هل يناقش مجلس الوزراء فعلا خطة توسعة المطامر غير النظامية في الكوستابرافا وبرج حمود – الجديدة؟ وهل يستشعر الوزراء أنها الخطة التي نبهنا منها منذ يوم إقرار هذه المواقع في الحكومة السابقة على أنها خطط جاهزة لردم البحر؟ وأن خرائطها موجودة في أدراج مجلس الإنماء والإعمار منذ سنوات طويلة؟
تسهيلا للنقاش الجدي نتقدم بهذه الملاحظات الأولية على وثائق مجلس الإنماء والإعمار المقدمة لمجلس الوزراء بشأن توسعة مطامر الجديدة وبرج حمود والكوستابرافا، وما يرافقهما من إنشاء لمعمل للتسبيخ في الكوستابرافا ومحطة لمعالجة المياه المبتذلة (تطوير محطة الغدير). ومن جهة أخرى تطوير معملي الفرز في الكرنتينا والعمروسية.
1- إن هذه الوثائق تثبت بما لا يدع أي مجال للشكك، أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة تستثمر في أزمة النفايات لتحقيق أهداف أخرى متعلقة بردم البحر، واستحداث مساحات بملايين الأمتار المربعة من الواجهة البحرية. يظهر هذا على أنه الهدف الحقيقي المبتغى من هذه المشاريع، الممولة من المال العام تحت حجة إنشاء مطامر مؤقتة للنفايات، تتسع للكميات المتولدة خلال السنوات الأربعة. فترة الأربع سنوات هي الفترة الضرورية للتحضير لإنشاء وتشغيل المحارق.
2- المحارق هي الاستراتيجية الجديدة للحكومة بعد استنزاف استراتيجية المطامر، وتحقيقها الكثير من غاياتها في نهب المال العام، ووضع اليد على مساحات هائلة من الواجهة البحرية عبر مشاريع ردم البحر، في الجديدة وبرج حمود والكوستابرافا، وكذلك في صيدا، وربما في طرابلس وأماكن أخرى في مراحل قادمة.
3- إن التوأمة بين طمر النفايات ومشاريع ردم البحر توفر لهذه المشاريع التخلص من العصارة دون أي معالجة، وبالتالي أي كلفة للمعالجة، في البحر مباشرة. وهذا ما يشكل مخالفة كبرى وسببا لتلويث كبير للمنظومة البيئية البحرية، وتدمير التنوع البيولوجي في بحرنا وعلى شواطئنا. هذا الواقع لاحظناه خلال الأعمال الإنشائية لمطمر الكوستابرافا، حيث تم إبقاء الجدار الغربي للمطمر دون عزل، وقابل لتسريب العصارة إلى البحر عبر الجدار الصخري. ولذلك نسميه “مطمر غير نظامي”.
4- إن موقع الكوستابرافا هو غير مناسب كليا لهذه المشاريع، إن لناحية إقامة المطمر وتوسعته ليصبح قابلا لاستقبال ملايين الأطنان من النفايات، أو لناحية إنشاء معمل للتسبيخ، وذلك بسبب ملاصقة هذا الموقع لمطار بيروت، وخصوصا للمدرج الغربي، حيث يشكل مصدرا لمخاطرة كبيرة تهدد سلامة الطيران المدني.
5- إن المعمل المقترح إقامته في الكوستابرافا يخطط لأن يعمل وفق التقنية التقليدية القديمة (Tunnel technology) بقدرة 750 طن يوميا. وتؤكد الوثائق أنه نسخة مطابقة عن معمل الكورال، الذي أثبت عجزه التقني وفشله الذريع على مدى أكثر من عشرين عاما.
6- يلاحظ أن هناك استمرارا في الإصرار على استعمال النفايات المتراكمة في برج حمود والجديدة في عمليات ردم البحر. كما يتم الإشارة إلى أن هذا الأمر يمكن له أن يتكرر أيضا في ردم المساحات الملحوظة للتوسيع في مطمر الكوستابرافا أيضا. وهذا يشكل مخالفة صارخة لالتزامات لبنان حيال إتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث.
7- يشار إلى إمكانية استعمال جزء من النفايات القديمة لمكب برج حمود (650.000 متر مكعب)، التي يسمونها زورا ردميات، في أعمال ردم البحر في الكوستابرافا مع عمليات التوسعة المقترحة.
8- الخيار الثاني لتوسعة الكوستابرافا، الذي ينصح به مجلس الإنماء والإعمار، هو أيضا على مقربة كبيرة من المدرج الغربي لمطار بيروت حيث المسافة لا تزيد عن حوالي 200 متر فقط. إن مراسلة مجلس الإنماء والإعمار تقوم بالتخفيف من مخاطره المحتملة على سلامة الطيران، خلافا للحقيقة.
9- يطرح المشروع تجفيف المواد العضوية في المعمل الجديد في الكوستابرافا وحرقها، بعد تشغيل المحارق، كبديل للتسبيخ، على الرغم من كلفتها العالية بحجة أنها تتم بوقت أقل من التسبيخ. نلاحظ هنا تغييب كامل للرؤية البيئية، التي تدعو إلى تحويل النفايات العضوية إلى مواد عضوية لتحسين التربة (تسبيخ) بدل حرقها وتلويث الهواء، وتحويلها إلى ملوث كلي للغلاف الجوي للكرة الأرضية مسبب للاحتباس الحراري وتغير المناخ (CO2 )، وتلويث كبير للهواء الجوي بملوثات ذات آثار ضارة تهدد الصحة العامة.
10- الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع هي حوالي 223 مليون دولار أميركي، وهي ليست حلا مستداما للنفايات، بل هي لتقطيع المهلة الفاصلة عن موعد تشغيل المحارق بعد أربع سنوات حسب مخططاتهم، التي ستكون أكثر تلويثا وتهديدا للصحة العامة وأكثر هدرا للمال العام.
11- هذه الأموال التي تقتطع من مال الشعب اللبناني، هي أكثر من كافية لإرساء استراتيجية الادارة المتكاملة، والسليمة بيئيا والآمنة صحيا للنفايات الصلبة في كل لبنان.