وفقاً لتقارير متعددة، إن النفايات البلاستيكية ستغزو محيطات العالم في السنوات المقبلة. هذا الخبر ليس بجديد على أحد وخصوصاً على خبراء البيئة، وإن اعتاد بعض الناس على تقبّل الواقع على طريقة ” عيّشونا من هلق لوقتها”، فإن البعض الآخر يتأثّر بواقع قاسي ويتخوّف من المستقبل الذي قد يضيع لأسباب يمكن تفاديها.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يضرب به المثل كونه عدو البيئة اللدود، وفي بعض الأحيان قد يكون عدوّ البشر، ربما يعيش كل يوم بيومه دون أن يتأثر بتداعيات الإحترار المناخي وأضرار الوقود الأحفوري الذي يدعمه بمختلف الطرق المتاحة.
في المقابل، وفي حين أن لبنان، حكومة وشعباً، يتخبّط لإيجاد وسائل بيئية صحية لمعالجة مشكلة النفايات، ها هو اليوم يطرح حلولاً تضعه في صفّ الرئيس الأميركي المعادي للبيئة والصحة. وإن لم تنذر حالات السرطان المرتفعة بين أبناء الوطن المسؤولين في لبنان، فلن يردعهم أي شيء. وها هم قد أقروا بالأمس القريب خطة معالجة للنفايات، اعتبرها وزير البيئة طارق الخطيب “بشرى سارة للبنانيين” ، نعم بشرى سارة باقتراب إختناقهم وإصابتهم بمرض السرطان الذي ينهي حياتهم قريباً ويخلّصهم من تلوّث الحياة وصخب سمسرات أصحاب المعالي والسيادة!
أميركا من جهة ولبنان من جهة أخرى، وأمثلة كثيرة قد تأتي من هنا وهناك، إلا أن التفاؤل بالخير يوجده، وها إن رئيسة وزراء بريطانيا تعلن الحرب على النفايات البلاستيكية خدمة لوطنها أولاً وللعالم ثانياً .
محارق لبنان ومطامر نفاياته ستؤثّر على أبنائه أولاً، أما خطة بريطانيا فهي خدمة للإنسانية جمعاء .. لماذا؟
المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس أطلق صفّارة إنذار مدوّية في تقاريره الدورية محذّراً من أنه خلال الـ 36 عاماً المقبلة، ستتخطى نسبة المخلفات البلاستيكية في المحيطات الحيوانات البحرية!
ينقل التقرير واقع الحال الذي يشير إلى أن حوالى ثلث المواد البلاستيكية التي نُنتجها يتسرب إلى البيئة، وأن معظمها ينتهي بها المطاف في المحيطات، حيث تؤكل من قبل الحيوانات البرية، أو تصبح قمامة عائمة في المحيط.
فضلاً عن ذلك، إن المحيطات ليست هي الوحيدة التي ستعاني من مشكلة المخلفات البلاستيكية. بل إن تقرير نشر في واشنطن بوست يشير إلى أن نسبة إنتاج البلاستيك تصل الى 6 في المائة من الإستهلاك العالمي للنفط، وهو الرقم الذي سيصل إلى 20 في المائة بحلول العام 2050.
بريطانيا، تحاول منذ سنوات التخفيف من نسبة النفايات البلاستيكية بشتّى الطرق، فكانت أولى المبادرات إنتاج مواد صديقة للبيئة لرصف الطرق طورتها إحدى الشركات البريطانية من حبيبات بلاستيكية يتم إنتاجها من خلال إعادة تدوير مخلفات المنتجات البلاستيكية لتحل مكان مادة البيتومين المستخرجة من النفط الخام التي لطالما شكّلت الأساس في رصف الطرق عبر مزجها مع الحجر الجيري الصغير والصخور المفتتة.
وبحسب تقارير إعلامية فقد بدأ بالفعل الاستخدام التجريبي لهذه المادة في بعض الطرق البريطانية، حيث يمكن مشاهدة طرق مرصوفة باستخدام “إم.آر 6” في مناطق “كومبريا” و”جلوسيستر” بانجلترا.
وفي جديد الحرب على النفايات البلاستيكية، أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي منذ يومين إنها ستقضي على مخلفات البلاستيك غير الضرورية بحلول عام 2042، وذلك في إطار “خطة عمل وطنية”.
وإذ كشفت بذلك عن جدول اعمال بيئي جدبد، أعلنت أولى الإجراءات المتمثلة بتمديد العمل بتحصيل خمسة بنسات من العملاء عن كل كيس بلاستيكي لا يمكن استخدامه سوى مرة واحدة ليشمل كل متاجر التجزئة وتخصيص ممرات بالمتاجر الكبيرة للطعام غير المغلف وزراعة غابة شمالية جديدة.
وافق النواب على هذه الخطة ودعوا إلى المزيد من التشدّد، فوعدت ماي أن حزبها سيعمل على أن يصبح ” جيلنا أوّل جيل يترك البيئة الطبيعية في حالة أفضل مما وجدناها عليها” .
قد يكون أمل ماي كبيراً، وربما تحقيقه صعب، إنما لا شيء مستحيل أمام إرادة قائد وشعب ، والأيام المقبلة كفيلة بجعل بريطانيا مضرب مثل إيجابي أو سلبي !