حوالى خمسة آلاف موقع أثري تنتشر في كل الأرض السورية، تُثبت جميعها أن هذه الأرض، هي أحد أهم مهود الحضارات الإنسانية، فهنا كانت بداية الإستيطان البشري وأقدم عاصمة في التاريخ، وهنا تم اكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات، وصناعة أول عجلة مستديرة من الحجر ، والسوريون هم من  ابتكر الناعورة، وهم من كتب أولى الأبجديات (أبجدية أوغاريت هي أكمل أبجديات العالم القديم وأغناها وأكثرها شمولاً تحتوي على 30 حرفاً)  والإنسان السوري هومكتشف (المنجل الأول والمحراث الأول) وواضع أقدم نوتة موسيقية في العالم( اكتشف في منطقة رأس شمرا-اللاذقية نوتة موسيقية مكتوبة على لوحات مسمارية تعود للعام 3400 قبل الميلاد).

وسوريا بالإضافة الى كل ذلك غنية جداً بالثروات الطبيعية (سطحية وباطنية) لذلك عملت، وتعمل، كل الدول الإستعمارية على تمويل وتدريب الفصائل الإرهابية على مدى ثمان سنوات لنهب وتدمير سوريا، عبر محي أي اثر للحضارات التي مرت على سوريا، والسيطرة على منابع المياه والأراضي الخصبة.

وفي العراق حيث قامت “حضارة ما بين النهرين” (دجلة والفرات)، أول حضارة في التاريخ يذهب فيها الرجال والنساء الى المدارس،  الحضارة التي حكم فيها السومريون، أصحاب ملحمة جلجامش، وأول من بنى المكتبات، وقسم السنة الى 12 شهراً على أساس دورات القمر. و إلى موسمين : الصيف والشتاء ، والسومريون هم من قسم الساعة الى 60 دقيقه واليوم الى 24 ساعة، والدائرة الى 360 درجة…عداك عن أنه في أرض بابل تلك كتب حمورابي أول وأقدم شريعة في التاريخ.. العراق التي  دمرتها قوات التحالف الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في حربٍ دامت أكثر من عشر سنوات، تركت البلاد في متاهة أبدية.

وعلى ضفاف نهر النيل العظيم، حيث المياه الوفيرة والتُرب الخصبة، قامت حضارة الفراعنة العظيمة، والتي لا يُمكن أيضًا مُقارنتها بأي حضارة أخرى، كون النهضة الزراعية الحقيقية لم تبدأ إلا على يد الفراعنة (اخترعوا المحراث)،  وبنوا الأهرامات التي تعتبر بمثابة إعجاز هندسي، كما أنهم أول من عرف التحنيط وبرع فيه، وأول من عرِفَ كُحل العيون وفرشاة الأسنان ومسحوق النعناع لرائحة الفم، واخترعوا الحبر ليكتبوا بهِ على ورقِ  البُردى،  وأول من ربى نباتات الزينة في منازلهم، فكانوا بذلك أصدقاء حقيقين للطبيعة الأم، على عكس الوحش الذي وبحجة الربيع العربي ونشر الديمقراطية قتل آلاف المدنيين ودمّرَ اقتصاد البلاد.

جنبًا إلى جنب مع “حضارة الفراعنة” و”حضارة ما بين النهرين”، ازدهرت حضارة قديمة (نشأت قبل 4500 سنة) في جميع أنحاء أحواض نهر السند، وتحديداً في المناطق الممتدة من شمال شرق أفغانستان إلى باكستان وشمال غرب الهند، أي تماماً في منطقة كشمير(محور ارتكاز استراتيجى بين دول آسيا)، الحضارة التي طورت نظامًا معياريًا للأوزان والمقاييس، ونظام الكتابة التصويرية (نظام يعتمد على رسومات بسيطة تمثل الكلمات). كشمير تلك  باعتها “شركة الهند الشرقية” الإستعمارية البريطانية بعد الاستيلاء عليها الى أسرة هندوسية، ومنذ ذلك اليوم، لاتزال المنطقة مشتعلة باتون الحروب اوالنزاعات العرقية والدينية.

كذلك قامت الدول الإستعمارية بتأجيج الصراعات والنزاعات الدينية والعرقية في أرض السودان، حيث قامت حضارة (بلاد النوبة)، والنوبيون هم مكتشفي “الميغليث” أول جهاز فلكي في العالم (قبل الناسا الأميركية بآلاف السنين) لتتحول السودان الى بلد يشهد هذه الآيام نقصاً رهيباً في الخبز .

كما قام المستعمرون الأوائل (الإسبان) على الأرض الأم  للهنود الحمر أبناء الطبيعة وأصدقائها من “إمبراطورية الإنكا” (بين البيرو وتشيلي والأرجنتين) الى إمبراطورية “الآزتيك” في المكسيك، بنهبِ أطناناً من الذهب والفضة والنحاس ( يقول “إدواردو غاليانو” في كتابه الشهير “الشرايين المفتوحة لأميريكا اللاتينية” :أن الضباط الإسبان صنعوا نضوات خيلهم من الفضة، فيما أرسلوا كميات هائلة من الذهب الى بابا روما لبناء كنيسة القديس بطرس)، واستعبدوا السكان، وفي المقلب الأخر استلذ الإنكليز بحفلات سلخ فروات رؤوس الهنود الحمر في الأرض التي تقوم عليها الولايات المتحدة الأميركية اليوم، على أيدي كلاً من “جورج روجرز كلارك”، والسفاح الإنكليزي “لويس ويتزل”، الى جانب الرئيس “جاكسون” الذي وضِعَت صورته على ورقة العشرين دولار(قام في حفلة سلخ واحدة بقتل 800 هندي أحمر) المفارقة الكبرى هي أن هؤلاء يُعتبرون اليوم من أبطال التاريخ الأميركي الذي يدرس في المدارس والجامعات، بينما لايُعتبر الهنود الحمر جزءاً من ذلك التاريخ .

واليوم تُحارب الدول الدول الاستعمارية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث كانت الحضارة الفارسية العظيمة، وبالأمس استعمرت بريطانيا “هونغ كونغ” لتتدخل في شؤون الصين، حيث قامت حضارة عظيمة استمرت لأكثر من أربعة آلاف سنة، وفي اليمن السعيد،صاحب حضارة “مملكة سبأ” المذهلة (مهندسو السدود) لاتزال الحرب تكوي الملايين.

من البديهي القول  أن الدول الإستعمارية، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي عملت ولاتزال، على تأجيج الحروب والنزاعات في كل البلدان وريثة الحضارات العظيمة ومن ضمنها سوريا( وريثة حضارات السومريين، الأكاديين،الكلدان، الكنعانيون والآراميون وغيرهم)، ومن ثم تتباكى على الأبرياء الذي يموتون بأسلحتها، وتنادي لإعادة إعمار تلك البلدان (طبعاً بالكلام  ومقررات المؤتمرات الوردية فقط) ، هي عدوة أي شكل من أشكال الحضارة الإنسانية، وماعدا ذلك مجرد وهم.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This