جهازُ الاستخبارات البريطانية (MI6)، الذي عمل، بجدّ، بعد الحرب العالمية الثانية، على تأسيس المخابرات الاسرائيلية (الموساد)، كلّف، منذ بداية الحرب على سوريا، أحد أكبر ضباطه (جيمس لي ميسورييه) بتأسيس منظمة تحمل صفة إنسانية لتعمل تحت جناحه، فولِدَ تنظيمُ “الخوذ البيض”، عام 2013، في مدينة غازي عنتاب التركية، تحديداً، وبتمويل من قبل الوكالة الأميركية للتنمية، وكل دول الاتحاد الأوروبي، ومنظمات الــ(NGO) المشبوهة، مثل “ميدي للإنقاذ Mayday Rescue” و”كيمونيكس Chemonics International”، و”آفاز.Avaaz”.

وكان لمؤسس الخوذ البيض ذاك، علاقاتٍ متينة وعميقة،  بـــ”إريك برنس” قائد ورئيس المقاول العسكري الأمريكي “بلاك ووتر”، المقيم في الإمارات العربية،وعليه، فقد أرسل إليه الدفعة الأولى من مجنّدي “الخوذ البيض”، لتتلقى عناصرها تدريبات عسكرية، وأخرى تقنية تساعدهم على فبركة الأحداث والأخبار،وإطلاق عبارات رنانة وتصوير أفلام وتمثيليات، بهدف تغيير عقلية الناس، ليشاركوا في الأعمال التخريبية، ضد الدولة السورية، وفورعودة هؤلاء من الإمارات طالبوا على  غرار ماقامت به منظمة “آفاز” في العديد من بلدان العالم التي غزتها جيوش دول حلف شمال الأطلسي، بفرض حظرٍ جويّ على سوريا(!).

وكان جهاز الإستخبارات البريطانية (MI6)، ذاته قد ساعد دول “الناتو”، في استباحة أفغانستان عسكرياً بحجة الحفاظ على النساء أو لتحرير النساء (دون أن تحرّر امرأة واحدة)، وفي غزو العراق بحجة حماية المدنيين من نظام صدام حسين (ذهبَ صدام وتدهور العراق إلى قاع الجحيم)، وفي نهب القارة الأفريقية بحجة حماية الأقليات وتخليصها من الفقر والمجاعات (دارفور، ورواندا، ومالي، وكلها لاتزال على فقرها)، وفي السيطرة على خيرات أميركا اللاتينية تحت شعار تطوير تلك البلدان وإنعاشها (بنما، وهايتي، والدومنيكان، وكولومبيا، فبقيت جيمع تلك البلدان متخلفة وتابعة اقتصادياً).. الجهاز الاستخباراتي ذاته، الذي فعل كل ذلك، كرّر الجريمة في سوريا فأنتج ودعم ماسمي “الخوذ البيض” ، بحجة إنقاذ المدنيين مما أسمته كذباً، “السلاح الكيماوي”، إلا أن تلك المنظمة الإرهابية قتلت أكثر مما أنقذت (أرسل الصحافي الفرنسي بيير لو كورف رسالة إلى الرئيس الفرنسي “ماكرون” قال فيها: إن “الخوذ البيضاء” تزعم بأنها تقوم بعمليات إغاثة في النهار، لكن أعضاءها يعملون إرهابيين في الليل).

ويمكن مقاربة استخدام مؤسسي ومموّلي منظمة “الخوذ البيض” في سوريا، بمافعلوه في أوغندا، من أجل تمرير مشروع “أفريكوم”، الذي كان هدفه السيطرة على كامل القارة الأفريقية (الوحيد الذي عارض ذلك المشروع، علناً، كان الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي، فقتلوه)، حيث خَلَقَوا منظمة تدعى “الأطفال غير المرئيين”، والتي نظمت، في عام 2012، حملة  “كوني” بهدف البحث عن شخص يدعى “جوزيف كوني”، بحجة أنه يثير إعجاب الأطفال، فجمعت ملايين الدولارات، وصنعت أفلاماً تصوّره على أنه “خطير ويشجّع الأطفال على التطوع في القتال، وأنه يجب التخلص منه؛ وفي النهاية، حصلت تلك المنظمة على تأييد الرئيس الأميركي “باراك اوباما” لها، وأمْره بنشر (200) عنصر من أشرس المقاتلين في القوات الخاصة الأميركية بحجة البحث عن “كوني” الإرهابي، ليتبيّن، في النهاية، أن “كوني” هذا ميت منذ ستة أعوام، أيْ عام 2006 (!).

وينسحب الأمر كذلك على ما جرى في الصومال، التي كانت أرضاً خصبةً لعمل منظمات (NGO)  الأذرع الخفية للاستعمار، فقد اجتذبت الكارثة هناك (عشرات آلاف الأطفال لقوا حتفهم جوعاً، منذ 2011، يُضاف إليهم حوالي مليون طفل أخرين يعانون سوء التغذية) أكثر من ألف منظمة إغاثة وطنية ودولية، ورغم كل هذا الكم من المنظمات ومليارات الدولارات، التي وردت في التقارير الدولية الكاذبة، بقيت الصومال على فقرها والفوضى التي تجتاحها، ولم ينجُ أطفالها من عصابات الحروب، لابل لاتزال في قعر مايُطلق عليه “فجوة الجوع “” Hunger gab.

 

تضاعف عدد المنظمات غير الحكومية في العالم، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أربع مرات، وفي المقابل، ازداد عدد الفقراء وضحايا الحروب والمشردين والجوعى حول العالم عشرات المرات، كما حصل في سوريا، التي، وخلال سنوات الحرب الثماني الماضية، ازداد عدد فقرائها، وشَرّد الإرهابيون ستة ملايين من أهلها، وحرموا أطفالها من طفولتهم، كما انتشرت أمراضٌ كانت الدولة ومنظمة الصحة العالمية قد أعلنت القضاء عليها، قبلَ الحربِ بسنوات طويلة، كما هُدمت المدارس والمشافي ودور الأيتام، وسُبيت النساء ونهبت الآثار وحل دمار فظيع بالحياة البيئية، فماذا فعل مرتزقة “الخوذ البيض”، في مواجهة كل ذلك؟.

أية منظمة إنسانية تلك التي أسسها ودربها، أعداء الإنسان السوري،لا بل وطلبوا من “إسرائيل” المساعدة في إخلاء عناصرها، من الذئاب البشرية؟   منظمة كانت أداة مُثلى تساعد الدول الاستعمارية في نهش الجسد السوري، كي يعملوا فيما بعد على عقد مؤتمرات دولية يكذبون فيها عارضين خططهم لإعادة إعمار مادمرته آلة الحرب خاصتهم.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This