نعم نتجه الى مجتمع متفكك اذا استمر الوضع الاجتماعي على حاله من تدهور في العلاقات الاجتماعية و التركيز على الحياة الاجتماعية الافتراضية حيث ارتفعت نسبة عزلة كبار السن دون ان ننسى التداعيات السلبية على الاطفال التي تودي بهم الى الانتحار. تلك الصورة المتشائمة عن الحياة الاجتماعية التي وصلنا اليها فسّرها خبراء الصحة النفسية وعلم الاجتماع اننا وضعنا الاولوية للحياة الافتراضية الاجتماعية او بالاحرى حلت مكان الحياة الاجتماعية التي اعتدنا عليها من ايام أجدادنا في توحيد جذورالتواصل بين الناس. امام هذه الصورة القاتمة يبقى السؤال: ما هي اهم النصائح العملية لتجاوز التفكك الاسري و الاجتماعي معا ؟
التركيبة الاجتماعية تغيرت و كبار السن الاكثر ضحايا
في هذا السياق تحدث الاختصاصي في طب الشيخوخة الدكتور نبيل نجا ل greenarea.infoعن الوضع النفسي و الصحي لكبار السن في لبنان مما قال:” لا شك ان التركيبة الاجتماعية في البلد تغيرت حيث ان هناك عدداً كبيراً من غير المتزوجين، كما وان المتزوجين الذين عندهم اولاد بالكاد يهتمون في أهاليهم خصوصا كبار السن، فيضطرون الى وضعهم في مؤسسات اجتماعية للعناية بهم . فضلاً عن 50% من الأولاد في بلاد الإغتراب لا يتواجدون بقربهم إلا في المناسبات، فيعيش عندها المسن في حالة من الوحدة من دون رعاية لانه بكل اسف ليس هناك من تحضير اجتماعي له على صعيد الدولة كانشاء مراكز نهارية لرعاية المسن او حتى تأمين له ضمان الشيخوخة و حد ادنى من الراتب الخاص له لكي يعيش حياة كريمة او ايضا ليس هناك مراكز اولية لاكتشاف الامراض المسبقة عند المسنين كي لا يقعون في العجزالصحي. كل ذلك بسبب التقصير على صعيد الدولة لرسم سياسة اجتماعية لكبار السن في لبنان مما شهدنا في الفترة الاخيرة بعض حالات الانتحار عند المسنين رغم انها ليست بعدد مهم انما هي نوع من الانذار الاجتماعي يجب تداركه مسبقا.”
وتابع الدكتور نجا:” ان الخطورة تكمن عندما نجد الكبير في السن يشعر باليأس و يريد ان يضع حدا لحياته خصوصا اذا شعر انه بات عبئا ثقيلا على غيره كونه يرفض هذا الاحساس في داخله مما لاشك يشعر بالاكتئاب الذي بات مرضاً منتشراً و غير مشخص ومعالج بالشكل الصحيح كون معالجته ليست بدواء فقط بل بمعالجة نفسية اجتماعية عائلية معا كون العائلة محور المجتمع في لبنان واليوم بدأت تركيبتها في التغيير المتسارع من دون التحضيرلذلك حيث بات هناك خوف في التغيير الديمغرافي لسنين مقبلة من 5 الى 10 سنوات خصوصا و اننا دول لا تخطط مثل دول الخارج التي تعمل خطة على مدى 30 سنة .اذ ان التغيرات الديمغرافية باتت جذرية واساسية في المجتمع اللبناني اذ من المتوقع ان نسبة كبار السن في المجتمع ستصل الى 20% حيث نجد بعض المناطق النائية في لبنان ليس فيها عناصر من الشباب بل كلها مسنين بنسبة 50%. تلك المسألة دفعتنا ان نخطط للمستقبل حيث قررنا كهيئة وطنية لشؤون كبار السن التي هي تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في كيفية حماية كبار السن استنادا لدراسات ترتكز على الحماية الصحية للمسن بهدف الكشف على ثغرات لصحة المسن انما يبقى همّة الدولة في تنفيذ تلك الخطط و ترجمتها لسياسة اجتماعية فاعلة .”
كما و شدد الاختصاصي في الطب الشيخوخة الدكتور ناظم باسيل عبر ال greenarea.info على اهمية معرفة اسباب الضغوطات النفسية التي يعانيها المسن في عدة جوانب اجتماعية صحية ونفسية .
حماية للاطفال من عالم الافتراضي
من جهة اخرى رأى الاختصاصي في طب الاطفال الدكتور برنار جرباقة عبر ال greenarea.info انه لا بد من حماية الطفل من اي خطر قد يتعرضه من العالم الافتراضي مما قال :” لا شك ان الحياة الاسرية هي نواة عن صحة المجتمع كلما كانت سليمة كلما كان المجتمع سليما الا ان المشكلة التي نواجهها اليوم فقدان التواصل بين افراد الاسرة وبات التواصل في ما بينهم بالاتصال الالكتروني الى حد اللجوء الى الانفراد للحياة الاجتماعية الوهمية من الانترنت. فصحيح ان لها حسنات في التعرف على الناس الا ان السيئات تكمن عندما نجد افراد العائلة في المنزل نفسه يتواصلون مع بعض عبر الهاتف، المضحك المبكي انهم لا يتحدثون مع بعض بل يكتفون بالكتابة لبعض عبر الهاتف و هذا اللجوء الى الحياة الوهمية مع تكرارها في الوقت قد يقتنع انها هي الحياة الاجتماعية الحقيقية فيلتجا اليها الفرد و ينطوي على نفسه و لها تداعياتها على الصحة النفسية و الاجتماعية و حتى الصحة البدنية. مفتتفتت عظام المدمن عليها نتيجة قلة ممارسة الرياضة و الجلوس طويلا على الانترنت عدا الانغلاق و الانزواء طوال الوقت حتى صارت الحياة بالنسبة له عالم من الوهم و ما يرونها في مواقع التواصل حيث تسبب الكثير من القلق تؤدي الى الانهيار العصبي الى حد الانتحار.”
و اضاف الدكتور جرباقة :”ففي اخر الدراسات في اليابان تبين ان نسبة الانتحار الى ارتفاع نتيجة حالة الانزواء المرتفعة عند المسنين و المراهقين سويا، اما في لبنان الذي يتميز بالراوابط العائلية و تشكّل الاسرة عامل امان و استقرار الا انه مع وسائل التواصل الحديثة و تعزيز الحياة الاجتماعية الفرضية بتنا ندمر الانسان ومجتمعنا معا من خلال ازدياد التفكك الاسري، من هنا تقع المسؤوليات مشتركة لانقاذ الاسرة اللبنانية و تعزيز الروابط الاجتماعية.”
التفكك العائلي وراءه تداعيات التكنولوجيا الالكترونية
اما عن التداعيات النفسية للحياة الاجتماعية الافتراضية بعدما حلت مكان الحياة الاجتماعية كان للاختصاصي في الطب النفسي الدكتور سمير جاموس رأيا في هذا الخصوص عبر الgreenarea.info :”نحن نتجه الى مجتمع متفكك حيث صرنا اسوء من الغرب في حال اصاب احد بمكروه لا احد يلتفت له ولسوء الحظ بتنا نجد لغة التواصل بين المرأة وزوجها وحتى مع الاولاد الكترونيا، مرد هذا التفكك بسبب التكنولوجيا الحديثة التي اثرت على الراوبط العائلية وبالتالي على المجتمع ككل خصوصا عند الاعزب او الارمل حيث يعيش الوحدة ليس عنده اي ترابط عائلي او يتواصل معه احد يوميا حيث يصاب ليس فقط بالاكتئاب بل الاخطر من ذلك بالانتحار خصوصا عند المسن في حال اصبح وحيدا من بعد زواج اولاده اوخسارة شريكته حيث لمسنا اكبر نسبة انتحار عند كبار السن .”
اما الاختصاصي في علم النفس الدكتور نبيل خوري فاكد عبر ال greenarea.info:” طبعا الحياة الافتراضية حلت مكان الحياة الاجتماعية العادية التي كنا نعرفها منذ جدودنا واكثر ما يعانون منها الذين ليس عندهم قدرة على التفاعل مع العالم الافتراضي مع شبكات التواصل واكثر الناس الذين يعانون منها ايضا هم المهمشين اجتماعيا مثل الفئات العمرية المتقدمة في السن والمطلقين والمطلقات والمتعبين في علاقتهم الزوجية و مع اولادهم و احفادهم حيث كان المجتمع قائما على اللقاءات الاجتماعية الهامة كالاعياد و لكن عدم تفاعل الفئات العمرية مع المتقدمين في السن ورفضهم لادوراهم و تباعد الاعمار في ما بينهم ادى الى حالة من الركود الاجتماعي في العلاقات مما منع الناس من عيش الحياة الاجتماعية اوحتى التفاعل الايجابي في ما بينهم الذي بات الى تراجع في مجتمع بات استهلاكي لم يعط حوافز للانسان في الاستمرار على قيد الحياة مما يشعر بالاحباط واليأس الى حد قد يصل به الى الانتحار .”
الادمان على الانترنت و التعنيف المستمر
بالمقابل توقف الاختصاصي في طب الاطفال الدكتور روبير صاصي على الاثار النفسية على الاطفال بفعل التفكك العائلي و الادمان الالكتروني مما قال ل greenarea.info:”صحيح ان نسبة الانتحار ليست مرتفعة عند الاولاد انما بالمقابل بكل اسف نتيجة التفكك العائلي يتركون منازلهم في حالة ضياع الى حد الادمان على المخدرات كل ذلك بسبب التعنيف من الاهل و سوء التواصل في ما بينهم في ظل وجود ظاهرة قلة الاحترام في ما بينهم . ننصح الاهل استيعاب اولادهم اكثر والانتباه لهم اكثر كي لا يقعون ايضا في ادمان من نوع اخر الا وهو الانترنت حيث يجب ان لا تطيل الجلسة الكترونية الا ساعة واحدة اوساعتين يوميا اي باعتدال لان اي تخطي يصبح الطفل خارج دائرة الحياة الاجتماعية .”
الى رأي الاختصاصي في طب الاطفال الدكتور روني صياد الذي اوضح عبر الgreenarea.info :” نعاين عدداً مهماً من الاطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية قوية وذلك لعدة اسباب منها عائلية نتيجة الطلاق الذي ارتفع في الاونة الاخيرة و العنف بين الاهل اكثر من العنف مع الاولاد .” متسائلا الدكتور صياد :” هل هناك اهتمام فعلي من الاهل لاولادهم؟ لان الذي نعرفه ان تداعيات التفكك العائلي انعكست سلباً في التحصيل الدراسي عند الاولاد الى حد الرسوب في الدراسة او حتى يتجهون الى البدانة المرضية او العكس قلة الطعام كما و انه قد نجد اطفالا يتجهون الى الانتحار و هنا المطلوب الاسراع في المعالجة لانقاذهم من براثن الموت.”