أحد أبرز المشاكل البيئية التي يعاني منها العالم، هي فقدان الغابات بنسب مخيفة، فمع إرتفاع عدد سكان العالم، والحاجة إلى إنتاج زراعي وصناعي أكبر، تطورت هذه القطاعات على حساب مساحة الغابات، لحد دق ناقوس الخطر من قبل بعض الدراسات في هذا المجال.
منصة رقمية لحفظ الغابات
تعتبر مشكلة حصر مساحات الغابات عالمية، بحيث سعت المنظمات المعنيّة لإتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من هذه الخسائر. وفي هذا الإطار، تعاونت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والنرويج، من خلال مبادرتها الدولية المعنيّة بالمناخ والغابات، على توسيع نطاق منصة رقمية مبتكرة للمنظمة، تهدف إلى مساعدة الدول على قياس ورصد والإبلاغ عن إستخدام أراضيها وغاباتها.
وسيتيح هذا المشروع البالغ تكلفته 6 ملايين دولار أمريكي، ويمتد إلى 3 سنوات والذي أعلن عنه خلال منتدى أوسلو للغابات الإستوائية، تعزيز قدرة ونطاق برنامج الفاو المبتكر لرصد الغابات SEPAL (نظام الوصول إلى بيانات مراقبة الأرض ومعالجتها وتحليلها لرصد الأراضي).
في المقابل، ستتيح هذه الإتفاقية الجديدة الحد من إنبعاثات الكربون ، والمساهمة في قياس المبادرة المعززة لخفض الإنبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها والإبلاغ عنها ، وكذلك تعزيز حفظ الغابات وإدارتها إدارة مستدامة.
خسائر تعادل ملعب كرة القدم
تعاني الغابات حول العالم، من الفقدان بنسب كبيرة ومخيفة في الوقت عينه، إذ كشفت دراسة حديثة، أن كوكب الأرض فقد مساحات “مهولة” من الغابات خلال العام الفائت، ووصلت الخسارة السنويّة إلى مساحة تعادل ملعب كرة القدم في كل ثانية.
فبحسب ما نقلت صحيفة “غارديان” البريطانية، فإن إجمالي المساحة التي فقدها الكوكب من الغابات، تضاهي مساحة إيطاليا بأكملها، كما أن كل يوم مضى في 2017 كانت تضيع فيه، مساحة تقارب مدينة نيويورك.
ومن الجدير ذكره، أن دراسة “غلوبال فوريست ووتش” لسنة 2017، إعتمدت على ما تمّ رصده بصور الأقمار الصناعية، فوجدت أن الأرض خسرت 29.4 مليون هكتار من الغابات، وهو ثاني أعلى رقم منذ بدء إصدار التقرير السنوي سنة 2001.
كذلك تشير التقديرات إلى أن ما يُحدثُه تراجع الغابات كل عام، يوازي الضرر الناجم عن الملوّثات التي تنفثها الولايات المتحدة كاملة، وهي ثاني أكبر ملوّث في العالم.
ووفق التقرير فإن الغابات تتعرض للإتلاف في الغالب، لأجل إستغلال أراضيها في أنشطة زراعية، ويجري ذلك غالباً في إطار الفساد.
فجوة مناخية كارثية
أخطر ما تتعرض له الغابات هو عدم الإلتزام بالإتفاقيات الدولية، الأمر الذي يجعل الحد من هذه المشكلة صعب. بحيث تظهر العديد من البيانات، أن ّ هناك “فجوة مناخية كارثية” بين الإلتزامات التي تعهدت بها البلدان، بموجب إتفاق باريس بشأن المناخ وتخفيضات الإنبعاثات المطلوبة، لتجنب أسوأ عواقب الإحترار العالمي، وفقًا لتقرير فجوات الإنبعاثات لعام 2017، الصادر عن الأمم المتحدة للبيئة.
ويظهر التقريرأن 6.3 غيغاطن (مليار طن)، من تخفيضات إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، قد تم الإبلاغ عنها بالفعل على مدى السنوات الست الماضية، من الغابات في البرازيل والإكوادور وماليزيا وكولومبيا وحدها، بموجب إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وحسبما أشار مركز التنمية العالمية في تقريره المعنون لماذا الغابات ، لماذا الآن؟” ، يشير عدد من أعضاء الفريق الدولي المعنيّ بتغير المناخ، إلى أنّه في حالة إنهاء إزالة الغابات اليوم وإستعادة الغابات المتدهورة ، يمكن للغابات الإستوائية وحدها، الحد من الإنبعاثات العالمية الحالية بمعدل 24 إلى 30 في المائة.
وبعبارة أخرى، تمتلك الغابات المدارية القدرة على أن تشكل، ما بين ربع وثلث الحل على المدى القريب لتغير المناخ.
ولحماية الغطاء الحرجي الكثير من الفوائد لا تقتصر فقط على تغيرات المناخ، إذ أنّ إنقاذ الغابات يمكنه أيضاً، أن يقلّل من معدلات الفقر، ويحمي 1.6 مليون شخص على مستوى العالم، يعتمدون على الغابات في معيشتهم.
إن وجود الغابات يحمي البيئة من التغير المناخي،إذ أنّه يتم إطلاق كميات هائلة من الكربون، في الغلاف الجوي عندما يتم إزالة الغابات. كذلك فإنّ حماية الغابات يجعل العمل المناخي أرخص تكلفة وأسرع. لذا يجب وضع هذه القضية من ضمن الأولويات في جميع البلدان.