في ظل ما نشهد من أزمات تهدد سائر النظم البيئية وتؤثر على عناصرها كافة، ما بدأ يتسبب في فقدان التوازن بين مكونات الطبيعة، والقضاء على التناغم في نظم إيكولوجية عمرها آلاف، لا بل ملايين السنين، لا سيما مع تفاقم أزمة النفايات وتلويث البحر وتهديد كائناته الحية، تطالعنا من آن لآخر مبادرات أهلية ترسم معالم جديدة لوعي عام، يعوض في حدود معينة غياب الدولة من جهة، وعجزها عن تطبيق القوانين من جهة ثانية.

فإلى مبادرات بيئية عدة، تشرع المدى أمام تبني السياحة الإيكولوجي، وتحويل ما بقي من شواطئنا وجبالنا قِبلة للسياح من مختلف دول العالم، تأتي إسهامات “الجنوبيون الخضر” لترسخ بدورها مفاهيم تراعي التنوع البيولوجي في بيئتنا البرية والبحرية، إن عبر تبني إطلاق محميات بحرية في مناطق عدة من الشاطىء الجنوبي، ومحميات برية بات إقرارها وتشريعها أمرا ملحا بعد أن دخلنا مرحلة الخطر لجهة استباحة موائل الحيوانات، ما يعرض الكثير منها للخطر، ويسرع في انقراضها واندثارها.

إطلاق ابن آوى

في هذا السياق، تمكنت جمعية “الجنوبيون الخضر” من إعادة إطلاق حيوان ابن آوى الذهبي إلى بيئته الطبيعية، لترفع الجمعية قائمة الحيوانات والطيور التي ساهمت في إنقاذها إلى العشرات، وقد تمكنت في حدود بعيدة، من خلال هذا النهج المستند إلى العلم والثقافة في فهم أصول دورة الحياة الطبيعية وأهميتها على الإنسان ومحيطه الحيوي، من تعميم الوعي البيئي كحاجة موضوعية في ظل ما نشهد من تعديات وأخطار حقيقية تطاول التنوع البيولوجي وسائر نظمه الضرورية لبقاء الأنواع.

والعبرة ليست في إنقاذ كائن بعينه فحسب، وإنما في تأطير العلاقة بين الإنسان والطبيعة، بالاستناد إلى معطى العلم وفضاء المعرفة، وهذا ما يبقي تجربة “الخضر” حاضرة كمثال ونموذج.

د. يونس

وقال رئيس جمعية “الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس لـ greenarea.info: “يعد ابن آوى الذهبي Canis aureus من الحيوانات اللاحمة والقمَّامة النشطة في البرية اللبنانية”، لافتا إلى “انها تلعب دوراً إيجابياً في التقميم وتنظيم أعداد القوارض والأرنبيات التي تعتمد عليها في نظامها الغذائي والتي تمتاز أنواعها بالتكاثر وتلحق اضرارا بالمحاصيل وتسهم بنشر انواع من الأوبئة”.

وأضاف يونس: “تشهد مناطق عدة من البقاع في السنوات الاخيرة زيادة مطردة بأعداد فأر الحقل الذي يحتم حماية مفترسات هذه القوارض ومن بينها ابن آوى والثعلب وطيور البوم والجوارح والأفاعي التي تعد مكافحات بيولوجية وعناصر توازن النظام البيئي”.

وأردف: “حمايتنا لهذه الأنواع الحيوية النشطة يسهم في تعزيز توازن النظم البيئية للبرية اللبنانية، ويساعد كذلك في انتعاشها وهو أمر يقع في صلب مبادئ جمعيتنا”.

وأشاد يونس “بتجاوب قوى الأمن الداخلي والتعامل المسؤول مع إخبارات الجمعية التي تتناول الانتهاكات التي تتناول الحياة البرية”، قائلا: “هذا هو ابن آوى الثاني الذي يعيده (الجنوبيون الخضر) الى البرية خلال الاشهر الماضية، بالاضافة الى خمسة ثعالب حمراء أوائل هذا العام”.

إطلاقه في عيتا الشعب

وكانت جمعية “الجنوبيون الخضر” قد علمت ليل 2 آب (أغسطس) من بعض أصدقائها بقيام أحد الأشخاص باحتجاز إبن آوى الذهبي وعرضه للبيع، وبدأ الخضر بمتابعة الموضوع والتنسيق مع عناصر قوى الأمن الداخلي الذين تجاوبوا بدورهم وأبلغوا محتجز ابن آوى بوجوب تسليمه للخضر تحت طائلة المسؤولية.

وفي صباح اليوم التالي توجه “الخضر” إلى منزل الشخص المعني الذي قام بتسليمهم ابن آوى. وبعد الكشف عليه والتأكد من صحته وعدم وجود اي إصابة توجه “الخضر” إلى عيتا الشعب حيث أعادوه إلى موطنه في أحراج البلدة في منطقة “خلّة وردة”.

وتقدمت الجمعية “بالشكر للقوى الأمنية في سرية صور الذين تجاوبوا وللشخص الذي قام بتسليم ابن آوى سليما”.

2 (37)

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This