تشير سحب الدخان التي غطت سماء المنصورية والمكلس وصولاً إلى بعبدا ومناطق بيروت والمتن إلى مكان اندلاع الحريق في معمل «يونايتد فودز» في المدينة الصناعية في المكلس. حوصر الحريق عند الخامسة من فجر أمس بعد اندلاعه بعد ظهر الأربعاء. لكن ألسنة اللهب عاودت الاشتعال عند السادسة صباحاً. في التاسعة والنصف بدأ قسم من المبنى بالانهيار… والباقي «قصة وقت»
داخل المقصورة شاشات وأجهزة ترن حيث يتابع المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار المهمة وسلامة عناصره. وقعت 3 إصابات طفيفة عولجت وخرجت من المستشفيات. فرضية تأخر الإطفاء غير واردة بحسب خطار «إذ تهافتت سيارات الإطفاء من كل المناطق المجاورة. وهذه المنطقة بالتحديد هي الأكثر اكتظاظاً بالإطفائيات». رجال الدفاع المدني هنا. يرافقهم مدير العمليات جورج بو موسى، فوج إطفاء بيروت تدخل أيضاً بقيادة العقيد محمد الحلبي، وفوج إطفاء الضاحية حضر بدوره للمساعدة.
«25 سيارة إطفاء وإسعاف، وأكثر من 10 صهاريج مياه قدمت المساعدة بإيعاز من البلدية والقائمقام»، يقول خطار الموجود في غرفة العمليات المتنقلة التابعة للمديرية العامة للدفاع المدني.
الحديث عن اتباع المعمل لشروط السلامة العامة وتطبيق المعايير لا يزال مبكراً. لكن إدارة خلية رجال الإطفاء لم تثنِ العميد من توجيه نداء إلى كل المؤسسات الضخمة، خصوصاً التي تخزن مواد ملتهبة، لعدم الاستهتار بتطبيق شروط السلامة ووضع أجهزة إنذار وإطفاء. وعن محاسبة المعامل المقصّرة، في حال اتضح ذلك، يقول: «في النهاية الضرر واقع عليهم وعلى أرزاقهم وعمّالهم. المراقبة المسبقة تفرض متابعة مع كل المعنيين والوزارات». يصعب، بحسب خطار، تحديد سبب معاودة اشتعال الحريق. لكنه يرجّح أن «تسرّباً حصل بين الطوابق في أحد المناور». هذه فرضية. فبعد السيطرة على الوضع ومحاصرة الحريق في الطابق ما قبل الأخير عادت الطوابق الثلاثة لتشتعل دفعة واحدة عند السادسة صباحاً. وعاود رجال الإطفاء العمل من الصفر.
يخزن المعمل زيوتاً ومايونيز ومعلبات وأكياس نايلون، إضافة إلى المازوت المخزّن بكميات لتشغيل مولدات الكهرباء. تستورد الشركة المواد المذكورة وتعاود توضيبها وتوزيعها. في الطابقين الثاني والثالث، حيث يرجّح أن الحريق بدأ، تجري عمليات التخزين. أما الطابق الأول فيضم المكاتب. بعض العمال يسكنون في غرف إضافية فوق الطابق الأخير. يعرب المدراء الموجودون منذ أول من أمس عن أسفهم، لكن «التصريح ممنوع». المخزن كان بمنأى عن النيران في البداية إلاّ أن استكمال عمليات الإخماد أجبر رجال الإطفاء على فتح الباب الضخم لمحاصرة النيران. النار امتدت إلى كل مكان لأن المواد سريعة الاشتعال. في الطابق الرابع والأخير يتمّ تصنيع أكياس النايلون، مشاهدة الآلات المحترقة ممكنة لدى الاقتراب من الجهة الخلفية للمبنى أي لجهة تل الزعتر. نحو 200 طن من النايلون المخزّن تحوّلت إلى دخان أسود غطّى سماء المنطقة.
يجاور المبنى مصنع للأخشاب. الخطر في تمدّد النار إليه. هذا ما عملت فرق الإطفاء على تفاديه عبر تبريد الحائط الفاصل بين المعملين. أما العاملون في معمل الخشب فحاولوا إزاحة كل ما هو قريب من جهة المبنى المشتعل من آلات وأخشاب.
يبلغ عرض المبنى المؤلف من 4 طوابق نحو 36 متراً، ومساحته نحو 800 متر مربع. المدينة صناعية وكلّها معامل ضخمة من حديد وستاينلس ستيل وخشب وسواها. العمال في المصانع المجاورة يراقبون على السطوح. المعمل متعاقد مع شركة تأمين، «حتى لو غلطان التأمين يعوّض عليه» هذا ما يقوله أحد خبراء التأمين. ممكن أن يكون الحريق نتيجة احتكاك كهربائي. اللمبات في المعمل مصابيح توفير، «لكن ثمة لمبات مغلّفة حتى لو احترقت لا يخرج منها إشعاع خارج الغلاف» وهذه ليست موجودة في المعمل، وعلى الأرجح في كثير من معامل لبنان. انقطاع الكهرباء وتشغيل الموتورات يشكّل خطراً في الوقت الفاصل بين العمليتين. «الخسائر بالملايين» يقول أحد العاملين من الجيران. إنها الخسائر المادية. لا خسائر بشرية (…) لكن الخسائر البيئية المترتبة عن هكذا نوع من الحرائق أخطر بكثير.