نقلت صحيفة الـ “واشنطن بوست” عن وثائق خاصة بمسودة الميزانية الأميركية أن البيت الأبيض سيطلب من الكونغرس الشهر المقبل أذار/مارس خفض برامج أبحاث الطاقة النظيفة، وكفاءة الطاقة بنسبة 72 في المائة في ميزانية العام المالي 2019. وهذا يعتبر ضربة قاضية لموارد “الصندوق الأخضر للمناخ”، الذى يمول مشاريع التحول إلى الطاقة النظيفة، ويتبنى مشاريع الدول النامية لمواجهة التغير المناخي.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد فضحت الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” واصفةً إياه بأنه لايعرف الفرق بين المناخ والطقس، وذلك بعد تغريدةً له عبر “توتير” بشأن الموجة القطبية التي ضربت الساحل الشرقي لبلاده، الشهر الماضي. ترامب هذا  أمرَ بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، بحجة أن الدول النامية، تريد عبر تلك الاتفاقية إعادة توزيع ثروات بلاده في ما بينها، وهو لايزال مقتنعاً أن الحزب الشيوعي الصيني، هو من اخترع كذبة “التغير المناخي” للإضرار بالصناعات الأميركية. هو ذاته الوحش الذي لايهمه دمار الكوكب، وفناء الإنسانية، ترامب ومعه حكومته وحكومات دول “حلف الناتو” يشجعون ويدعمون الإرهاب في كل من سوريا، العراق واليمن.

“ترامب” ذاته دعم منذ يومين وزير دفاعه جيمس ماتيس حين طلب من الكونغرس الموافقة على زيادة موازنة الجيش الأميركي لتصل إلى 700 مليار دولار أميركي لعام  2018، مقابل تخفيض ميزانية وزارة البيئة، قائلاً أن “قانون ضبط الميزانية سوف يحيدنا عن عملنا، وكل نقص في ميزانيتنا يؤثر على عملياتنا في أفغانستان وسورية والعراق”..

و مما لاشك فيه أن ماتيس عندما يطلب دعم ميزانية الجيش مقابل تخفيض ميزانية وزارة البيئة، يعني الآخذ من حُماة الكوكب، لإعطاء مدمري الحياة الطبيعية على الكوكب، كما أنه من المؤكد أنه يقصد بكلامه ذلك، عمليات تدمير سوريا،العراق وأفغانستان.

فعلى الرغم من أن أكثر من سبعة عشر مليون يمني(ثلثي السكان)، يعيشون في ظل نقص التغذية، منهم سبعة ملايين شخص قد وصلوا فعلاً الى “أوضاع شبيهة بالمجاعة”، وعلى الرغم من أنه لايزال هناك ملايين الأرواح مهددة بسبب الحصار. ( بحسب المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك) هذا عداك عن انتشار الأوبئة والأمراض كالكوليرا والملاريا، وانعدام الرعاية الصحية وشح الادوية، وتلوث الهواء والماء والتراب، واختفاء الموائل الطبيعية، بشكل شبه نهائي، والمزيد المزيد من القتلى الابرياء يومياً، مع كل ذلك لا تزال حكومة الرئيس ترامب تقود التحالف داعمةً العدوان السعودي على اليمن.

أما في حربهم على العراق، فيكفي أن نذكر أنه سقط في العام الأول للغزو الأميركي على العراق، مليون إنسان ضحية القصف، و أن المساحات الخضراء في كلّ أنحاء العراق، إنحسرت وتآكلت التُربة، وانتشر التصحر، فخسر العراق بذلك حوالي 70% من محاصيله الحقلية، وفي أحدث تقرير وثائقي لحقوق الإنسان في العراق: أن حوالي 90% من العراقيين لا يحصلون على الماء الصالح للشرب، وأن منسوب المياه في نهري دجلة والفرات حاليًّا يعتبر الأدنى منذ أكثر من 75 عاماً. وأن الأسلحة الكيمياوية وذخائر اليورانيوم المنضّب أدت الى تلويث حوالي عشرين موقعاً، ستبقى ملوثة على مدى ملايين السنين، هذا عداك عن ملايين الأطنان من النفايات السامة التي ألقيت في أنهر العراق وبحره  مهددةً الحياة الطبيعية هناك…ومع ذلك لايزال الرئيس الاميركي يؤيد تمديد عمل القوات الأميركية الغازية في العراق.

والحال في سوريا ليس بأفضل، فقد عمل الإرهابيون على إحراق المحاصيل الزراعية، في المناطق التي سيطروا عليها، فيما قاموا ولايزالون بتلويث الينابيع والأنهر، وانتشرت الأوبئة والأمراض السارية، واستبيحت المحميات البرية، ودُمرت الموائل الطبيعية، والمخازن الطبيعية للأصول الوراثية، وتآكلت التُرب، وتدهورت نوعية مياه الشرب، أضف الى ذلك كله، مايقرب من نصف مليون إنسان ذهبوا ضحايا تلك الحرب، وانتشر الفقر وشحت الخدمات الاجتماعية.

ورغم كل ما سبق ذكره، يستمر المسؤولون الأميركيون، بوضع شروطهم المضحكة للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، شروطهم لا إنسانية وموقف حكوماتهم  غير مُشرِف تجاه الطبيعة الأم، وقضية التغير المناخي، موقف لاأخلاقي بالمطلق يدعم التواجد العسكري الأميركي في بلدنا، المستمر في سرقة ونهب ثرواتها، مدمراً كل شكل من أشكال الحياة البرية والبحرية ، فانياً الانسان والنبات والحيوان، هنا يكمن السؤال هل هذه هي عمليات السيد ماتيس التي طالب بزيادة الدعم المالي لها؟…نعم، إنهم لايخجلون من قتلنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This