تتعامى الدول الإستعمارية، ومعها الأمم المتحدة، عن الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها الفصائل المسلحة الإرهابية، المدعومة أصلاً من  قبل الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا، من قتل وذبح للأبرياء والعُزَل، وتدمير البنية التحتية، وسرقة الأثار والثروات الباطنية، وإحداثِ ضررٍ جسيمٍ بكل الموائل الطبيعية،  وتلويث الانسان والحيوان والنبات في سوريا.

تتعامى بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، التي تباكى ممثليها في مجلس الأمن الدولي، على المدنيين في الغوطة، عن جرائم النظام السعودي بحق الشعب السوري واليمني، كيف لا والسعودية هي الزبون المدلل لدى هذه الدول في مجال تجارة الاسلحة، حيث تظهر تقارير منظمة العفو الدولية أن 20 في المائة من صادرات الأسلحلة الفرنسية بين عامي 2010 -2016 كانت الى مملكة القتل السعودية ( إشترى النظام الملكي السعودي ما قيمته 9 مليار يورو من الأسلحة).

ويتباهى ضباط فرنسيون، بان الاسلحة الفرنسية اثبتت جدارتها، في حرب السعودية على اليمن ، في حين صرح الرئيس الفرنسي “فرنسوا هولاند” لمؤلف كتاب “في كواليس الدبلوماسية الفرنسية”  “كزافييه بانون”، (يفضح الكتاب تسليم فرنسا أسلحة الى الفصائل المسلحة الإرهابية في سوريا)  عام 2014 قائلاً :”لقد بدأنا عندما تأكد لنا أن الأسلحة ستكون في أيدٍ أمينةٍ.. وفي ما يتعلق بالأسلحة الفتاكة، فإن أجهزتنا قامت بعمليات التسليم”.فيما يضيف بانون الخبير بالشؤون الدبلوماسية والعسكرية، أن فرنسا سلمت مقاتلي المعارضة مدافع من عيار 20 ملم ورشاشات من عيار 12.7 ملم وقاذفات صواريخ وصواريخ مضادة للدبابات.

ورغم كل ذلك لم تعترف فرنسا رسمياً حتى الآن سوى بتسليم أسلحة غير فتاكة وسترات واقية من الرصاص ونظارات ليلية، وهذا شي طبيعي فهذه الاستراتيجية اعتمدتها فرنسا قبلاً في “مالي” حيث سمحت بدخول الإرهابيين إليها وقامت بتسليحهم، ومن ثم اتخذتهم ذريعة لغزو مالي عسكرياً واستعمار البلاد.

 

كذلك أنكرت فرنسا، دورها القذر في الإبادة الجماعية التي ارتُكبت في “رواندا” عام /1994/  وأودت بحياة مليون رواندي، الى أن  صدر كتاب “رواندا، نهاية الصمت؛ شهادة ضابط فرنسي”، لمؤلفه “غيوم أنسل”، وهو  أحد ضباط “الفيلق  الفرنسيّ”  المشارك في عملية “تركواز”،  لتنقض مرة أخرى الرواية الرسمية لـ”التدخل الإنساني”، حيث يؤكد “انسل” أن عملية “تركواز” بدأت كتدخل عسكري قبل أن تتحول إلى “عملية إنسانية”.

ذات السياسة تنتهجها اليوم فرنسا، مع أكراد سوريا، حيث وعد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ أيام قليلة، “قوات سوريا الديموقراطية” بإرسال قوات “بشكل عاجل وبالتنسيق مع الجانب الأميركي” إلى منبج والضغط على تركيا لسحب قواتها من منطقة عفرين، وعودة الأكراد إليها، فهل سيتحول هذا التدخل السريع الى شكل من اشكال الاستعمار؟.

الجدير ذكره، أن فرنسا ليست الوحيدة التي تبيع السلاح الى السعودية لتقتل بهِ ،الأخيرة،  فقراءَ العالم العربي، لابل أيضاً عدد كبير من دول البلقان التي اعلنت مؤخراً طرد ديبلوماسيين روس تضامناً مع بريطانيا (حجة سمجة وغبية للضغط على موسكو فيما يخص سوريا) ففي عام 2012،نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية،خبراً أكده فيما بعد  السفير الأمريكي السابق في سوريا “روبرت فورد”، كشفت الصحيفة في خبرها ذاك، عن أن السعودية اشترت من دول البلقان(منتينيغرو، التشيك، سلوفاكيا، كرواتيا وغيرها) أسلحة وذخيرة ، تفوق قيمتها المليار دولار أميركي وأرسلتها، من حدود “زِغرِب” إلى الأردن، لتدخل هذه الأسلحة الى الأراضي السورية، عبر غرفتي عمليات عسكريتين رئيستين، هما “الموك” و”الموم” بحسب فورد، حيث ظهرت لاحقاً في ايدي عناصر الفصائل الارهابية، عبر اليوتيوب.

 

 

تُحذر تقارير لمنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة ومؤسساتها، يومياً، من الأوبئة والمجاعات، وتشير الى ألاف الجرحى والمعاقين والمهجرين، وكيف هُشمت الحياة الاجتماعية وتَدَمَرَت الحياة البيئية في سوريا، وقد تكون دول الاستعمار الجديد ومنها فرنسا في طور البحث عن كيفية تحويل تدخلها العسكري في سوريا الى خطط ومشاريع لإعادة إعمار البلاد،ناسيةً أن الشعب السوري أصبح لديه قناعة بأن من يُعيد إعمار البلاد حقيقةً هو من يؤازرها اليوم، مُرسلاً جنودهِ إليها لينشرو بَرْداً وسَلاماً، وليس من يُصدّر إليها الإرهاب ويدعمه بالمال والرجال و السلاح.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This