ان تكون قائدا و مؤثرا في آن معا تحتاج الى قوة اقناع بفكرك ومنهجك، الا ان ما يحصل اليوم يصعّب تحقيق هذه الصفات بسبب دخول “القائد” بلعبة التحكم واستغلال الظروف المعيشية للحفاظ على تبعية الناس له، الأمر الذي يرتفع بسبب الأحوال الإقتصادية الخانقة التي تجبر المواطن على مناصرة الزعيم.
ما هي التداعيات النفسية على جيل الغد الذي بات يسير بالتبعية يعيداً من حسن الاختيار؟
ثورة القيادة منذ الصغر
اهم ما جاء في رأي نقيبة المعالجین والمحللین النفسانیین اللبنانيين الدكتورة ماري انج نهرا عبر ل greenarea.info :”ان روح القيادة تنمو عند الطفل منذ صغره شرط ان لا تكون تربيته باجباره الطاعة لاهله من دون اعطائه الحق في حرية ابداء رايه، فيكبر في هذه الحالة و لديه انتقاص في الشخصية ليكون امام خيارين اما ان يخرج بطباع ثورجي على السلطة المتمثلة بالاهل او ان يكون خاضعا لها يتعامل معهم بطريقة احتيال وغش . من هنا نقول اذا لم يسمع رأي الطفل منذ صغره فلن يعرف عندكا يكبر اتخاذ رأي مستقل. بمعنى آخر، في عمر المراهقة اذا احترم الاهل ثورة ابنهم كتعبيرعن الذات عندها تصبح شخصيته ناضجة في مرحلة البلوغ اما اذا رفضوا ثورته و حاربوه ونبذوه اجتماعيا عندها تكون شخصيته مهمشة عند الكبر و معترضا دائما حتى ولو السلطة الابوية على حق فهو يعترض ليعترض دون التسلح بفكر او بمنهج ليدافع عنه .انطلاقا من ذلك يمكن القول ان العملية الديمقراطية تبدا منذ الصغر ضمن الاسرة لتتوسع الى مجتمع يتربى على سلطة ذكورية لاشخاص تابعين لزعيم معين بثقة عمياء به حتى ولوكان على خطأ من دون اعادة النظر ببرامجه او افكاره. وهذا مؤشر خطير جدا لانه يلغي مبدأ المحاسبة ، الأمر الذي يجعل الفرد خاضعاً لسلطة الزعيم اوالحزب لان ليس لديه وسائل للتحرر منه فيضطر الى المسايرة للوصول ما يريده . لذا يكمن الحل بتحرك جماعي في تنمية روح القيادة، لمنهج ولفكرمتطور خاضع للتدريب التربوي على المدى البعيد لنصل في ما بعد الى جيل متحرر من القيود الاجتماعية .”
التبعية و الضغط النفسي
في المقابل رأت الاختصاصية في المتابعة النفسية و الجسدية شنتال خليل عبر ال greenarea.info :”ان السبب الاساسي للتبعية لزعيم معين هو ذلك الضغط النفسي الذي يوضع على الشعب والذي يجعله غير قادر على التغييرودائما بحاجة له ليحقق ما يريده. والدليل على ذلك فرض الضرائب عليه ورفع أقساط المدارس من دون اي اعتراض . وكلما افتقرت الناس كلما كانت بحاجة الى قائد لدعمها، فقد تبيع الناس صوتها الانتخابي ولو بخمسين دولار فقط لتامين حاجة اولادها المؤقتة في ظل ازمة اقتصادية خانقة، فكلما ازداد الفقر كلما ازدادت التبعية مع شروط للخدمات .. و لا يكون الحل الا في معالجة الضغط النفسي الذي يفرضه المسؤولون على الناس للتحررمن التبعية .”
التدريب والتوعية
من جهة اخرى شددت الاختصاصية في علم النفس ايزي شكّور على اهمية التدريب السليم للطفل منذ صغره على حسن الاختيار فقالت ل greenarea.info :”يبحث الطفل مدى حياته عن المثالية حيث ينمو فيه حب الانا ليكون متعلقا بالمثالية القيادية اذا لم يجدهاعند ابيه فيراها عند زعيمه فيتبعه بصورة عمياء وذلك يعود الى عدم حسن التدريب على الاختيار الصحيح منذ صغره لذا يكمن الحل في التوعية و التدريب على التفكير السليم .”
بينما المعالجة النفسية شنتال خضرا فاعتبرت ان زمن التبعية تاريخي منذ ايام عصر الملوك مما قالت لgreenarea.info : “هناك اشخاص لكي يشعروا بهويتهم يحتاجون الى اتباع اشخاص يختارون فيهم صورة القيادة التي يحتاجونها كل ذلك له علاقة بالتربية منذ الصغر اما ان يكون قد تعود الطفل على التبعية او على الاستقلالية شرط دون السيطرة على خياراته من اهله .”
الا ان الابرز ما ذكرته شنتال خضرا : ” ان هذه الهستيريا الانتخابية التي تعكس بعشوائية عرض الصور المرشحين مردها عدم الامان في الفوز بسهولة مع تغيير القانون الانتخابي خائفين على مكانهم ولم يعد هناك عرض و طلب بل تزاحم وتنافس في ما بينهم على من يظهر اعلاميا واعلانيا اكثر امام الناس .”
هورمون السيروتونين !!
الا ان الاهم ما ذكره الاختصاصي في علم النفس الدكتور نبيل خوري ان وراء التبعية هورمون السعادة السيروتونين مما قال ل greenarea.info :” بالنسبة للتبعية لفكر سياسي اوانساني اواجتماعي او ديني او حتى زعيم يعود سببها الى ان هناك غدة صنوبرية في خلايا الدماغ تفرزهورمون السيروتونين اي هورمون السعادة ليشعرالانسان بالسعادة بمجرد ما يكون قد تبع الانسان قائد ما لانه المثال الاعلى له لدرجة التعلق به كونه يشكل له عامل سعادة واستقرار حتى لو كان غير صالحا مثلما يحدث اليوم في لبنان و ايضا مثلما حصل في اوروبا على ايام هتلر وموسوليني وفرنكو .”
نحن شعب تبعي بحالة سكر دائم
من جهة اخرى ابرز ما توقف عنده الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان سعد ل greenarea.info :” ان التبعية تعود الى علم في الطب النفسي اسمه علم السياسة العصبية حيث يدرس في اهم الجامعات العالمية المعروفة، واجريت عدة دراسات علمية لمعرفة على سبيل المثال سر انتخاب الانسان لمرشح معين لان ذلك يعود بانه يرى وجوده من خلال وجود ذلك الشخص المرشح او الزعيم او الحزب المنتمي اليه .كما انه يعتقد ان هذا هو خياره الصحيح بارادته انما بالحقيقة ليس خياره بعدما اثبت الطب النفسي من خلال البحث العلمي في جامعة هوبكنز ان جنوح الشخص تجاه فريق معين خارج عن وعيه، ويعود السبب الى ان الدماغ ينقسم الى قسمين الاول الغشاء الخارجي والقسم الثاني الغشاء العصبي الداخلي اي هناك منطقة في الدماغ تعرف على هوية الشخص و المنطقة الاخرى من الدماغ تعرف على هوية الاخر المؤيد له . لذلك اي فريق سياسي يشبه الناخب باعتقاده انه يشبهه انما في الحقيقية يؤيد حاله من خلال المرشح نتيجة التناغم في الهوية الشخصية بين الناخب و المرشح لذلك مطلوب زيادة الوعي عند الناس لمعرفة حسن الاختيار.”
الى رأي الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان بستاني الذي اوضح ل greenarea باننا شعب تبعي مما قال : “منذ زمن بعيد ونحن شعب تبعي وهذا يتناقل من جيل الى جيل حتى اصبح من العادات المتناقلة بحيث لا يستطيع اللبناني أن يصل إلى اي مركز او يحقق ما يريده الا اذا كان تابع لزعيم معين . اذ ان هناك زعماء اليوم ولكن ليس لهم هيبة القيادة كما كانوا عليه منذ زمن الماضي البعيد فالقيادة تكمن في الاخلاق دون اذلال الذين يتبعونه . انما للاسف اليوم تعّود الشعب على تبعية الزعيم بشكل أعمى الى حد انهم سينتحرون لاجله .فالتبعية بالزعيم اشبه بحالة سكريفقد الانسان المنطق دون التمييز بين الصح والخطا . فالسكر ليس فقط ماديا بل فكريا بشخص ما و النتيجة تكون الضياع .”