على ما يبدو، فإن غضب الطبيعة بدأ يتبلور تباعاً في مختلف المناطق والبلدان، فتاهت معظمها بين غريق وحريق. وفي مراقبة يومية لأحوال الطقس لكل مواطن في بلده، يمكن استنتاج خلاصة مخيفة وخطيرة، مدعّمة بتحذيرات علماء وباحثين لطالما تحدثوا عن مخاطر التغيرات المناخية دون أن يلقى صوتهم الآذان الصاغية.
ما حصل في الأسبوع الاخير هو خير دليل على ذلك، فحرائق كاليفورنيا التي ما زالت مستعرة إلى الآن، وسيول ميانمار التي أجلت الآلاف من بيوتهم ومسحت آثار منطقة بأكملها، عوامل تؤكّد حقيقة الإحترار المناخي وتمهّد لغضب أكبر قد تظهره الطبيعة إن لم يتمكّن أصحاب القرار من إتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على ما تبقّى من حياة على هذه الأرض.
وفي جديد التطورات البيئية ، دفعت كتلة هوائية ساخنة آتية من أفريقيا موجة حر إلى أوروبا، أجبرت دول مطلة على البحر المتوسط على إطلاق تحذيرات من حرارة الطقس التي تخطت الـ 40 درجة مئوية في أوروبا أدى تراجع منسوب المياه لدرجة الكشف عن ذخائر من الحرب العالمية الثانية في نهر بألمانيا.
من جهتها، أصدرت إيطاليا تحذيرات حمراء هي الأعلى من ثلاثة مستويات وذلك بمناطق في وسط وشمال البلاد شمل مدنا سياحية رئيسية ومنها العاصمة روما وفلورنسا والبندقية.
وأعلنت البرتغال أن الحرارة قد تحطم أرقاما قياسيا في الأيام المقبلة وحذرت من مخاطر اندلاع حرائق غابات كتلك التي أودت بحياة 114 شخصا العام الماضي وهي كارثة أجبرت وزير الداخلية على الاستقالة.
وبسبب الطقس المتقلب وضعت الأجهزة الحكومية في شبه الجزيرة الإيبيرية في حالة تأهب، لاسيما وأنه من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية في مدينة إيفورا البرتغالية، والتي تقع على بعد 130 كيلومترا إلى الشرق من لشبونة ومقاطعة بطليوس الإسبانية عبر الحدود.وأشارت السلطات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة جاء نتيجة لكتلة هوائية ساخنة تتحرك شمالا من أفريقيا، محذرة من أن درجة الحرارة قد تصل إلى 47 مئوية نهاية الأسبوع في بعض مناطق جنوب البرتغال. وبدورها، أصدرت السلطات البرتغالية تحذيرات صحية على المستوى الوطني، بما في ذلك أتربة تتحرك من الصحراء الكبرى، فيما أصدرت إسبانيا تحذيرات مماثلة في 40 مقاطعة.
وفي ولاية ساكسونيا انهالت بشرق ألمانيا حذرت الشرطة من لمس القذائف والألغام وغيرها من الأسلحة التي ظهرت من بين الأوحال على ضفاف نهر إلبه منذ تسببت موجة الحر في انخفاض كبير في منسوب المياه.
وخلال أسابيع قليلة اكتشفت الشرطة 24 قطعة تعود للحرب العالمية الثانية ألقتها القوات الروسية والغربية والألمانية في نهاية الصراع قرب المياه.
وشمالا، وفي السويد، من المتوقع تغيير الحد الأقصى الرسمي لدرجة الحرارة وسط ارتفاع قياسي. وقال علماء إن نهرا جليديا في جبل كيبني كايس، وهو أعلى قمة في البلد الإسكندنافي إذ يصل ارتفاعه إلى 2111 مترا، يذوب ولم يعد أعلى نقطة في السويد. وقال غونهيلد روسكفيست، أستاذ الجغرافيا في جامعة ستوكهولم، إن النهر الجليدي فقد أربعة أمتار من الثلوج في شهر يوليو وحده، حيث شهدت السويد درجات حرارة قياسية تسببت في العشرات من حرائق الغابات، حتى في الدائرة القطبية الشمالية.
وفي فنلندا المجاورة، ابتكر متجر طريقة جديدة للهروب من الحرارة، فأعلن متجر “كيه سوبر ماركت” في هلسنكي على صفحته على فيسبوك أن الزبائن الذين يأملون في مواجهة الحر يمكنهم النوم ليلا لديه مع وجود مبرد الهواء. يشار إلى أن المنازل في فنلندا مصممة لمواجهة البرد القارس والرطوبة المعتادة في منطقة الشمال، ولكن ليس درجات الحرارة المرتفعة كالأخيرة.
وفي أوروبا الشرقية، عانت بولندا من ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير عادي، حيث أدى الهواء الساخن القادم من أفريقيا إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى 34 درجة مئوية. ودخلت محطات الكهرباء في البلاد إلى وضع الطوارئ لزيادة الإنتاج بسبب الاستخدام الواسع لمكيفات الهواء والمراوح الكهربائية.