فضلاً عن مجموعة G10 التي تقدمتها الولايات المتحدة، وممثلون عن  نحو 70 منظمة إنسانية، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، والبنك الدولي. شاركت في مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي انطلق منذ أيام، نحو أربعين دولة عربية وأجنبية من بينها تركيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا وكندا، وعربياً شاركت الكويت وقطر والسعودية والإمارات.

قالوا جميعاً، أنهم يريدون إعادة إعمار العراق، الذي دُمرأصلاً على أيديهم، وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قد رحبت بهذا المؤتمر، مذكرةً العالم بحاجة أربعة ملايين طفل عراقي للمساعدة.

“اليونسيف” نفسها، كانت قد قدرت أن حوالي 8.4 مليون طفل سوري، أي ما يعادل أكثر من 80 في المائة من عدد الأطفال في سوريا، يتأثرون الآن من الحرب الدائرة في البلاد، وأن الحرب على سوريا، قد أعاقت تعليم 3 ملايين طفل في جميع أنحاء البلاد، جراء تدميرها لرُبع مجموع المدارس الحكومية والخاصة.

وقد  تنسى “اليونسيف” ومعها المنظمات الإنسانية، أن هناك حوالي 80 في المائة من أطفال سوريا، فقدوا فرداً واحداً على الأقل من أسرهم، وأن 90 في المائة من المناطق التي شهدت نزاعات بين الحكومة والإرهابيين، جرى فيها تجنيد الأطفال للقتال، واستخدامهم كدروع بشرية، وإشراكهم في عمليات الإعدام، والعمليات القتالية وعمليات الحراسة، كما تم تدريبهم على استخدام الأسلحة والتجسس والهجمات الانتحارية والتهريب وغيرها. وسجلت بعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية، تعرض ملايين الأطفال، لصدماتٍ جسديةٍ وإصاباتٍ خطيرة إثر رصاص القناصة وقذائف الهاون وشظايا الانفجارات. وسجلت تعرُض آلاف الأطفال  للإغتصاب، فيما تمت سرقة أعضاء أطفال أخرين وبيعها، وانتشرت ظاهرة زواج القاصرات في مناطق سيطرة تنظيم “داعش” ، وتعرض الكثير الكثير من الأطفال للعنف الجسدي، أضف الى ذلك إنتشار الأمراض والأوبئة، التي هددت حسب “منظمة الصحة العالمية” بشكل صريح حياة ألاف الأطفال وخصوصاً في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية ( الرقة- دير الزور ).

عداكَ عن أن الحرب قد زادت نسبة الفقراء السوريين ما أدى بدوره إلى تسرب نسبة كبيرة جداً من الأطفال، من المدارس وتوجههم الى سوق العمالة اليومية، وتسببت سنوات  الحرب الثمانية الى حرمان الطفولة السورية، من أساسيات الغذاء، وأعاقت نموهم الطبيعي. ومما لاشك فيه أن غالبية الأطفال السوريين سيحتاجون مستقبلاً الى دعم معنوي وعلاج نفسي حقيقي يخرجهم من الأثار السلبية للمشاهد الدموية.

اليوم وخوفاً من عقد مؤتمر لإعادة إعمار سوريا، على شاكلة “مؤتمر الكويت” (مؤتمر ناهبي العراق)، لدى الشعب السوري أسئلة، يريد من دول الاستعمار الجديد وأعداء الحياة الطبيعية، أن يجيبوا عنها:

أولاً:ماهي مشاريعكم السحرية التي ستجعل من الطفل السوري إنساناً متزناً عقلياً، منتجاً،مبدعاً، وتعيد له ماخسره من حياته؟ ثم ماهي الخطط التي ترسمونها لإعادة مكونات الوسط البيئي السليم الذي سيعيش فيه أطفال سوريا (هواء نقي –مياه شرب نقية متوفرة- غطاء أخضر غني )؟

أنتم تعلمون، أن الخاسر الأكبر من الحرب العالمية على سوريا، خلال السنوات الثمانية الفائتة،هم الأطفال، لأنهم دفعوا من حياتهم ومستقبلهم ثمن هذه الحرب التي يدعمها ويمولها رعاة “مؤتمر إعادة إعمار العراق”، لذلك فحري بالمنظمات الإنسانية والحكومة السورية والدول التي تسن أسنانها للحصول على حصة كبيرة في عملية إعمار سوريا، أن تعد برامج وخطط تساعد في إعادة تأهيل جيل كامل من أطفال سوريا الذي دمرت الحرب كل أحلامه، وهنا لابد من الإضاءة على نقاط قد تفيد كل من يريد إعادة إعمار البشر قبل الحجر :

-توفيرالمساعدة والدعم النفسي، ليتخلص الأطفال من أثار الحرب .

-توفير برامج لمحاربة الجهل والأمية من خلال إعادة الأطفال الى مدارسهم.

-وضع برامج لتوظيف الأطفال (فوق 14سنة) في وظائف تحفظ كرامتهم، والقضاءعلى ظاهرة استغلال الطفل عبر العمالة المبكرة، والتسول والتشرد وغيرها.

-توفير برامج الرعاية الصحية للأمهات والأطفال، وتأمين الحصص الغذائية اللازمة ليعيشوا حياة صحية كاملة.

– ضمان الأمن والأمان، للوصول الى حياة هادئة تسمح للطفولة أن تحلم وتبدع.

– الإهتمام بالأسرة كحاضن أساسي للطفل والضامن الحقيقي لمستقبله.

-العمل على إزالة كافة أشكال التلوث التي سببتها الحرب سواء في (الماء-الهواء –التراب) وإعادة الحياة الى الغطاء الأخضر في البلاد.

ختاماً نقول: إما أن تعمل الدول التي ستشارك في إعادة إعمار سوريا، بجد لإعادة تأهيل هذا الجيل من الأطفال،  وإما أننا سنشهد مستقبلاً، جيلاً فوضوياً بامتياز سيقود المنطقة كلها وليس سوريا وحسب، ربما الى حروب أكثر ضرواة وأشد فتكاً.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This