تطال تداعيات تغير المناخ، العديد من وجوه البيئة، وهي بالتالي تؤثر على حياة ملايين البشر، الذين يعتمدون على موارد الطبيعة في معيشتهم، وأحد هذه التداعيات التي تمس حياتنا وصولاً إلى حد تهديدها، جفاف الأراضي .
وفي هذا المجال، يعَرّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الأراضي الجافة وفق مؤشر الجفاف، أي النسبة بين المعدل السنوي للهطولات والتبخر-النتح المحتمل. لذلك فإنّ الأراضي الجافة هي تلك التي ينخفض فيها مؤشر الجفاف عن 0.65.
خضرنة الأراضي الجافة
تستوجب مشكلة جفاف الأراضي الناتجة عن تغير المناخ، تحركاً جديّاً من أجل الحد من هذه الظاهرة أو التخفيف من آثارها، حفاظاً على حياة العديد من البشر. بناءً عليه، برزت فكرة خضرنة الأراضي الجافة.وفي هذا الإطار، دعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى تغيير أساسي في طريقة فهم وإدارة الجفاف، في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وقالت في تقرير أصدرته إن هناك حاجة إلى نهج أكثر إستباقية، يستند إلى مبادئ تقليص المخاطر لتعزيز الصمود في وجه الجفاف.
كذلك يذكر التقرير أن زراعة محاصيل مقاومة للجفاف، وسريعة النمو ومحاصيل مستجمعات المياه، والتشجيع على وسائل الري المتقدمة، (بما فيها الري بالتنقيط والرش)، هي بعض الإجراءات التي يتوجب إعتمادها على النطاق الأوسع لمكافحة التغير المناخي.
كما أن تخصيص قطع أراضي لزراعة الأشجار، أو الأشجار الصغيرة في الحقول الزراعية والمراعي، لضمان نموها يمكن أن يولّد أشجاراً ذات إستخدام متعدّد لتخفيف آثار الجفاف.
كذلك وفي هذا الصدد، لجأت حكومة أوزبكستان، لتنفيذ خطة لخضرنة قاع بحر آرال الجاف في آسيا الوسطى بملايين الأشجار. وقد تم إختيار شجرة السكسول، وهي أنواع شبيهة بالشجيرات، موطدة في صحاري آسيا الوسطى، وتعد الآن خط الدفاع الأول ضد تغير المناخ في أوزبكستان. إذ يمكن لواحدة من شجر الساكسول المزروعة بالكامل، أن تصلح ما يصل إلى 10 أطنان من التربة حول جذورهها.
غابات في الأراضي الجافة
يعتبر إنتشار الأشجار في الأراضي الجافة، الحل الأمثل للحد من تداعيات تغير المناخ، لذلك فقد أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تقريراً يساعد على سد فجوة كبيرة، في المعلومات حول وجود الغابات والأشجار ومدى إنتشارها في المناطق الجافة حول العالم.
وتُظهر النتائج أن الأشجار تتواجد بكثافة متفاوتة، إلى حد كبير على ثلث مساحة الأراضي الجافة، في جميع أرجاء العالم والتي تقدر بنحو 6.1 مليار هكتار، أي أنها تغطي مساحة تزيد عن ضعف مساحة القارة الأفريقية، وتشتمل 18 بالمائة من هذه المساحة تقريباً على غابات.
ويعيش قرابة ملياري شخص في المناطق الجافة، 90 بالمائة منهم في الدول النامية. وأظهرت دراسات حديثة الحاجة لإستصلاح هذه الأراضي لمواجهة آثار الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي.
أنواع الأراضي الجافة
هناك أكثر من نوع من الأراضي الجافة، ووفق الفاو فهي تنقسم إلى أربع مناطق وهي: المنطقة الجافة شبه الرطبة، والتي تعد المنطقة الأقل جفافاً بين المناطق الأربع، وتتكون في معظمها من السافانا الإستوائية؛ الغابات والمراعي في أمريكا الجنوبية؛ سهول أوروبا الشرقية وجنوب سيبيريا؛ والبراري الكندية.
فيما يوجد على الطرف الآخر، منطقة شديدة الجفاف، وهي الأكثر جفافاً وتتشكل غالبيتها من الصحراء، التي تشكل وحدها 45 بالمائة منها، فيما تمثل الصحراء العربية جزءاً كبيراً آخراً.
في حين، تشير الدراسة إلى أن المراعي تشكل 31 بالمائة من إستخدام الأراضي، في المناطق الجافة فيما تشكل الغابات 18 بالمائة، والأراضي الزراعية 14 بالمائة، والأراضي الرطبة 2 بالمائة والمستوطنات البشرية 1 بالمائة. بينما يتألف الجزء الأكبر، الذي يشكل 34 بالمائة، والمصنف على أنه “أراض أخرى”، في معظمه من التربة العارية والصخور.
مما لا شك فيه، أنّ تغير المناخ يعتبر أحد أكبر المشاكل التي تواجه العالم اليوم، نظراً إلى أن تداعياته لا تقف عند حدود معيّنة بل إنّها تطال كافة جوانب الحياة البشرية، الحيوانية، والبيئيّة على حد سواء.