لطالما عانت منطقة غرينلاند من ذوبان الجليد فيها، الأمر الذي جعلها محط أنظار الخبراء والعلماء، وبينما يقع اللوم بشكل أولي وأساسي على الإحترار المناخي بتسببّه بذوبان الثلوج، يبدو أن بعض اللوم يقع على المنطقة المظلمة في غرينلاند أيضاً التي تهدّدها بشكل كبير جداً !
وبينما تمتلك غرينلاند منطقة مظلمة تمتد على مسافة 250ميلاً أي 400 كيلومتراً ، فإنها تمتصّ أشعة الشمس بدرجة أكبر من بقع الثلج النظيفة، الأمر الذي قد يساهم بتسارع ذوبان الغطاء الجليدي فيها.
في دراسة أخيرة، حذّر العلماء من خطورة هذا الأمر مشيرين إلى أن المشكلة قد تتأزّم. وواقع المنطقة شاهد على ذلك، فمنذ عام 2000 إلى عام 2012، زادت مساحة المنطقة المظلمة بنسبة 12 في المائة، لكن العلماء ظلوا في حيرة بشأن ما تسبب في تغيير اللون، وفي دراسة جديدة، وجد الباحثون الذين يدرسون صورًا بدون طيار أن المنطقة مظللة بالأتربة والغبار المحترق من حرائق الغابات، بالإضافة إلى الطحالب الثلجية.
على ما يبدو وحسب ما يقول الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور ألون هوبارد، الباحث في المركز النرويجي للغاز والبيئة والمناخ ، فإنّ المنطقة المظلمة مغطاة بطبقة من الغبار والكربون الأسود موزعة بدقة، الأمر الذي يوفّر التغذية للطحالب ذات الألوان الداكنة، وهذا هو السبب الرئيسي في السواد، ويغطي الغطاء الجليدي في غرينلاند أكثر من 80 في المائة من مساحة اليابسة في البلاد التي تبلغ مساحتها 656 ألف ميل مربع (1.7 مليون كيلومتر مربع)، وهي مساحة تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة تكساس، وفقاً لمركز بيانات الثلج والجليد.
ويبلغ الجليد أكثر من ميل واحد (1.6 كم) في المتوسط ، ويحمل 8 في المائة من المياه العذبة في العالم, وإذا صهرت مستويات البحار العالمية سترتفع بنحو 23 قدمًا (7 م)، وفقا لوكالة ناسا، وفي دراسة جديدة، قام الباحثون بعدد من المسوحات بدون طيار في منطقة غرينلاند المظلمة- وهي شريط من الجليد سريع الذوبان باتجاه الجنوب الغربي من الغطاء الجليدي, وتبلغ مساحة المنطقة، المعروفة أيضًا باسم “منطقة التذرية”، حوالي 250 ميلاً (400 كم) و 62 ميلاً (100 كم) في أوسع نقطة لها، مما يعني أنها مرئية بوضوح في صور القمر الصناعي.
تبين الأقمار الصناعية أنه في الفترة بين عامي 2000 و 2012، ارتفع النطاق المكاني للمنطقة المظلمة بنسبة 12 في المائة، وأظهر الكثير من التغييرات في الحجم في كل عام، وهذا يشير إلى أن المنطقة ليست مجرد نتيجة لذبول الجليد الذي يكشف عن رواسب التربة الداكنة تحتها، ويشعر الباحثون بالقلق من المنطقة حيث أن البقع الداكنة تمتص أشعة الشمس أكثر من الثلوج المشرقة، وبالتالي يمكن أن تسرع من ذوبان الغطاء الجليدي للبلاد.
وقال البروفيسور هوبارد: “إن حقيقة كون جزء كبير من الجناح الغربي للغطاء الجليدي في غرينلاند أصبح مظلمًا يعني أن الذوبان يصل إلى خمسة أضعاف ما لو كان سطحًا ثلجيًا رائعًا”، ومن خلال دراسة صور عالية الدقة للمنطقة، وجد الفريق النرويجي أن معظم المنطقة المظلمة بها طلاء موحد من الشوائب، وتشمل تلك الشوائب الغبار والسخام من الحرائق بعيدة والمصانع التي تراكمت في الجليد، فضلا عن ازدهار الطحالب داكنة اللون.
إن طبيعة وأصل شوائب المنطقة المظلمة غير واضحة، لكن الباحثين كتبوا أنها يمكن أن تكون جزءًا من تأثير ردود الفعل المعقدة في الجليد، ويمكن أن تزدهر الطحالب بواسطة السخام والشوائب الأخرى التي تقع هناك، مما يخلق حلقة ردود فعل إيجابية سريعة قد تفسر سبب سوء المنطقة المظلمة، وقال البروفيسور هوبارد: “تحتاج الطحالب إلى مواد غذائية وطعام، وغبار، وكربون عضوي وماء، وفي الصيف، يتاح هذا وبوفرة ، وينتج عنه الطحالب، ولأن الطحالب داكنة اللون، فإنها تعزز ظلام المنطقة”.
وفي السابق، كان الباحثون يصورون البقعة فقط باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، لكن العلماء قالوا إن استخدام الطائرات بدون طيار سمح لهم بالتقاط صور أكثر تفصيلاً، وقال البروفيسور هوبارد: “إن مسح الطائرات بدون طيار، بتفاصيله المدهشة، يسمح لنا بتحديد وتمييز جميع أنواع الأسطح المختلفة والشوائب في جميع أنحاء المنطقة المظلمة بأكملها، وليس فقط جزء موضعي صغير منها”