يفاجئنا البحر دائما بما يكتنز من ثروات وغنى وتنوع بيولوجي، فيما نحن نمعن بتلويثه وردمه دون اعتبار لأهمية هذا التنوع الذي هو عنوان الحياة في مياهنا المتوسطية، وهذا ما يفرض علينا تحديات كبيرة للمحافظة على ما يمكن اعتباره ثروة طبيعية، من المفترض أن تكون عامل جدب سياحي على قاعدة الاستدامة.
وفي هذا السياق، وثق الصياد حسين قصاب عبور حوت قبالة شاطىء الناقورة في قضاء صور جنوب لبنان، ويعتبر هذا الأمر ظاهرة طبيعية، ولا تشكل أي تهديد لمرتادي البحر صيادين وهواة سباحة وغطس.
قصاب: حوت ضخم
وقال قصاب لـ greenarea.info: “كنت في رحلة صيد ما بين صور والناقورة قرابة الثانية بعد الظهر من يوم أمس، وفوجئت بحركة كبيرة وسط المياه غير بعيد من مركب الصيد، الأمر الذي أثار فضولي لمعرفة سبب هذه الحركة، فاقتربت بالمركب ناحية مصدر الحركة، ففوجئت بحوت ضخم يسبح على سطح المياه، فبادرت للتو بتصويره ووثقت مروره في أكثر من شريط فيديو قصير”.
وأشار إلى أن ما “شد انتباهي في أول الأمر شكل رأسه ومقدم فمه ولونه الرمادي والبني ووجود بقعة بيضاء كبيرة عند منطقة البطن”، وقدر قصاب “طول الحوت بنحو سبعة عشر مترا”.
باريش: مهدد بشكل حاد عالميا
أما الخبير في علوم الأحياء البحرية في الجامعة الأميركية في بيروت والاخصائي في الأنواع الغازية البروفسور ميشال باريش، فأشار إلى أنه استند في تحديد نوع الحوت إلى ما ظهر في الفيديو المصور والذي أرسلناه له، وقال greenarea.info: “ينتمي هذا الحوت إلى نوع (هيركول شائع) Fin whale، وهو من فصيلة Balaenoptera physalus، يبلغ طوله الكلي من 15 إلى 19 متر، وطوله الأقصى 24 مترا”، ولفت إلى أنه “كان طافيا على سطح المياه
وأضاف: “يعيش بعيدا عن الشاطىء، وبشكل أساسي في المياه العميقة، وعلى أعماق تتراوح بين 400 و2500 متر، ويمكن أن يشاهد بالقرب من الشاطىء، وهو ولود، وعادة ما يشاهد وحيدا أو في أزواج أو صحبة بضعة أفراد، ويتغذى على القشريات والأسماك الصغيرة”.
وأكد باريش أن “لا أهمية له في الصيد”، لافتا إلى أنه “تنجم بعض حالات النفوق عن الارتطام بالسفن، أو الوقوع عرضا فريسة معدات الصيد”.
وأردف: “إنه موجود في البحر الأبيض المتوسط، وينتشر في غربه وأواسطه بشكل أساسي وعرضي، وهو في مياهه الأخرى، وثمة مجتمع متميز من نحو عشرة آلاف من الأفراد البالغة مقيم في المتوسط، وهو عالمي الانتشار، ولكنه مهدد بشكل حاد جدا عالميا”.