تجتهد الدول الإستعمارية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا، من أجل السيطرة على البلدان الأكثر غناً في العالم، بغية نهبِها والسيطرة على شعبها، فيما تناضل الشعوب حول العالم من أجل البقاء على قيد الحياة، والحفاظ على الإرث الحضاري للبشرية، وحماية الطبيعة الأم، وخير مثال على ذلك توقيع سوريا على “اتفاقية باريس للمناخ”، في الوقت الذي انسحبت منها الولايات المتحدة الأميركية(المُستعمِرة)  .

وتكاد التجربة الاستعمارية في كلٍ من يوغسلافيا والعراق تتكرر اليوم في كلٍ من سوريا واليمن، حيث بدأت الحرب بفرض العقوبات الإقتصادية، الى أن تُنهك الإقتصاد الوطني، وتجوِّع الشعب، فيثور الشارع على الحكومات، ومن ثم تبث سمومها الإعلامية وأحلامها الوردية، من نوع “حقوق الإنسان” و “معتقلي الرأي” و”حقوق الأقليات” وغيرها، مُجندةً لذلك رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني (المدفوعة الأجر)، وبعض السُذَج والإنتهازيين، ورُكاب الموجة، بعدها تبدأ بفرض حظر جوي ومن ثم شن هجمات عسكرية وإدخال جيوش مأجورة (بلاك ووتر واخواتها) الى الأراضي الإقليمية، لتكون النهاية في سقوط النظام ومحاكمة الرئيس، بتهمٍ غالباً ماتكون واهية.

ذاتها القوى الإستعمارية التي حاكمت سلوفودان ميلوسيفيتش، وصدام حسين وقتلت القذافي، ونهبت يوماً ما ثروات كينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا، وارتكبت مجازر في مالي ورواندا، ذاتها تقود تحالفاً استعمارياً، عينت على رأسه الكبش السعودي، ليقصف يومياً اليمن، فيقتل مئات الأطفال، وذاتها القوى التي قَسَّمَت السودان الى جنوب وشمال، واتهمت ايران بالعمل على مشروع المد الشيعي، وذاتها التي باركت لدولة الكيان الصهيوني، إعلان  القدس عاصمةً لها، ذات القوى تجتهد اليوم لفبركةِ تمثيلية الكيماوي في “إدلب” فقد أعرب مانويل فونتين مدير العمليات في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” منذ أيام عن قلق المنظمة على مصير نحو مليون طفل سوري في محافظة إدلب، قبل هجوم مرتقب للنظام على المحافظة الحدودية مع تركيا، لانتزاعها من قبضة فصائل إسلامية ومعارضة.

هنا لابد لكل عاقل أن يتساءل : كيف استطاع السيد فونتين الذي زار دمشق وحمص وحلب ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى إدلب، معرفة أن الأطفال في إدلب يبلغ عددهم مليون، وكيف عرف أن النظام سيشن هجوماً بالسلاح الكيميائي؟ ربما يعلم بالغيب فهو ابن المنظمات الدولية سيئة الصيت، وهؤلاء كلهم عرافون!!

نعم لقد بدأت كل منظمات الحكومية وغير الحكومية، التابعة للدول الإستعمارية، بالتعبير عن قلقها العميق على مصير أطفال مقاتلي الفصائل الإرهابية في إدلب، فيما لم نر أحداً قد قَلِقَ على مستقبل حوالي أربعة ملايين طفل سوري حرموا من التعليم وكل مقومات الحياة، على مدار سنوات الحرب الثمان الماضية، و لم نسمع أحداً تفوه بكلمةٍ واحدةٍ عندما قتلت طائرات التحالف الذي تقوده مملكة الرمال أطفال اليمن في حادثتين متتاليتين ( الدريهمي،ضحيان) من أشد المجازر إيلاماً في تاريخ البشرية، ولم يقلقوا على أطفال السودان الذين يموتون جوعاً(تجاوزت مستويات سوء التغذية عتبة الطوارئ بكثير)، وعلى مستقبل أطفال القارة الافريقية التي نهبت بريطانيا وفرنسا كل ثرواتها.

يرسلون آلاف الليترات من غاز الكلور الى منطقة جسر الشغور على متن شاحنات تركية، ليتهموا القوات السورية بقصف إدلب بالأسلحة الكيميائية” ومن ثم يقلقون، يدربون الإرهابيين على إستخدام مختلف صنوف الأسلحة ومن ثم يتباكون على الأبرياء من الشعب السوري، مستخدمين لتنفي اجندتهم منظمة “الخوذ البيض”، الذي ترعاه بكل وقاحة بريطاينا (صاحبة المجازر الدموية في فلسطين، الهند وكينيا).

والجدير ذكره هنا أن موسكو وواشنطن توسطتا، في عام 2013  بين الحكومة السورية و منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ، من أجل تدمير ترسانة السلاح الكيماوي في سوريا، ونتيجة تلك الوساطة قام الجانب السوري في تشرين الاول /اكتوبر من عام 2013 بتسليم خطة لتدمير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية، لينتهي الأمر في بداية عام 2016 ،حيث أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تدمير كل تلك الترسانة، وبالرغم من كل ذلك وفي نيسان من عام 2017، ادعت منظمة “الخوذ البيض” أن الدولة السورية شنت هجوماً بالسلاح الكيماوي على مدينة “خان شيخون”، وفي نيسان من عام 2018  ادعت تلك المنظمة أن الجيش السوري قد شن هجوماً بالسلاح الكيميائي على مدينة دوما، غير أن كل ذلك تبين فيما بعد أنه مجرد تمثيلية.

بالكذب الذي مارسته الدول الإستعمارية،  دُمِرت ليبيا واليمن وتونس، ونهبت ثروات القارة الافريقية، وحولت بلدان اميركا الجنوبية الى فناء خلفي لها،مستغلة موقع تلك الدول الاستراتيجي، ومجندةً شبابها في حروبٍ حول العالم، لكن وفي مفارقة كبرى، ما أن تم تدمير تلك البلدان وإخضاعها حتى بدأ المستعمرون عقد مؤتمرات لإعادة إعمار للمدن والبنى التحتية، متحاشين أية خطط  لإعادة إعمار الإنسان، الذي هو عنصر أساسي في نشوء الحضارات، فهم يعلمون أن الأمم التي تمر عليها الحروب تحتاج الى عصور لإعادة بناء وإعمار مكوناتها الثقافية والحضارية…نعم إنهم يجتهدون للسيطرة الأبدية على مُقدرات العالم كله، بالكذب.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This