خرج السوفييت الذين هزموا النازية، في الحرب العالمية الثانية،  بشكلٍ مذلٍ من أفغانستان، بعد أن قاتلوا لسنواتٍ، قطيع من الرعاع والمتمردين، مِنَ المتطوعيين الإسلاميين  الذين لبوا نداء الدفاع عن الإسلام ضد الإحتلال السوفيتي “الكافر”، وفي أفغانستان ذاتها التي لايزال يأكلها الفقر والجهل، وجدت  بذرة الإرهاب والاسلام الدموي تربة خصبة لإنتاج تنظيم القاعدة ومن ثم داعش وأخواتها (لاتزال مشيخة قطر ومملكة بول البعير تروي تلك البذرة).

اليوم تعمل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، ومعها تركيا ودول الخليج العربي، على تحويل سوريا الى أفغانستان أخرى غارقة بالفقر والجهل والتخلف، من خلال مجموعات ارهابية تقوم بتدميرممنهج لكل مايساعد على تطور الشعب السوري، ابتدءاً بالعنصر الأساس في تطور المجتمعات، أقصد الإنسان.

 

يُغذون الحرب التي تسببت بتخريب كل مراكز البحوث العلمية والمحميات الطبيعة، وتساهم في تلويث كل عناصر البيئة من ماء وتراب وهواء، كما دمرّت معظم الموائل الطبيعية.

والتي أوقفت كل مشاريع الدولة السورية، في التحول الى إستخدام الطاقات النظيفة، والإعتماد على وسائل الري الحديثة.

الحرب السورية، التي هجرّت مئات ألاف الشباب (أدمغة، وأيدٍ عاملة) من البلاد، ما تسبب بتغير ديمغرافي فظيع(قرى خالية من السكان ومدن مكتظة).

نعم دعموا الحرب التي دمرت كل البُنى التحتية، والقطاعات الإقتصادية، فأفقرت عامة الشعب السوري (تقدر الأمم المتحدة أن 13.5 مليون سوري يحتاجون مساعدات إنسانية في عام 2018) .

الحرب التي ساعدت على نهب التراث التاريخي السوري الغني جداً والذي سَلِمَ من التدمير،( تعرضت المواقع الستة التي أعلنتها “اليونسكو UNESCO”، في سوريا جميعها للتدمير بشكل كبير).

والتي إليها يعود  الفضل في إنتشار أمراض وأوبئة، كانت سوريا قد أعلنت عن إختفائها منذ سنوات عدة وبشهادة “منظمة الصحة العالمية WHO” .

وبفعل هذه الحرب، عادت سوريا الى عصور الجهل والأمية والتخلف، ذلك بعد أن كانت الدولة السورية قد قضت على الأمية بشكل نهائي، وذلك بشهادة “اليونسيف UNICEF “.

دعموا الحرب التي  ارتكبت الفظائع بحق  الأقليات في سوريا، من “سريان” ،”كلدان” و”أشور”، لابل وأيزيدين وأكراد، وقبلها قامت بغزواتٍ على الطريقة الجاهلية للبلدات التي لاتزال تتحدث لغة المسيح ( بهدف القضاء على كل شاهد على أن سوريا مهد الحضارات).

 

وهذه الحرب التي خطط لها، دعمتها ونفذتها، بلدان الإستعمار الجديد الكبرى، ورثة المجرمين (الانكليز) الذين أبادوا الهنود الحمر الطيبين في ما سمي لاحقاً الولايات المتحدة الأميركية (يذكر تقرير صدر عن المكتب الأميريكي للإحصاء سنة 1894 أن “عدد الحروب الهندية التي نشبت في ظل حكومات الولايات المتحدة يفوق الـــ 40 حرباً) ، وأصحاب برج ايفيل الذين سلبوا هنود جزر الأنتيل بلادهم ( بدأ الفرنسيون استعمارهم لجزيرة المارتينيك عام 1635 م ) هذا عداك عن مجازرهم في الدول الأفريقية (مالي- رواندا)، لاتزال تُدمِر سوريا.

 

وبالضرورة، سيترتب على كل السوريين وحلفائهم وأصدقائهم خوض ما يمكن إطلاق عليه “حرب مابعد الحرب”، حيث سيخوض هؤلاء كلهم، حرباً ضروساً على الفساد الإداري لإعادة مؤسسات الدولة الى طبيعتها، لمواكبة عملية اعادة الاعمار.
وحرباً شعواء على الجهل والأمية، والعمل على تنشأة أجيال جديدة من خلال وضع مناهج مدرسية علمانية.
وحرباً أخرى على الأمراض، وإعادة تأهيل المراكز الطبية وحملات التلقيح.

 

حرباً لاهوادة فيها لإعادة المجتمع السوري الى ماكان عليه، من تناغم (ولو جزئي) فيما بين مكوناته، اجتماعياً وطائفياً.

 

حرباً على كل أعداء البيئة ، لإعادة التنوع البيئي في الغابة السورية الى ماكان عليه، وإعادة الموائل الطبيعية، وتجفيف منابع التلوث.

 

يومَ تنتهي الحرب في سوريا واليمن، تنتهي معها كذبة الربيع العربي، ويفشل مشروع الشرق الأوسط الكبير الى الأبد، و تنخفض أرباح الرئيس التاجر “ترامب” وأصدقائه من دول الإستعمار الجديد، من تجارتهم في سوق الأسلحة، أما الأمر الذي سيغضبهم أكثر، فهو حين يعلمون أنهم لن يكونوا بين الأفرقاء الذين سيعيدون إعمار سوريا، وليسوا ممن سيشاركوننا في  “الحرب مابعد الحرب”.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This