تهدف اتفاقية باريس للمناخ إلى جعل ارتفاع حرارة الأرض لا يزيد عن درجتين مئويتين. وذلك من خلال كبح انبعاثات الغازات الدفيئة من إحتراق الفحم والزيت والغاز الطبيعي، الذي تستهلكه الشركات الراسمالية العملاقة. كذلك وضعت الاتفاقية، التي قدم مشروعها النهائي، يومذاك، السيد “لوران فابيوس” كحدٍ أدنى مبلغ مئة مليار دولار أميركي، تقدم سنوياً، لمساعدة الدول النامية لتخطي المشاكل المناخية، ولكن السؤال هنا ماذا يقصد “فابيوس”  بالدول والبلدان النامية ؟؟.

 

وكان قبله الرئيس الأميريكي “هاري ترومان” أول من استعمل مصطلح “الدول النامية” وذلك في عام 1949 وخاطب حينها المجتمع العالمي لمساعدة هذه الدول للخروج من التخلف والفقر، وفي العام ذاته أمر “ترومان” بإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان، ما أدى يومها الى مقتل مائة وخمسون ألف شخص، إضافة الى ستون ألف جريحٍ، وألاف المشوهين، مع إبادة كاملة للتنوع الحيوي والبيئي هناك.

اليوم وبعد مرور سبعين عاماً على كذبة  “ترومان” تلك ، جاء “ترامب” ليؤكد أن حكومات الدول التي قامت أصلاً على جماجم الهنود الحمر، لن تتغير، وذلك باعلانه انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ مدعياً أن الاتفاقية بالصيغة التي وقع عليها سلفه “أوباما” ، كانت ظالمة جداً للولايات المتحدة، وبأنها تسعى الى: “إعادة توزيع ثروة الولايات المتحدة لصالح دول أخرى” كان يقصد تلك الدول التي وقعت على الاتفاقية وهي بمعظمها بلداناً نامية وفقيرة.

ما يدعو للسخرية هنا، هو أن ترامب قرر مؤخراً، العودة عن قراره ذلك ولكن بشروط قاسية، تُسَهِل عمل الشركات الرأسمالية، وتبيح تلوث كوكب الارض، ضارباً نص الاتفاقية التي وقعتها حكومات 199 دولة، بعرض الحائط، رافضاً الإعتراف بدور بلاده الكارثي في دمار الحياة الطبيعبة على الكوكب.

ترامب وفابيوس،لايريدون الإقرار بأن التغير المناخي، تسبب بمواسم جفاف متكررة، أدت إلى إنحسار المياه في الأنهار والمسطحات المائية، وموت مئات ألاف الأشجار المعمرة، في الغابات الإستوائية، (أكبر المتضررين عالمياً من فقدان مساحات شاسعة من الغابات الإستوائية هي البرازيل وأندونيسيا والسودان) وكلها من الدول النامية والفقيرة.

وأن دول الكاريبي، هي أيضاً من بلدان العالم النامي والفقير (حوالي 45 % من السكان تحت خط الفقر) تعاني من مشكلة التغّير المناخي كونها تقع في طريق مرور العواصف الإستوائية التي تتجه نحو دول أميركا الشمالية.

وأنه في جمهورية “النيجر” والتي تعتبر أفقر دولة في العالم، يُهدد نقص المياه فيها، حياة أربعة ملايين انسان.

وأن حوالي 290 ألف شخص، في الموزمبيق، تضرروا من جراء الفيضانات الكبيرة التي سببتها الأمطار الغزيرة التي هطلت عام 2007.

هذا فيما يستمر الجوع بحصد ألاف الضحايا، سنوياً، في بوركينا فاسو، إثيوبيا، الصومال، السودان وكينيا (كلها دولاً نامية وفقيرة ولكنها وقعت على اتفاقية باريس للمناخ).

ولا يريدون الإقرار بأن مئة ألف إنسان قد قتلوا جراء الإعصار “نرجس ” Nargis   الذي ضرب في عام 2008 كلاً من الهند وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار، كما تضررأكثر من 21 مليون شخص في الهند وحدها من هذا الاعصار.

ربما يريدون إقناعنا، أن دولاً كالموزمبيق وبينين (65% من الشعب تحت خط الفقر) في القارة العجوز، وبوليفيا، بنما وهايتي،في اميركا اللاتينية، وسوريا واليمن والعراق، في أسيا (كلها تعرضت لغزوات الاستعمار الجديد بقيادة العسكري الاميركي)، وغيرها من دول العالم الفقير النامي، حين وقعت حكوماتها على إتفاقية باريس للمناخ، كانت تسعى لنهب ثروات بلاد السيد “ترامب” وحلفائه.

يريدون أن يكّذبوا تقارير منظمة الصحة العالمية، والتي تتوقع أن معدلات الإصابة بأمراض مثل الملاريا وشلل الاطفال والحميات ستزيد من معدلات الوفيات في بلدان العالم النامي، حيث أن الفيروسات المسببة لهذه الأمراض تنتقل عن طريق البعوض، وهو يجد الظروف المثالية للتكاثر في ظل التغير المناخي.

 

دول العالم النامي والفقير، التي وقعت اتفاقية المناخ في باريس، لم تحصل حتى يومنا هذا ولا حتى على دولارٍ واحد، من المئة مليارالتي على الورق…وكذلك لم تتم إعادة إعمار حجر واحد، في سوريا والدول التي طالها الاستعمار الجديد تحت ستار نشر الديمقراطية، ولم يتم التعويض عن ألاف الضحايا، وملايين المشردين، وكل ما هنالك مجرد خطط ووعود ومؤخراً جاءت مصحوبة بشروط وضعتها دول(الولايات المتحدة، فرنسا،بريطانيا، السعودية والاردن)، أقل مايقال فيها أنها عدوة الحياة على هذا الكوكب.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This