درجات على مقياس ريختر.. أما سد الموصل، فالصيانة المتبعة في الحاضر ليست لانقاذه وإنما لتأخير توقيت انهياره، وباعتقاد الربيعي،فإن كل الجهود الحالية ستذهب هباءً في حال تعرض منطقة السد لزلزال تزيد قوته على 7 درجات على مقياس ريختر، وفي ظل عدم توافر الأموال لاستكمال سد بادوش ستكون الأضرار كارثية.
هل يمكن إستدراك الوضع أو لا حول ولا قوة؟
في هذا السياق، يشير الربيعي إلى أن الحاجة اليوم هي إلى دعم مالي دولي وإشراف شركات عالمية رصينة وخطة طويلة الأجل خاصة للسدود الشمالية، فكل الحكومات العراقية المتعاقبة لم تول الإهتمام الكافي لملف المياه. فعلى الرغم من أن السعة التخزينية للسدود العراقية انخفضت الى النصف والمتوقع ان يستنزف الاحتياط المائي عند ملء سد اليسو وحال عودة سوريا لاستغلال حصتها من نهر الفرات، فان احتمال انهيار بعض السدود سيكون تأثيرها ليس كبيراً.
وبالتالي فقد أنذر الربيعي باقتراب الكارثة سواء باحتمال انهيار بعض السدود أو بالجفاف، والتحذير بدء منذ عقدين من دون جدوى.
أين تكمن المشكلة اذاً؟
الربيعي الذي أصدر 22 كتاباً عن المياه في الوطن العربي فضلاً على كتاب مشترك مع باحثين عرب، كلها تحذر العرب من مستقبل كارثي على الزراعة والصناعة ومياه الشرب بالاضافة لحضور المؤتمرات واللقاءات مع المسؤولين السياسيين، يشير إلى أن بعد هذه الخبرة الطويلة يؤكّد أن الحكومات في واد والمختصين الذين أصابهم الملل في واد آخر.
وفي أبسط دليل على هذا الأمر، استطرد الربيعي للحديث عن واقعة حصلت معه عام 2012 حين تحدث مع احد اعضاء لجنة المياه والزارعة في البرلمان العراقي عن خطورة نقص المياه ومنها مياه الشرب.. فأجابه : ” يعني لو استوردنا يومياً 40 مليون قنينة ماء نحل المشكلة وسعرها ليس كبيراً”! إعتلت الربيعي الصدمة فخرج من المكان من دون أن يردّ بأي كلمة!!