لا كلمات تعبّر عن مدى الحزن الذي ينتابنا عند فقدان أغلى الأشخاص على قلوبنا، فكيف بطفل فقد أحد والديه؟  ما هي التأثيرات النقسية  والجسدية وهل من وسائل دفاعية كي يتخطى الطفل ألم الفراق بسلام؟

قد يتناسى الطفل و لا ينسى

لا أحد يمكن أن يحلّ مكان الأم، ف يكون وقع فقدانها على الطفل قاس جداً، في هذا الإطار أوضحت نقيبة  المعالجين النفسانيين  الدكتورة ماري انج نهرا لgreenarea.info:” ان التعاطي مع الطفل  في تلقي اي فاجعة يختلف حسب عمره ، لذلك يجب قول الحقيقية الكاملة له بطريقة مدروسة لتقبل واقعه المرير. فاذا كان في عمر خمس سنوات  فهو لا يستوعب البعد الروحاني للموت  بل علينا ان  نمهد له انه هناك امورا في الحياة من الممكن ان  نتعلق فيها و نخسرها كذبول الورود  دون حدوث صدمة  له.  فالطفل في عمر ثلات او اربع سنوات لا يستوعب صدمة الموت  بينما في عمر ست  سنوات يستطيع فهم  المعلومات التي نخبره  عنها  حول  حقيقة الواقع المحزن والموت مع أهمية  التركيز على البعد  الروحاني من هذا الجانب  الذي  هو مهم  للغاية  لكي نخفف عليه  وطأة الفاجعة. وذلك في ربطنا الموت بحياة  أخرى  لأنه حكما بفعل نعمة الانجاب، فإن  فراق الأم يوجع  اكثر وتاثيره اكبر بمعنى  ان التاثير النفسي على الطفل  يكون وقعه اقوى حسب من يكون المرافق اليومي له. حيث  يكون  الطفل  اما متعلقا  بامه او بوالده و يتاثر بهذا الاخيروفراقه له موجع ايضا بمعنى ان الشخص  القريب  له مكانة عند الطفل ويصبح موجعا كثيرا عندما يغيب عنه. الأمر الذي يسببّ لديه   الحرمان العاطفي، لو مهما اتى شخص اخر ليحل مكان والدته على سبيل المثال فسيظل هناك رابط مع  الشخص الغائب ومكانه محفوظ  في القلب الموجوع  الذي قد يتنساه  ولكن  لا ينساه.  فصحيح انه يتاقلم مع المجتمع  لكنه يطمر في داخله الالم النفسي، الا أنه عندما ينزوي  لوحده يرجع الى وجعه النفسي الاليم، فالعلاقة مع الام فيها تاثير كبير فكيف اذا كان الامر مرتبط بالفراق  الذي يتأرجح وقعه حسب درجة التعلق.”

الا ان الابرز ما توقفت عنده  الاختصاصية في المتابعة النفسية الجسدية شنتال  خليل ل greenarea.info:” ان  الاطفال في كل الاعمار يتاثرون عند فقدان احد  أفراد أهله، فاذا خسر المولود الجديد امه لا يكون عنده الوعي الكافي لكي يعرف مدى تاثيره على غيابها الا انه بالمقابل تبدا علاقة الطفل  بامه مميزة فيتعلق بها  من عمر سنة و نصف كيانا و جسما واحدا مع امه  كونها مصدر مهم للحنان والعاطفة  له. فاي شي تتعرض له والدته سواء على سبيل المثال الاصابة بالسرطان فمن الضروري ابلاغه حقيقة ما يجرى كي لا يشعر بالصدمة فاذا خسرها علينا  تحضيره نفسيا  بما يجري حوله لانه من غير الصحيح اخفاء المشاعر الحزينة على  الولد بل يجب تقوية المناعة النفسية  لديه و تعزيزعنده  قدرة الاستيعاب و التاقلم  شرط  ان يكون الولد محتضنا في  عائلته  داعمين له فكرة انه اذا تم فقدان الشخص  بالجسد يبقى التواصل الروحي  الاقوى .كما و انه  قبل عمر 8 سنوات لا يستوعب  فكرة فقدان والدته  الأمر الذي يتطلب من الجميع إحتضانه والتفسير له له انه في حال فقد شخص بالجسد فبالروح لا نفقده و ذلك بطريقة مبسطة  كونه لا يفهم ما يجري حوله لان قدرة عقله الاستيعابية لا تستطيع فهم  ما يجري. ”

و اضافت خليل :” كل شريحة من اعمار الطفل لها القدرة الاستيعابية ووعي  كاف بما يجري حولها دون  اللجوء الى الكذب على الولد  على سبيل المثال من عمر 9 سنوات يستطيع ان يستوعب خسارة والدته  لان عنده قدرة الاستعياب شرط  تحضيره حول  فكرة الموت من عمر صغير بالبراهين على سبيل المثال  نقول له  اذا خرجت السمكة  من المياه تموت لانها  توقفت عن التتنفس  . هذه الصورة تطبع في راسه  عن حقيقة ما يحصل حول الموت دون  الكذب عليه ان والدته مسافرة او “طلعت على السماء ” بل تحضيره نفسيا و احتضانه من الاقارب  لكي يتقبل اكثر  خسارة والدته واستيعاب واقعه المرير حول  ما حصل له وان الحياة تستمر . كما وانه  على الأب الدور الأهم في دعم الطفل بالعاطفة والحب من  دون منعه من التعبير عن مشاعره   واخراج  ما في داخله من كبت  والم  نفسي يرافقه في حال فقد ابوه اي فقد مركز الحماية لديه  .”

العمل على تخفيف الصدمة

من جهة أخرى أوضحت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ادي شكورلـ greenarea.info :ان “المهم اعلام الطفل بالحقيقة حسب عمره و استعمال كلمات داعمة له  حيث يستطيع ان يتقبلها بسهولة  من دون الدخول في التفاصيل عن  الحالة المرضية  لاحد المقربين له.  حيث نتكلم معه عن الموت بطريقة غير صادمة دون كذب او مواربة  مع القاء الضوء  على سبيل  المثال ان  الام  اذا توفيت نتحدث عنها بالشيء  الايجابي  ليتعايش مع القصة الاليمة بسلام كونها  سترافقه الى حين يكبر،  لذلك من المهم جدا معالجة الصدمة  عليه وزيادة  التوعية لديه التي تحتاج الى اختصاصي  في علم النفس لتحفيزها عند الطفل كي يتخطاها بسلام.”

بدوره شدد الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان بستاني عبر ال greenarea.info على : “ان طاقة التحمل عند الطفل  تكون حسب  الوضع  الشخصي المصاب به و  عملية التأثر  مرتبطة  بعمر معين و مدى تفاعله حسب شخصيته  اذا كان عاطفيا  ام  عنده شخصية قوية كل واحد عنده مقاربة مختلفة عن غيره  اي يعني انه  ليس هناك قاعدة  واحدة عند  الجميع كما و ان  درجة التأثر تكون حسب الفئة العمرية  وقدرته على تحمل اي حدث يتلقاه.”

تحصين المناعة العاطفية

الى راي الاختصاصي في علم النفس الدكتور نبيل خوري الذي شدد عبر ال greenarea.info   :” ان  مرحلة  فقدان الام او الاب  لدى الطفل تسمى  مرحلة حزن حيث  في البداية لا يصدق فكرة الموت حسب عمره و بعدها يمر في مرحلة  تمرد  الى ان يلجأ  الى  الصلاة و مرحلة لوم النفس و رمي الحجج  الى حد الانهيار النفسي  في حال لم يتم دعمه لتكون المرحلة  الاخيرة فكرة تقبل الواقع المريرالتي تحتاج الى 6 اشهر كي يقتنع بما هو عليه.”

الا ان الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور  سمير جاموس اعتبر ان  تعزيز الدعم المعنوي  مهم للغاية وقال لgreenarea.info: ” من المفروض  ان نبعد الطفل  عن مصادر الحزن  كما ان فكرة الموت لا يفهمها بسهولة فكلما كان عمرالولد صغير كلما كانت مناعته العاطفية  للمواجهة اصعب فالولد لا يجب ان يعرف ان والدته ستموت  امامه بفعل المرض لان سيكون  وقع ذلك كبيرا عليه لذا يجب  تحضيره نفسيا في حال خسارة احد من افراد عائلته .”

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This