على ما يبدو، بدأ التغيّر المناخي يؤثّر في شكل كبير على الفصول في لبنان، تمدّدها أو تأخرها، وأكبر دليل على ذلك ما نلحظه اليوم من غياب للمتساقطات المطرية من جهة ، إرتفاع الحرارة أعلى من معدلاتها الموسمية، وتفتّح براعم الأزهار وكأننا في فصل الربيع من جهة أخرى.
لم يعد من المستغرب ملاحظة تلك التفاصيل المتعلقة بالتغيّرات المناخية، إلا أن القلق واجب وضروري في هذا المجال، بحيث أن كمية المتساقطات المطرية لهذه السنة أقلّ من تلك المسجّلة في العام الماضي. من جهة أخرى، يجمع خبراء بيئيون على أن غياب الأمطار في هذا الوقت من السنة لا يدعو لدق جرس إنذار التصحّر أو الجفاف، إنما يدعو بشكل أو بآخر إلى القلق وانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في شهري كانون الثاني – يناير وشباط – فبراير من العام 2018، لأن اللبنانيين اعتادوا في السنوات الأخيرة أن يتأخّر مجيء فصل الشتاء عن عادته وإطالة مدته وبالتالي انتهاء أمطاره.
وبالتالي فقبل الحديث اليوم عن تخوّف من جفاف أو تصحّر، يجب التنبّه إلى حالة الطقس في الشهر المقبل على أمل أن يسجّل تفاؤلاً في عودة مسار الأمور إلى مواسمها الحقيقية.
مواقع مراقبة أحوال الطقس أجمعت على طقس شبه دافىء في اليومين الحاليين لتبدأ الأمطار يوم الجمعة، على أن تستمر لحوالى خمسة أيام.
وبينما تحدّث البعض عن رياح سيبيرية مقبلة، أشارت مصلحة الأبحاث الزراعية إلى أنه لا صحة لما يشاع عن رياح قطبية من سيبيريا ستصل الى لبنان، لأنه ولغاية الآن فان المؤشرات تتجه الى منخفضات خفيفة مع أمطار قليلة وثلوج خفيفة على ارتفاعات عالية مما يعني نقص الأمطار والثلوج مما قد ينعكس سلباً على وضع المياه خلال العام 2018.
في التفاصيل، أشارت المصلحة إلى أن لبنان يتأثر بطقس حار لغاية عصر الجمعة 22/ 12 أكثر من المعتاد يليه منخفض جوي متوسط الى خفيف الفعالية، يبدأ تأثيره مساء الجمعة ويستمر لغاية يوم الثلاثاء 26/ 12 مع انخفاض درجات الحرارة، هطول امطار متفرقة – رياح قوية قليلاً يوم السبت وثلوج على ارتفاع 1800 متر ولغاية الآن لن يتسبب هذا المنخفض بعواصف ثلجية.
من جهته،أفاد المتخصص بمتابعة أحوال الطقس الأب ايلي خنيصر عن وجود صراع بين أقوى مرتفع جوّي في النصف الكرة الأرضية الشمالية وبين “المنخفض الإيسلاندي” الذي يمدّد قواه من بريطانيا والدول الاسكندينافية نحو شمال أوروبا وشمال غربي روسيا، محاولاً قطع إمداد القطب الشمالي بالرياح الجليدية عن المرتفع السيبيري التي تزيد من رفع قيم ضغطه، ما يؤدي الى شلله في القسم الغربي لقارة آسيا ويعزّز قواه فوق سيبيريا والصين 1045hpa.
وأضاف: عندما نقول “صراع الجبابرة” نعني بالقول صراع الضغط الجوّي ما بين القيم المرتفعة والقيم المتدنية التي تتلاعب بشكل سريع وملحوظ بحركة سير المنخفضات والكتل القطبية، وتسبب ضياعاً في استقرار النماذج العالمية.
في المختصر، فإنه بحسب خنيصر من المنتظر ان تتوجه الكتل الرطبة نحو المتوسط، من البحر الأدرياتيكي ومن شمال الجزائر، نهاية الأسبوع وتعيد مجرى الخير نحو الشرق الأوسط ، بغزارة، الأمر الذي سيتضح في الأيام المقبلة.
لا أحد يمكنه التكهّن بأحوال الطقس وتغيراتها على المدى البعيد، إلا أن التوقّعات بجفاف قد يطال لبنان في العام 2018 قد تكون اليوم في محلّها، بانتظار الفرج الذي سيسقط الأمطار من جهة ويبرّد مخاطر التخوّف من جفاف قد يزيد من مشاكلنا البيئية من جهة أخرى.