“مش أصل أوّلتي أصل آخرتي، ربّيت وما لقيت ” تلك العبارات نسمعها كثيرا عندما يخيب أمل كبير السن بأولاده عندما يتركونه وحيداً في مأوى للعجزة. وبين ظروف الأولاد الإجتماعية من جهة وسوء معاملتهم لأهلهم من جهة أخرى، قد يقع كبير السن ضحية مأوى لا تتوفّر فيه الشروط الصحية والنفسية فضلاً عن الرعاية الصحية. وقد تم مؤخراً إقفال مأويين للعجزة غير مطابقين لمواصفات العيش الكريم. فإلى أي مدى هنالك رقابة فعلية على دور العجزة التي في أغلبيتها محصنة طائفياً وسياسياً؟
عدد من الماوى غير مجهزة تم ضبطها
تشير “الأمم المتحدة” إلى أن سكان العالم يشيخون، إذ يشهد كل بلد تقريبا في العالم نمواً في عدد ونسبة كبار السن في عدد سكانه. ومن المنتظر أن تصبح الشيخوخة واحدة من التحولات الاجتماعية الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين، حيث ستؤثر على جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الاجتماعية وكذلك الهياكل الأسرية والعلاقات بين الأجيال.
أمام هذا الواقع الدقيق توقف الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور جورج كرم في حديث ل :greenarea.info “على اهمية تطبيق قانون اميركا او اوروبا لحماية المسن في دار العجزة، والذي يجبر كل مأوى عجزة ان يكون فيه اختصاصي في الطب النفسي، الأمر غير المتوفّر في لبنان لسوء الحظ.
انطلاقا من ذلك، يشير كرم إلى أنهم كهيئة وطنية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وضعوا شروطاً أساسية على كل مأوى الإلتزام بها ومن أهمها ضرورة وجود إختصاصي شيخوخة وطبيب نفسي في المركز، لأنه قد تبيّن أن نسبة 50 في المائة من المسنين مصابة بالايزمرس أو الخرف ويعانون من عوارض قد توصلهم إلى حد الإنتحار. لذلك تحاول الهيئة القيام بدورات تطبيقية لتأهيل العاملين في كل مأوى على كيفية التعاطي مع المسن وضمان المعاملة الجيّدة. وأمام أصحاب دور العجزة مدة سنة للإلتزام بالمعايير التي وضعتها وزارة الشؤون الإجتماعية تحت طائلة فسخ العقد في حال عدم الإلتزام لأن الدعم النفسي اهم من الجسدي كون 80 %من المشاكل عند المسن هي نفسية . فضلاً عن إكتشاف ماوى للعجزة في احدى المناطق الجبلية لا يقوم بالتدفئة المركزية الأمر الذي يساهم في إصابة المسنيين بعدة أمراض تنيجة البرد القارس.
مطلوب حملة توعية لدعم المسن
من جهته يقول رئيس جمعية طب الشيخوخة الاختصاصي الدكتور ناظم باسيل ل greenarea.info :” انه يجب ان تتوفرالشروط الصحية اللازمة في كل دور العجزة سواء في المعاملة الجيدة مع المريض المسن، كما وانه على اهله والمجتمعات والمسؤولين معا الالتزام في الوعي الكامل في ادراك المعاملة للمسن خصوصا في ظل غياب التوعية حول حقوق المسن على الصعيد الإعلامي. فكرامة المسن و معاملته تقف احيانا عند الكلمة الجارحة او سوء تصرف تجاهه حيث لمسنا حالات من انهيارات عصبية عند المسن ترجمت في رفضه تناول الاكل وغير ذلك من ردات فعل سلبية، بينما العلاج هو بسيط الا و هو الاهتمام الذي يجب ان يكون ليس فقط جسديا بل نفسيا .”
اما الاختصاصي في طب الشيخوخة الدكتور نبيل نجا فاعلن ل :greenarea.info”انه ” بات هناك مراقبة فعلية على كل المؤسسات الاجتماعية لدور العجزة حيث وضعت المعايير الاساسية للالتزام بها و أقفلت البعض منها وذلك بناء على طلب لجنة شكلت في وزارة الشؤون الاجتماعية تحت اطار الهيئة الوطنية في شؤون الاجتماعية التي تضم اكاديمين من اهل الاختصاص في طب الشيخوخة التي تشدد على ضرورة التزام دور العجزة بالمعايير الدولية لحقوق وكرامة المسن وتعتبار سلامته اولوية، فضلاً عن اهمية الكشف المستمرعلى المراكز الصحية الاجتماعية التي تعنى بشؤون المسن .”
احتضان المسن كي لا يصل الى الانتحار
الا ان الاختصاصية في المتابعة النفسية الجسدية شنتال خليل فركزت على اهمية محاوطة المسن من قبل اهله و دعمه نفسيا تجنبا الوصول الى مرحلة الاكتئاب و بعدها الانتحار مما قالت ل greenarea.info : “هناك الكثيرمن الدراسات التي برهنت اهمية تاثير التعامل مع المسن حيث لوحظ ان نفسية المسن تتراجع الىالوراء في حال وضع في المأوى وحالته الصحية تتراجع و نسبة الوفاة عنده تكون اسرع مما هو عليه اذا كان محتضناً في منزله و محاطاً من قبل اهله. الا انه بكل اسف نجد ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها اولاد المسن من سفر احيانا للبحث عن العمل و ايضا الوضع المادي الدقيق لديهم يحتّم عليهم وضع اهاليهم كبار السن في دور عجزة قد لا تتوفر الشروط الملائمة في البعض منها وقد لا تقدم المعاملة الجيدة للمسن، فضلاً عن النقص في الموظفين في ظل غياب التعاطي الانساني مع المسن كونه بالنسبة لهم مجرد رقم، فيهملونه جسديا دون الاعتناء به الى حد ان يصاب بالعقر في اطراف جسده على سبيل المثال .”
و اضافت خليل :” انه كلما يكبر الانسان في العمر يطبع في دماغه شريط من ذكريات الماضي التي بالنسبة له هي كنز لا يعوض في منزله ومع اهله واولاده. لذا اذا وضعناه في المأوى يعني نزعناه عن اجمل ما يحتفظ فيه في منزله خصوصا اذا تعرض لسوء معاملة او تجريج في الماوى. عندها يشعر بخيبة عاطفية و يفقد الامل في الحياة ليخسرهدفه و تصبح ذكريات الماضي اليمة. ومن شدة الضغط النفسي يتوقف عن الاكل ويفقد حماسه في البقاءعلى قيد الحياة الى حد عزل نفسه نتيجة سوء المعاملة من اولاده ليشعرونه انه عالة عليهم، الأمر الذي يولّد مشاكل في العائلات. ان هذا الضغط النفسي الذي يعيشه المسن وسوء المعاملة من اولاده نتيجة التهميش بدل احاطته معنويا تضعف لديه الجهازالمناعة. وبالتالي فإنه من اوليات الحل يجب على الدولة تعزيز ضمان الشيخوخة لان هناك الكثير من دور العجزة ترفض علاج للمسن بسبب قلة توفرالاموال .”
اما الاختصاصية في طب العائلة الدكتورة الين طعمة فاكدت على ضرورة العناية بالمسن لانه معرض لعدة امراض نظرا لمناعته الدقيقة حيث قالت لgreenarea.info :”من أهم الأمراض التي يتعرض لها المسن، كثرة الإلتهابات، إضافة إلى احتمال كبير بتعدد وقوعه أرضاً بالتالي تعرضه للكسور، عدا عن الأزمة النفسية التي يعيشها بأنه قاو بتربية أولاده دون أن يجد أي منهم بقربه.
اما وزارة الشؤون الاجتماعية فأكدت ل greenarea.info انها تعمل ضمن معايير خاصة تجبر فيها دور العجزة على الإلتزام بالشروط الصحية الملائمة عدا عن التدريب المستمر للعاملين فيها مع أهمية الحفاظ على حقوق المؤسسات الاجتماعية .