عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان، وفي لبنان لا يهان إلا الشعب اللبناني الذي يضرس في حين أن الزعماء يأكلون الحصرم.
في ظل عهد جديد وعد بالإصلاح والتغيير، يتخيّل للمواطن اللبناني في سياق بعض المواقف المسجّلة لصالح العهد أن “الدنيا بألف خير”، وما أن تعود إلى الواجهة مشكلة قديمة أو تظهر أخرى جديدة، إلا وتهتزّ الثقة من جديد.
الجدير ذكره أن مختلف الأزمات التي يعاني منها الشعب اللبناني اليوم ليست جديدة، بل متجدّدة، وأكبر دليل على ذلك أزمة النفايات التي رفعت إسم لبنان في وسائل الإعلام العالمية، فبات عنوان كل يوم بسبب تعايش اللبنانيين مع “نقمة” النفايات التي ساهمت بتحقيق “نعمة” السبق الصحفي لوسائل إعلامية عالمية قد تكون لم تتحدّث عن لبنان من قبل حتّى.
مشاهد النفايات على شاطىء نهر الكلب وزوق مصبح، من أقوى المشاهد الذي سجّلت في العهد الجديد الذي سلّم أمانة الحلّ لوزير بيئة أقل ما يقال عنه أنه يعيش في عالم آخر، غير مستعجل على شيء. وعند كل أزمة مستجّدة إما يضع المسؤولية على الوزراء السابقين أو مجلس الإنماء والإعمار، أو ينتظر نتائج الدراسات.. “إيه على مهلك معالي الوزير”!
لا يغفل على أحد أن المشكلة متوارثة، وأن من خلف الوزير الحالي في وزارة البيئة لم يقم بواجبه تجاه هذا الأمر، إلا أن النفايات المتراكمة منذ سنوات، كانت واضحة المعالم كما متطلبات الحل لدى تكليف الوزير طارق الخطيب إدارة شؤون وزارة البيئة، فوعد مراراً وتكراراً بحلّ لم يلح في الأفق حتى الآن.
في ظل كل ما يحصل من مشاكل سياسية، إقتصادية وغيرها، يجب أن تكون أزمة النفايات من الأولويات ليس فقط على طاولة مجلس الوزراء بل في بال كل المعنيين من رئيس الجمهورية إلى أصغر مواطن في لبنان. فبينما يركّز الجميع على الشق الإنمائي في هذا المجال، إلا أن أزمة النفايات تحوي داخلها كل النواحي الحياتية، وأولها الصحية والإقتصاديّة .
في المقابل، فإن المهاترات والمزايدات هي سيدة الموقف والمسؤولية تتوزّع على مختلف أفراد المجتمع.
ألأكيد في هذه الأزمة أن فئة محدّدة من السلطة الحاكمة، طوال السنوات التي مرّت، هي التي سبّبت المشكلة .. تنصّلت ورمت الكرة في ملعب غيرها! وبالتالي فعليها يقع اللوم والمسؤولية!
الفئة الأخرى حاولت حل المشكلة بصفقات أقل ما يقال عنها أنها مشبوهة، قدّمت حلول مؤقتة، بنّجت الشعب اللبناني، أسكتت الأصوات .. استفادت في كل الحالات، ثم رمت الكرة في ملعب غيرها! وبالتالي هي مسؤولة أيضاً!
مجموعة أخرى لحظت تلك الصفقات، عارضت علنياً ورضخت ضمنياً، وتحت عنوان ” حكلّي تحكّلّك” استوت الطبخة وباتت هي أيضاً مسؤولة!
المجموعة الأخيرة هي تلك التي تتّبع مقولة ” خالف تعرف”، فاستعملت في مختلف المحطات كل الهفوات لأهداف إنتخابية عبر بروباغندات سياسية أوصلت كل من هم في السلطة اليوم إلى مواقعهم!
أما المسؤولية الكبرى فتقع علينا نحن، الشعب المسكين، الذي سمح لكل المجموعات والفئات السابقة بسلبه كرامته، آرائه وحياته، غصباً عنه لأنهّم جوّعوه كي يستملكوه فيعتمدون بذلك آلية التحريك الروبوتي، لمنع أي مواطن حر وشريف من الخروج من تحت عباءتهم أو رعايتهم وإلا ” بتروح عليه” .
أليوم، اعتمدت غالبية الفئات على مقولة ” كبّ بالبحر”، فرمت نفايات البلد التي لم يجدوا أي حلول لها في البحر الذي طفح كيله، فأعادها إلينا!
في ظل عهد جديد وعد بكل إصلاح وتغيير، يبدو أنه عند الإمتحان أهينت كل أطرافه فأخفقت الدولة إخفاقاً ذريعاً ورضخت للمصالح المالية الكبيرة ولم يبق للشعب اللبناني إلا أن ينحاز لأغنية زياد الرحباني ” قوم فوت نام وصير حلام إنو بلدنا صارت بلد” !!