يصادف يوم 12 يونيو/ حزيران، اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، نظراً إلى النسب العالية من الأطفال العاملين، في كافة القطاعات لعل أكثرها يسّجل في القطاع الزراعي، وتحديداً في الدول الفقيرة.
وتعتبر هذه المشكلة عالمية، تستوجب تضافر جهود المعنيّين لحلها، نظراً إلى أنّ هذه الظاهرة تشكّل أساساً لتطور المجتمعات نحو الأفضل أو الأسوأ.
وتعدّ عمالة الأطفال انتهاكاً لحقوق الطفل. كما تشكّل عقبةً تعوق التنمية الزراعية، المستدامة والأمن الغذائي.
وتعرَّف بأنّها العمل الذي لا يتناسب مع سنّ الطفل، أو يُضرّ بتعليمه ، أو يمكن أن يلحق الأذى بصحته أو سلامته أو أخلاقه. ويجب التشديد على أنه ليس كل عمل يؤديه الأطفال يعتبر عمالة ، فبعض النشاطات يمكن أن تساعدهم في إكتساب مهارات حياتية مهمة، وتساهم في بقائهم وتوفير الأمن الغذائي لهم.
100 مليون عامل وعاملة
وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) يشتغل نحو 100 مليون ولد وبنت، كعمالٍ في قطاعات الفلاحة والثروّة الحيوانية، وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، لساعاتٍ طويلة وفي ظل مخاطر حرفية في معظم الأحيان، إلاّ أنّ عمالة الأطفال أكثر ما تكون في قطاع الزراعة. فهناك قدراً كبيراً من العمل الذي يقوم به الأطفال في مجال الزراعة، لا يتناسب مع أعمارهم، ويمكن أن يكون خطيراً أو يعيق تعليمهم.
ولا تقتصر عمالة الأطفال على الخطر الناتج عنها على حياتهم ، بل لها أبعاد إجتماعية تنعكس على مستوى المعيشة في الدول، فهي تؤدي الى إدامة وترسيخ، دوّامة الفقر لدى الأطفال ذوي الصلة، وكذلك لدى أسرهم ومجتمعاتهم المحليّة. مما يعني إمكانية بقاء هؤلاء الأولاد والبنات، الذين لم يتلقوا التعليم اللازم فقراء، وبالتالي تقويض الجهود التي تبذل، لتحقيق الأمن الغذائي المستدام والقضاء على الجوع.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ أكثر من 150 مليون، فتى وفتاة حول العالم، تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً يعملون، و 108 ملايين منهم في الزراعة.
عوامل العمالة
هناك العديد من العوامل المعيشية التي تساهم في إنتشار عمالة الأطفال، وهي وفق الفاو إنخفاض دخل الأسرة، وقلّة البدائل المتاحة لكسب العيش، وسوء فرص الحصول على التعليم، ومحدودية إنفاذ قانون العمل. الأمر الذي يحد من خيارات وفرص عمل أكثر تناسباً لعمر الأطفال، بحيث تشعر العديد من الأسر والمجتمعات المحليّة، أنه ليس أمامها خيار آخر سوى تشغيل أطفالهم في الزراعة، من أجل سد إحتياجاتهم من الغذاء والدخل. وفي الواقع، يعمل ما يقدر بنحو ثلثي الأطفال، العاملين في الزراعة في عمليات أسرية أو جنبا إلى جنب مع أفراد الأسرة.
في المقابل، يأخذ القانون الدولي هذه الظروف في الإعتبار، ما دامت مهام الطفل تتبع بعض القواعد المهمة. إذ يجب أن يكون عمر الطفل 13 عاما على الأقل (أو 12 عاما في بعض الإقتصادات النامية)، لكي يقوم بالمساعدة، وإذا فعل ذلك، فيجب أن يكون لفترة محدودة كل أسبوع، وفقط في الأعمال غير الخطيرة، كما يجب أن يذهب الطفل إلى المدرسة.
كذلك تجدر الإشارة، إلى أنّ العمال الأطفال يواجهون، مجموعة متنوّعة من العواقب السلبيّة، التي تنجم عن العمل الذي يكون صعباً للغاية أو كثيراً جداً بالنسبة لعمرهم وقدرتهم. كذلك يمكن للإعاقة الجسدية، أو الصدمة العقلية أو العاطفية، بالإضافة إلى الحرمان من التعليم، أن تضع هؤلاء الأطفال في وضع غير مواتٍ للغاية في المستقبل. ومن شأن ذلك أن يقلّص خياراتهم للإنتقال إلى سبل عيش أخرى، لأنّهم لم يتمكنوا من الحصول على الموارد، التي يحتاجون إليها للتمتع بطفولة آمنة، وصحيّة، ومتوازنة.
عمالة الأطفال الخطرة
يشكّل العمل خطراً على حياة الأطفال، وإن كان هناك بعض الأعمال التي تعتبر أكثر خطورةَ من غيرها. ووفق منظمة الصحة العالمية، يزاول عمالة الأطفال عدد يقارب 250 مليون طفل، (بمعدل طفل واحد من كل ستة أطفال تقريباً). ويوجد نحو 111 مليون طفل دون سن 15 عاماً، يزاولون أعمالاً خطرة.
على أن الأطفال يعملون في كل قطاع الإقتصاد تقريباً، بل حتى في القطاعات التي تعتبر غاية في الخطورة، من قبيل التعدين والبناء وصيد الأسماك.
ويُنظر إلى عمالة الطفل على أنها خطرة ،عند وجود مجازفات ومخاطر في محل العمل، (مثل وجود مواد كيميائية، وضوضاء، ومخاطر في بيئة العمل كرفع الأحمال الثقيلة وغيرها) ، فضلاً عن ظروف العمل (مثل العمل لساعات طويلة، والعمل أثناء الليل، والتعرّض للمضايقات).
على صعيد لبنان
ليس لبنان بمنأى عن مشكلة عمالة الأطفال، التي على مايبدو هي في حالة إرتفاع، خاصة مع نزوح السوريين إليه. إذ وفق أرقام منظمتي “يونيسف” و”إنقاذ الطفولة”، فإن عدد الأطفال العاملين في لبنان كان سابقاً لا يتخطّى 35 ألفاً، إلاّ أنّه إرتفع بعد العام 2011 ، مع نزوح نحو 1.3 مليون سوري إلى لبنان، ليبلغ أكثر من مائة ألف . مما يعني أنّه أصبح من بين الدول التي تسّجل أعلى نسب في العالم، للأطفال العاملين والذين يتعرضون للإستغلال الجسدي والجنسي.
والجدير بالذكر في هذا المجال، أنّ عمالة الأطفال ترتبط في لبنان، بإرتفاع معدلات البطالة التي زادت مع ازدياد أعداد اللاجئين السوريين، الذين شكلوا وفرة في اليد العاملة.