اتخذ المجلس البلدي لبلدة كيفون في قضاء عاليه، قراراً، في شهر تشرين الثاني الماضي، باعلان منطقة حمى ضمن نطاق البلدة العقاري من اجل تنظيم الاستخدامات المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وبذلك تنضم كيفون الى 20 حمى طبيعية منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، أبرزها في إبل السقي وكفرزبد وعنجر والقليلة والمنصوري وعندقت ومنجز ومعبور البياض والفاكهة وخربة قنفار وانفة والعاقورة وترشيش وجبيل وعيتنيت.
وتتنوع استخدامات هذه الحمى بين الرعي والصيد المستدام وادارة المياه والزراعة العضوية والمسؤولة وحماية التنوع البيولوجي.
ويعرف مشروع القانون المتعلق بالمحميات الطبيعية، الحمى، بانها موقعاً يضم نظاماً إيكولوجياً طبيعياً وممكن ان يضم جزءاً معدلاً بشكل مستدام (اي من خلال الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية) وهو ذو تنوع بيولوجي مهم وخدمات ايكولوجية وقيم ثقافية. تتم في هذا الموقع حماية ارادية للانظمة الايكولوجية والموائل الطبيعية والقيم الثقافية المرتبطة به بواسطة نظام تقليدي لادارة الموارد الطبيعية من قبل الجماعات المحلية مبني بغالبيته على المهارات التقليدية المحلية لهذه الجماعات.
وتستعد جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL لتدشين “مركز حمى جبل لبنان” في بلدة كيفون بالتزامن مع اعلان المجلس البلدي لكيفون عن توقيع اتفاقية تعاون مع الجمعية بهدف تأسيس مركز بيئي في البلدة، يهدف الى نشر التوعية ودعم الشباب وبناء قدراتهم وتدريبهم من خلال اشراكهم في برنامج “حماة الحمى”.
وتقع بلدية كيفون في محافظة جبل لبنان – بقضاء عاليه، تبعد عن العاصمة بيروت 21 كلم، وترتفع عن سطح البحر 800 متر، مساحتها الإجمالية 335 هكتار.
ويعني إسم كيفون الحجر الصخري أو الصنم المحفور بالصخر. ويقع في البلدة قلعة الحصن الاثرية التي بناها التنوخيون في القرن التاسع الميلادي. وتتألف القلعة من عدة أقنية وحوائط، ولا زال الحصن حتى اليوم باق على حاله. وتظهر في القلعة حجارة رمادية اللون وهي صخرية، كما تظهر احجار كلسية محلية تميل الى اللون الزهري الذي يدل على ان البناء قد مرّ بعده مراحل إنشائية عائدة لحقبات تاريخية مختلفة. وقد إستلمتها مديرية الآثار في العام 2004، وصدر في اواخر العام 2007 المرسوم رقم 512 باعتبار الأشغال العائدة لمشروع إنشاء حديقة عامة وحماية قلعة الحصن من منطقة كيفون العقارية من المنافع العامة.
يؤكد مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان أسعد سرحال، وهو إبن بلدة كيفون، ان خيار العودة الى مسقط رأسه لدعم انشاء منطقة حمى بعد عقود من العمل في مختلف المناطق اللبنانية، هو قرار صائب من حيث التوقيت، خصوصاً ان معايير ادارة الحمى تتطور وتتوسع وتعتمد بشكل اساسي اليوم على المحافظة على التنوع البيولوجي من خلال الترويج للصيد المسؤول، والمحافظة على الحياة البرية من خلال منع تدمير مواطنها الطبيعية أو أي ممارسات سلبية أخرى، وتشجيع المساحات المفتوحة. وتشمل ايضاً تحفيز استخدام الطاقة المتجددة المستدامة، والترويج للسياحة المسؤولة. واعتماد التقنيات الجديدة لتوفير المياه، مثل تركيب أجهزة استشعار لاستخدام المياه بكفاءة، وتشجيع الرعي المستدام لأنه أساسي لتنوع الأزهار ومنع الحرائق وإنتاج الحليب العضوي العالي الجودة، وتشجيع الناس على الاستخدام المستدام للموارد من خلال إحياء نهج الحمى.
ويلفت سرحال الى ان قرار الجمعية بانشاء مركز للحمى في جبل لبنان هو الثاني من نوعه بعد مركز الحمى الذي سيبصر النور قريباً في خربة قنفار في البقاع الغربي، وبذلك سيعمل كل من هذين المركزين على ربط مختلف الحمى على الاراضي اللبناني بشبكة تواصل تسمح بتعزيز وتنسيق مشترك.
يبدي رئيس المجلس البلدي في كيفون علي داغر حماسة عالية للبدء بتطبيق قرار انشاء الحمى من خلال مشاريع تحمل اهدافاً واضحة وقادرة على الاستمرار، وابرزها في قطاع السياحة البيئية في المنطقة والتي لا تزال ضعيفة. ومن المقرر ان يتم تحديد مسارات للسير في الطبيعة ضمن حمى كيفون حيث سيكتشف الناس جمال هذه المنطقة وموقعها الاستراتيجي وترابطها مع البلدات المجاورة.
ويلفت سرحال الى ان الشراكة مع القطاع الخاص اساسية للترويج للزراعات المحلية والحرف اليدوية والمنتجات القابلة للتسويق، وابرز هذه الشراكات متوفرة حالياً مع شركة Lush لمستحضرات التجميل التي تعتمد بشكل كامل على المنتجات العضوية. وتعمل الجمعية بحسب سرحال على اصدار شهادة مواصفات الحمى، خصوصاً إذا كانت معايير عملية الإنتاج تستوفي المتطلبات الأساسية للمحافظة على الحمى، حيث يصدر برنامج حماة الحمى شهادة “مواصفات الحمى”. وبعد ذلك يتم الاعتراف بالمنتج كمنتج معتمد من الحمى. وهذا يسمح للشركات الشريكة بوضع ختم المصادقة على المنتج المعني وتسويقه على هذا الأساس.
ويتوسع مفهوم الحمى وينتشر على مستوى واسع النطاق حول العالم، واصدر الاتحاد العالمي لصون الطبيعية قراراً في العام 2012 يركز على أهمية تطوير وتنفيذ مروحة واسعة من السياسات العامة عبر اتفاقيات ومنظمات بيئية متعددة الأطراف التي من الممكن ان تكون مفيدة للحفاظ على التنوع البيولوجي. ويتضمن القرار أسماء مختلفة عن مساهمة المجتمع في الحفاظ على الموارد الطبيعية.على سبيل المثال: الحمى، المهجر، أكدال، كوروك، آدات،أو أي أنظمة مشابهة يديرها المجتمع المحلي متواجدة في غرب آسيا وشمال أفريقيا، بحيث يتم اعتبارها نهجاً شاملاً يقوي المعرفة المحلية والثقافة والتراث. ويتضمن ايضا المحافظة على الموارد الطبيعية وتعزيز سبل العيش.