أكثر المناطق التي تعاني من أزمة الإحتباس الحراري هي المناطق القطبية التي تتعرّض سنوياً لمستوى ذوبان يتسارع يوماً بعد يوم. في هذا الإطار، وجدت دراسة جديدة أن مياه المحيط الدافئة تسبب ذوبان الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي، ما يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.
واستخدم الباحثون بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد كمية ذوبان الجليد تحت الماء، ما أتاح رسم خريطة “الخطوط الأرضية”، حيث ترتبط الصفائح الجليدية العائمة الكبيرة بطبقة الصخور تحت القطب الجنوبي.
ويمكن أن تكون هذه الصفائح عرضة للانهيار لأن مياه البحر تذوبها من الأسفل. وبناء على الدراسة، وجد الباحثون أن منطقة من الجليد تحت الماء (بحجم لندن الكبرى)، تعرضت للذوبان في غضون 5 سنوات.
وظهر التغير الأكثر إثارة للقلق في غرب أنتاركتيكا، حيث تراجع أكثر من خمس الطبقة الجليدية بأكملها بسرعة في قاع البحر، وهو ما يفوق معدل الذوبان الكلي فوقها.لا تعتبر هذه الإكتشافات جديدة، فإن الحديث عن تسارع ذوبان الجليد أمر بدأ منذ سنوات، إلا أن نسبة التسارع المرتفعة سنوياً هي التي تدعو إلى تكثيف الأبحاث والدراسات.
وقال قائد الدراسة المنشورة في مجلة “Nature Geoscience”، الدكتور، هانيس كونراد، الباحث في جامعة ليدز: “دراستنا تقدم دليلا واضحا على أن التراجع يحدث عبر الطبقة الجليدية، بسبب ذوبان قاعدة المحيطات”.
ومع ارتفاع درجة حرارة المناخ، يعد ارتفاع مستوى البحر أحد أهم التهديدات التي تواجه البشرية. ويمكن أن يصل عدد الأشخاص المتأثرين بشكل مباشر بهذه الارتفاعات، إلى مئات الملايين بحلول نهاية القرن، وفقا لبعض التقديرات.
وفي الوقت الحالي، فإن معظم ارتفاع مستوى سطح البحر ناتج عن التوسع الحراري، أي أن مياه البحر تتوسع مع ارتفاع درجة حرارته وذوبان الأنهار الجليدية الصغيرة. ومع استمرار الاحتباس العالمي في اتجاهه الحالي، من المتوقع أن تزداد مستويات البحار الناتجة عن ذوبان الصفائح الجليدية الأكبر في غرينلاند وأنتاركتيكا.
وأظهرت الدراسات السابقة أن “الانهيار الكارثي” للمناطق الرئيسية، مثل الغطاء الجليدي في غرب أنتاركتيكا، يملك في حد ذاته القدرة على رفع مستويات البحار العالمية أكثر من 3 أمتار.
ووجد الباحثون تباينا في معدلات الذوبان عبر أجزاء مختلفة من المنطقة، وشددوا على أهمية رصد هذا التباين. وأشاروا إلى وجود ذوبان شديد تحت المياه في 8 من أكبر الأنهار الجليدية في أنتاركتيكا.
ويذكر أن فهم ديناميكيات الجليد المختلفة التي تسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر، أمر حيوي لرسم خريطة المناطق الأكثر دفئا على الأرض، كما يشير تغيير الخطوط الأرضية في القطب الجنوبي، إلى آثار كبيرة آتية من ذوبان الجليد البري.