من المفترض أن تنظم القوانين سائر قطاعات الحياة، وأن ترعى أمور الدولة بميزان العدل والمساواة، هذا في مختلف دول العالم، أما في لبنان، فالقانون ينتهك كل يوم، وليس ثمة من يراقب ويحاسب، بُـحَّت الأصوات مطالبة بردع من يعتدي على البيئة والطبيعة، ولا من يرد أو يسأل، وفي أحسن الأحوال يسطر محضر ضبط و”تُلفلف” القضية، أو كما حصل في أحيان كثيرة تسجل “ضد مجهول” معلوم!

حتى الآن، ورغم ما تشهد البيئة من تعديات، لم نرَ أن هناك من طاوله القانون بمقتضيات بنوده، علما أن الطبيعة “تنظم” أمورها وفق قوانين تحكمها وتؤمن ديمومتها، فيما مجتمعنا اللبناني، دولة ومؤسسات وأفرادا، ما يزال عصيا على التنظيم.

 

موروثات قديمة

 

لم تردع القوانين من يمعنون في قتل الحيوانات البرية المفترض أنها محمية وممنوع صيدها وقتلها، لا بل نجد من يتباهون بقتلها، وعرض صورها مقتولة على وسائل التواصل الإجتماعي، ومثل هذا الأمر لم يعد مقبولا، والمطلوب ليس إدانة مرتكبي هذه الجرائم فحسب، وإنما معاقبتهم، لردعهم، من أجل تعميم ثقافة حضارية بعيدا من اعتبار القتل “بطولة” ومدعاة للتباهي.

مؤخرا شهدنا تطاولا على الحياة البرية، ما يؤكد أن هناك كثيرين ما زالوا أسرى موروثات قديمة، عندما لم يكن أجدادنا يعرفون الكثير عن الحيوانات البرية، وكانوا محكومين بمفاهيم خاطئة فيعمدون الى قتلها، وبعض الاخبار والقصص توارثتها الاجيال ورسخت في أذهانهم مفاهيمها خاطئة، وهذا احد الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة، وعنوانها الجهل من جهة، والفوضى والتسيب من جهة ثانية.

في هذا السياق عرض حساب على “فيسبوك” يحمل اسم الشابHasan Al Zein صورة لشاب يحمل ثعلبا أحمر مقتولا، والى جانبه شاب يحمل بيده سلاحا حربيا (مسدس)، وقد تباهى بكتابة عبارة “أحلى رحلة صيد مع أحلى شباب”، وقد وحدد المنطقة بحيث تبين أن الجريمة نفذت في منطقة بعلبك.

 

د. يونس: لحماية المكافح البيولوجي لفأر الحقل

 

وفي هذا السياق، قال مؤسس جمعية “الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس لـ greenarea.info: “علينا أن نعي بأن قتل الثعالب الحمراء يلحق الضرر بنظامنا البيئي، الذي نحن جزء منه، توازنه واستدامته. إذ تلعب الثعالب دورا حيويا في هذا المجال وهو ما يفيد صحة المزارع وانتاجيته”، لافتا إلى أن “الثعلب هو المكافح البيولوجي لفأر الحقل”.

وأضاف: “على الرغم من التهديد الذي تشكله للدواجن، وهذا أمرٌ يمكن تلافيه مع اعتماد وسائل حماية غير مكلفة، إلا أن دورها وأهميتها يتجاوزان أعباء ذلك بكثير. فالثعالب الحمراء وباعتمادها على الحشرات (الجراد والصراصير واليرقات والديدان… الخ) والقوارض (فئران وجرذان)، بالإضافة إلى التقميم وأكل بقايا الطعام واللحوم والطيور الميتة تسهم في الحفاظ على صحة بيئة الأرياف والمدن، وكذلك جودة ووفرة الحقول الزراعية من دون الحاجة إلى استخدام السموم التي لها آثار سلبية جداً على المنتوجات والتربة والمياه، وآثار خطيرة على النحل وغيرها من الحشرات النافعة وعلى النباتات والأشجار وبالتالي على صحة المزارع والغابات.

 

برسم الجهات المعنية

 

وأردف يونس: “في منطقة البقاع تحديدا تشكل الثعالب والمفترسات والجوارح حاجة في ظل تفاقم مشكلة “فأر الحقل” Microtus socialis الخطيرة، والتي تخلف اضرارا جسيمة على الحقول والمزارع والمحاصيل الزراعية، فضلا عن مخاطرها لجهة التسبب في انتشار الأوبئة، وهو ما يهدد الانسان والصحة العامة بشكل مباشر، خصوصا مع توقع تزايد هذا التحدي نتيجة لتزايد فترات الجفاف نتيجة للتغير المناخي، وهو ما يزيد من معدلات تكاثرها والتي تعد هذه الفترة من العام (تشرين الأول – نيسان) الأعلى في خصوبتها وتكاثرها”.

إن الصور التي وثقناها والمعلومات التي استقيناها نضعها برسم الجهات المعنية، خصوصا وأن الأمر يعتبر جريمة مزدوجة: قتل الثعلب، واستخدام سلاح حربي، على أمل أن تتحرك النيابات العامة المختصة، والنظر في هذا القضية منعا لتكرارها.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This