من أكثر الأقوال حقيقة هي أن الصحة هي أهم ما في الحياة، فإن الإنسان مهما امتلك من مال إذا تعبت صحته فهو لا يستطيع أن يضمن حياته. ورغم أن المال قد يساهم في تحسين الصحة في بعض الأحوال بسبب كلفة العلاج الباهظة في مختلف الدول النامية، هناك البعض الآخر من الناس الذين لا يمكنهم دفع نفقات العلاج. وقد قالت منظمة الصحة العالمية فى تقرير لها، أن موضوع اليوم العالمى للصحة يهتم هذا العام بـ”التغطية الصحية الشاملة: للجميع وفى كل مكان” تحت شعار “الصحة للجميع”.
وأضافت فى التقرير، أن التغطية الصحية الشاملة يحول دون وقوع الناس فى براثن الفقر، إذ يضطرون إلى سداد تكاليف الرعاية الصحية، وغيابها يؤثر تأثيرا سلبيا على حياة ملايين الأشخاص والمجتمعات ورفاهيتهم فى جميع أنحاء العالم، لا سيما فى البلدان منخفضة الدخل، وتتيح التغطية الصحية الشاملة مزيدا من الفرص أمام الناس للعمل وكسب العيش، وتزيد فرص الأطفال فى بلوغ قدراتهم الدراسية الكاملة، وهى الأساس الذى تقوم عليه التنمية الاقتصادية طويلة الأمد.
وكشف التقرير، أن منظمة الصحة العالمية تأسست على المبدأ الذى يقضى بحق كل فرد فى أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ومع ذلك، يقع ما يقرب من 100 مليون إنسان فى براثن الفقر الشديد، مجبرين على العيش بدخل 1.90 دولار أمريكى فقط أو أقل فى اليوم، لأنهم يضطرون لدفع تكاليف الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة.
وفى إقليم شرق المتوسط، يمثل الإنفاق الشخصى المباشر 40% من الإنفاق الصحى؛ وأكثر الأشخاص تضررا من هذا الوضع هم ذوى الدخول المنخفضة والمحرومون من الحماية الاجتماعية، ويواجه ما يصل إلى 55.5 مليون شخص فى مختلف أنحاء الإقليم ضائقة مالية نتيجة لما يدفعونه من مالهم الخاص على الصحة، وتدفع هذه التكاليف ما يصل إلى 7.7 ملايين شخص إلى الوقوع فى براثن الفقر، وتبلغ المدفوعات الشخصية على الخدمات الصحية أكثر من 70% من إجمالى الإنفاق الوطنى على الصحة فى بعض بلدان الإقليم.
وقال الدكتور جواد المحجور، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط بالإنابة، أن “التغطية الصحية الشاملة حق أساسي من حقوق الإنسان”، مضيفًا أن «ضمان الحق في الصحة للجميع والتغطية الصحية الشاملة وجهان لعملة واحدة، وهما الدافع لعمل المنظمة منذ إنشائها. ويتزامن يوم الصحة العالمي هذا العام مع مناسبتين خاصتين، إذ يوافق الذكرى السبعين لإنشاء منظمة الصحة العالمية والذكرى الأربعين لإعلان ألما-آتا بشأن الرعاية الصحية الأولية”.
وتحث منظمة الصحة العالمية البلدان فى يوم الصحة العالمى لعام 2018 بالالتزامات التى قطعتها على نفسها عندما اعتمدت أهداف التنمية المستدامة والتزمت باتخاذ خطوات ملموسة للنهوض بجدول أعمال الصحة للجميع، وتعنى التغطية الصحية الشاملة أن يستطيع جميع الأشخاص والمجتمعات الحصول على خدمات الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها دون أن يعانوا من ضائقة مالية.
ويستطيع كل شخص أن يحصل من خلال التغطية الصحية الشاملة على الخدمات التي تعالج أهم أسباب المرض والوفاة ، مع ضمان أن تكون تلك الخدمات عالية الجودة من أجل تحسين صحة الأشخاص الذين يتلقونها.
وأضاف الدكتور المحجور أن “التغطية الصحية الشاملة تعني أيضا ضمان الحصول على الرعاية الأساسية عالية الجودة وتوفير الحماية المالية”.
وهو ما يحسن صحة الناس ويزيد متوسط عمرهم المتوقع، ليس هذا فحسب، بل ويحمى البلدان كذلك من الأوبئة، ويقلص من رقعة الفقر ويحد خطر الجوع، ويخلق فرصا للعمل، ويحفز النمو الاقتصادي، ويعزز المساواة بين الجنسين.
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة لعام 2018، وفى إطار احتفالات إقليم شرق المتوسط بهذه المناسبة، يستضيف مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط في 4 إبريل 2018 حلقة نقاش حول التغطية الصحية الشاملة ستركز على الفئات السكانية الضعيفة واللاجئين، وستضم كبار الخبراء والقادة في مجال الصحة العامة علي الصعيدين العالمي والإقليمى، وسيتبادلون فيها قصص النجاح العالمية والإقليمية، مسلطين الضوء علي الحماية المالية والتغطية السكانية والتغطية بالخدمات.
وتؤكد حلقة النقاش كذلك على أهمية الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وقال الدكتور ظفار ميرزا، مدير إدارة تطوير النظم الصحية في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط “تكتسي التغطية الصحية الشاملة أهمية خاصة للأشخاص الذين يعيشون في بلدان تعاني من حالات طوارئ حادة وطويلة الأمد، وهذا هو وضع إقليمنا للأسف، لافتا النظر إلى أن نصف السكان النازحين داخلياً في العالم يعيشون في بعض بلدان الإقليم، وأن أكثر من 60% من اللاجئين والمهاجرين في العالم هم من إقليم شرق المتوسط في الأساس. ومن هذا المنطلق، فإننا نركز تركيزاً خاصاً على التغطية الصحية الشاملة للاجئين والمهاجرين”.
إن يوم الصحة العالمي فرصة لتسليط الضوء على الحاجة إلى التغطية الصحية الشاملة ونتائجها الإيجابية على الصحة.
وفي هذه المناسبة، تؤكد المنظمة من جديد التزامها بتعزيز الصحة للجميع، دون تمييز، لضمان عدم إغفال أحد في أي مكان.