شهد لبنان خلال الأيام القليلة الماضية ظاهرة عادية مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة، تمثلت في ظهور أعداد كثيفة للحشرات في بيروت ومناطق قريبة منها، وآثرنا عدم الحديث عن هذه الظاهرة، كونها جاءت في سياق طبيعي توفرت له عوامل مساعدة، خلافا لما تم ترويجه على نحو كبير طوال الأيام القليلة الماضية.
فارتفاع الحرارة ساهم في العديد من التغيرات المبكرة، إلا أن بعض وسائل الإعلام لم تركز إلا على الجانب السلبي فحسب، فلم تذكر على سبيل المثال كيف أزهرت الأشجار المثمرة، ولا كيف غطت أزهار الربيع السفوح والمرتفعات.

مقاربة علمية

المعروف أن الربيع المبكر يساعد في بدء تكاثر الحشرات في غير موعدها المفترض، وهذا أمر معروف، غير أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة بات يصنع “من الحبة قبة”، خصوصا عندما “يجتهد” مواطنون ويفسرون الأمر على أنه ناجم عن انتشار النفايات، علما أن هذه الحشرات لا تتكاثر في المكبات العشوائية المنتشرة، وإنما في بيئة حاضنة لها، أي برك المياه المكشوفة ومخلفات المياه على الطرق وفي العديد من المواقع، ولا نبرىء النفايات وسط موجة الحر المفاجئة، ذلك انها ساهمت بدورها في انتشار البعوض والقوارض على نحو غير مسبوق.
أمام التهويل، وتصوير الأمر على أنه حالة منفصلة عن سياقها الطبيعي، كان لا بد لـ greenarea.info أن يقدم مقاربة علمية تضع حدا للتأويلات، وذلك على جاري عادته في توخي الدقة ومحاكاة العلم بعيدا من التسرع والارتجال.

تأثيرها يقتصر على النباتات

في هذا السياق، أوضحت الأخصائية في علوم الحشرات في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة خزامى كنيعو” لـ greenarea.info، وبعد الإطلاع على صورة الحشرة، أنها “من الحشرات الموجودة في لبنان وليست بجديدة”، لافتة إلى أن “اسمها Aphis species وهي من فصيلة (المن) Aphididae وتنتمي إلى رتبة (الحشرات متشابهة الأجنحة) Order Homoptera”.
وأشارت إلى أن “ظهورها في هذه الفترة هو نتيجة ارتفاع درجات الحرارة”، مؤكدة أن “غياب الشتاء القاسي والبرد القارس لم يساهما في القضاء عليها بل ساعدا على تكاثرها”.
وتابعت كنيعو: “يبيت بيض المن بياتا شتويا، وفي فصل الربيع تستيقظ الحشرات من سباتها الشتوي عندما تبدأ الأشجار في تكوين البراعم وتأخذ في النمو، فيتغذى المن بغرس أجزاء من فمه الإبري الثاقب والماص في أنسجة النبات ويسحب العصارة النباتية، ويستطيع خلال عملية التغذية في بعض الحالات أن ينقل إلى النباتات الأخرى أمراضا فيروسية معينة تسبب في إضعافها، وهذا يعني أن تأثيرها يقتصر على النباتات والمحاصيل الزراعية، ولا تشكل أي ضرر على الإنسان، وما ورد من أخبار عن أنها تلسع وتسبب الحساسية غير دقيق، وقد تكون الحالات التي أصابها طفح جلدي وغيره نتيجة التعرض لعوامل أخرى أو لسعات من حشرات مختلفة”.

المكبات تجذب الذباب

ثم طمأنت كنيعو بأن “هذه الأنواع من المن تنخفض أعدادها تدريجيا مع ارتفاع درجات الحرارة، ولا داعي لمكافحتها بواسطة المبيدات الحشرية إلا في حالات محددة، عندما تشكل تهديدا لمحصول ما، وفي هذه الحالة لا يستعمل المبيد الحشري بطريقة ارتجالية، لأن هذا الإجراء يمتد ضرره الى المستهلك، أي الإنسان، ويؤدي الاستعمال العشوائي للمبيدات بالقضاء على العدو الحيوي، أي الحشرات التي تكافح الحشرات الضارة وغيرها من الكائنات أيضا.
أما عن الربط بين انتشار الحشرات والمكبات العشوائية والنفايات، فتنفي كنيعو أن يكون هناك ترابط، وتقول أن المكبات عادة ما تجذب الذباب وأنواعا أخرى من الحيوانات كالقوارض وغيرها”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This