إذا ما تركت الأمور على غاربها، فلن يبقى ثمة شاطىء في لبنان، ولا فسحة نطل منها على الأزرق اللامتناهي، ويبدو أن عدوى “وضع اليد” على الأملاك العامة البحرية انتقلت في خلال أيام قليلة من بلدة أنفه شمالا إلى المنصوري في أقصى الجنوب.

في هذا السياق، فوجىء أهالي المنصوري (قضاء صور) أمس، بردم مساحة من شاطىء البلدة بتراب أحمر بدل من معالمه، في تعد صريح دفعهم للتحرك لوقف مشروع سياحي كانت قد أثيرت حوله الكثير من الانتقادات، لا سيما وأن المستثمر “اندفع” باتجاه قضم مساحات من الشاطىء تحت ستار رخصة تنظيف، حيث توجهوا إلى الموقع يرافقهم إمام البلدة الشيخ محمد محسن، وأبدوا اعتراضهم على ما يجري، وكان سجال بينهم وبين المستثمر، اتسم بالهدوء ووعد بالتعاون.

وقد استطاع الأهالي إيقاف العمل في المنطقة المعتدى عليها، كما وحضرت القوى الأمنية كتبدير احترازي.

شروط الترخيص

 

يذكر في هذا المجال، أنه في 11 كانون الثاني 2014 كان قد استحصل على مباشرة تنفيذ رخصة بناء في العقار رقم 567، ضمن شروط واضحة، منها التقيد التام بخرائط الترخيص الصادرة عن الجهات المختصة، مع ضرورة تركيب أوتاد حديدة مثبتة بالباطون يبعد الواحد عن الآخر خمسة أمتار على الأكثر، متصلة ببعضها بشريط شائك يحول دون اختراقها إلى الأملاك البحرية، وذلك قبل مباشرة البناء، وعلى طول الواجهة المتاخمة للشاطىء.

واشترطت الرخصة “عدم التعدي على الأملاك العمومية البحرية المتاخمة، بأي شكل من الأشكال، وكذلك عدم إلقاء ردميات من أتربة أو صخور أو نفايات، أو إحداث تلوث على الأملاك العمومية أو البحر بأي شكل من الأشكال”، وهذا ما يلتزم به المستثمر.

وتجدر الإشارة إلى أن الشرط السابع في الرخصة جاء واضحا وصريحا بأنه “لدى الإخلال بأي من هذه الشروط، يجري توقيف المستمثر عن العمل فورا، وتلغى على الموافقة على الرخصة وتوضع إشارة على العقار، بكل ما لهذه الإشارة من مفاعيل قانونية، فضلا عن الملاحقة جزائيا بالغرامات وبكل مسؤولية وعطل وضرر”، وقد تم التوقيع على هذه الرخصة من قبل المدير العام للنقل البري والبحري المهندس عد الحفيظ القيسي.

 

تقييم الأثر البيئي

 

ومن الناحية البيئية، كانت وزارة البيئة قد وافقت على “تقرير الفحص البيئي العائد لمشروع إنشاء مجمع سكني”، شرط الآتي:

1-الالتزام بتطبيق مضمون خطة الإدارة البيئية الواردة في تقرير الفحص البيئي المبدئي والملحق التابع له أثناء مرحلة الإنشاء والتشغيل.

2-وضع سور من الخشب على حدود العقاء في الجهة المحاذية منه للشاطىء الرملي.

3-حصر استخدام المشروع بالسكن الخاص.

4- عدم إعطاء رخصة السكن إلا بعد التثبت من تنفيذ كافة عناصر خطة الإدارة البيئية.

ومما تقدم، بات ملحا أن تبادر وزارة البيئة إلى الكشف ميدانيا على الموقع، إنفاذا لمرسوم أصول تنفيذ تقييم الأثر البيئي، بكون الشاطى “حمى” طبيعية وموئلا لتعشيش السلاحف.

مديحلي

 

المهندس يوسف مديحلي قال لـ greenarea.info: “اتصلت بدايةً بقائمقام صور محمد علي جفال باعتباره القائم بأعمال لدية المنصوري المنحلة، لوضعه في المستجدات الأخيرة، وذلك بعد أن قررنا كأهالي ومهندسي البلدة مواجهة الأمر بالاعتصام السلمي لوضع الأمور في نصابها، وقمت بإجراء مسح شامل للمنطقة الشاطئية، فتبين بوضوح أن المستثمر تراجع أمتارا من جهة، ولكن تخطى حدوده عقاره باتجاه الشاطىء الصخري من جهة ثانية، وفي ذلك تعد على الأملاك العامة البحرية، وتغيير لمعالم الشاطىء عبر ردمه بتربة حمراء”.

وأشار إلى أن ما “شهده الشاطىء من أعمال ليس عملية تنظيف كما ادعى المستثمر”، ورأى أن “أي استغلال شخصي للشاطىء يعتبر مخالفا للقوانين ولن نسمح به”.

 

القائمقمام جفال

 

وفي هذا السياق، اتصلنا بقائمقام صور محمد علي جفال، فأكد لـ greenarea.info أنه سيتوجه غدا إلى الموقع مع المهندس مديحلي للوقوف على الأمر ومعاينة المكان، من أجل تقديم تقرير للأجهزة الأمنية للتحرك وفق للأنظمة المرعية الإجراء”.

وعن سؤال عن أن المستثمر حصل على ترخيص للعمل، نفى جفال، قائلا: “لديه رخصة تنظيف من قبل وزارة الأشغال العامة فقط، وقد اطلعت عليها”.

وشدد على أن “التعدي على الأملاك العامة ممنوع، وغدا يصبح الأمر منتهيا وتعود الأمور إلى ما كانت عليه”، وقال: “نحن كقائمقامية نمثل عين المنصوري، والشاطىء هناك عبارة عن حمى وهو المتنفس الوحيد لأهالي المنصوري، وهناك رفض مطلق للتعدي ولو متر واحد، لذلك إذا لم يلتزم المستثمر فلن نتواني عن إيقاف المشروع كائنا من كان”.

 

القيسي

 

وفي سياق متصل، وضع greenarea.info مدير عام النقل المهندس عبد الحفيظ القيسي في ما هو حاصل في المنصوري، فأكد أن “لجنة مختصة ستتوجه إلى البلدة لمعاينة الشاطىء، وإجراء المقتضى”.

 

متنفس لأهالي المنصوري

 

الشاب عباس مديحلي ابن المنصور دعا إلى “التجمع لمنع سرقة شاطىء المنصوري”، وأكد أن “التعاون بين أبناء البلدة هو السبيل لوقف أي تعد على الشاطىء”.

واعتبر مديحلي أن “هذا الشاطىء متنفس لأهالي المنصوري ويمثل رمزية خاصة للبلدة والمنطقة، إضافة إلى أهميته البيئية”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This