دلافين عدة تلهو غير بعيد عن الشاطىء اللبناني، مشهد مفعم بالحياة، عنوانه الجمال في أبهى صوره، مشهد من بيئة البحر والمدى الأزرق، والتي غالباً ما تسحر الألباب بمخلوقاتها الرائعة.
هذا المشهد ليس بغريب عن بحر لبنان الذي يدهشنا يوما بعد يوم بكرمه وخيراته على الرغم من طمره بالنفايات وتلويثه بمجمل الملوثات، وتشويه شواطئه بممارسات ليس ثمة من يردعها، وسط الفوضى والإهمال.
لحظات استثنائية
وفي هذا السياق، عاش بعض المواطنين من محبي ارتياد البحر لحظات استثنائية، مع جمال المشهد وسط عروض الدلافين التلقائية، الأمر الذي يؤكد أكثر فأكثر أن ثمة مسؤولية كبيرة للحفاظ على هذه الكائنات الرائعة، وهي مدرجة على قائمة الحيوانات البحرية الممنوع صيدها أو التعرض لها، وفقا للقوانين المرعية الإجراء.
وقد ثق عدد من الهواة والبحارة ورواد البحر والصيادين في السنوات الاخيرة مشاهدات لأحياء بحرية، منها الغريبة أو الغازية، ومنها الموجودة والتي يسود اعتقاد عام لدى الناس بأنه لا وجود لها في بحرنا، منها السلاحف والفقمة والدلافين بشكل خاص، كذلك الامر بالنسبة للأبحاث والدراسات التي أظهرت عكس ما يعتقد الكثيرون، بعد انطلاق رحلات علمية عدة للبحث عن الدلافين وتحديد مواقع تواجدها وتوثيقها علميا.
أجمل الكائنات الاجتماعية
تعود اسباب انخفاض أعداد الدلافين الى القتل المتعمد، انخفاض عدد الاسماك، التمدد العمراني وردم البحر عند الشواطئ، استعمال شباك الجرف التي يعلق فيها الدولفين وتتسبب باختناقه ونفوقه، وهذا الامر خلق نوعا من “العداوة” غير المقصودة في أحيان كثيرة ما بين الصياد والدلافين.
كما أن للدلافين لغتها الخاصة التي تتكون من 32 صوتاً، فهي تطلق أصواتا مرتفعة، ثم تستقبل صداها لتحديد اتجاه وبُعد الأشياء من حولها، وتستخدم ذلك من أجل البحث عن الطعام والسباحة في البحر، وهذا يعني انها تستخدم صوتها لتحديد الاتجاهات.
والدلافين كذلك، من أجمل الكائنات الاجتماعية الموجودة في بحر لبنان، وليست بغريبة عنه، ولعلها الأكثر مودة تجاه الانسان، وتتمتع بنظام تخاطب في ما بينها وكذلك بنطام توجيه راداري يشبه السونار تحدد من خلاله الخطر الذي يحيط بها.
الريس: نشر الوعي
قبالة الشاطئ الممتد من الجية الى السعديات راحت الدلافين اليوم تستعرض مهاراتها، سبحت غير متهيبة من اقتراب مركب صيد نحوها، ولا من أصوات وحركة من كانوا على متنه من هواة للصيد البحري، ومن بينهم الشاب ميشال الريس هاوي الصيد الذي لا يغيب عن باله توثيق أي من المشاهدات التي يراها أو يصادفها، لحبه الشديد وشغفه بالبحر، ومتابعته للحياة البحرية وتعمقه فيها، ليست المرة الأولى التي يوثق فيها الريس حدثا بحريا مهما، فقبل سنة من اليوم، قبالة الدامور، وثق مقاطع مصورة لرتلين من “سمكة الشيطان” والتي تعتبر مهددة بشكل حاد عالميا، كما وثق ايضا مقاطع فيديو لسمكة الـ “مولا مولا” وهي “سمكة القمر او شمس المحيط” تسبح مطمئنة قبالة الدامور أيضا.
فيديو اليوم يمثل مشاهد رائعة لمجموعات من الدلافين، وبحسب الريس “ليست المرة الاولى التي يحالفني الحظ فيها، لمشاهدة هذه الكائنات اللطيفة”.
ويقول الريس لـ greenarea.info: “كان من الواضح، أن الدلافين كانت تسبح براحتها وتتبادل الأصوات بطريقة ملفتة في ما بينها، وتظهر وتختفي تحت الماء وتعاود الصعود والاستعراض فوقه”.
ويشير الريس إلى أنها “كانت مجموعة تتألف من حوالي عشرة دلافين أو أكثر، كانت تسبح قبالة الشاطئ على عمق 250 مترا من الشاطئ في المنطقة الممتدة ما بين الجية والسعديات”.
وقال أن تواجد هذه الكائنات في بحرنا “يرتّب علينا أن نكون على قدر من المسؤولية لحمايتها والتعاطي معها بحرص من خلال نشر الوعي في مجتمع رواد البحر والصيادين، ونشر المعلومات الوافية عن هذه الكائنات الرائعة وغيرها أيضا”.