في ظل التغيرات البيئيّة والمناخية، التي تحدث في العالم ، فإن التداعيات الناتجة عنها، تنعكس بشكل مباشر على كافة مرافق الحياة والثروات، سواء البيئيّة أو الحيوانية.
فمع إرتفاع درجات الحرارة، الناتجة عن الإحتباس الحراري، كثرت في الآونة الأخيرة، أخبار الحرائق والجفاف التي طالت معظم دول العالم، الأمر الذي إنعكس بشكلٍ مباشرٍ على الثروة الحيوانية، من جهة الخوف على الأنواع المهددة بالإنقراض، أو من جهة إنعدام الأمن الغذائي لها.
نقل الوشق الأيبيري
تلجأ معظم الجهات المعنيّة والمسؤولة، إلى بذل الجهود المطلوبة من أجل الحفاظ على الثروة الحيوانية، من أي خطر تتعرض أو يمكن أن تتعرض له. وفي هذا السياق، عملت وزارة البيئة البرتغالية على إجلاء 29 من حيوان الوشق الأيبيري، المهدد بالإنقراض إلى إسبانيا بصفة مؤقتة، من المحمية التي كانوا يعيشون فيها خشية الحريق الضخم الذي إندلع فى مدينة مونشيك جنوبي البرتغال.
والوشق الأيبيري أو الإسباني، هو من أكثر الأنواع المهددة بالإنقراض، ويعود أصله إلى جنوب أوروبا وشبه جزيرة أيبيريا.
ووفقاً لصحيفة “بورتوغال نيوز”، فإن الوشق الأيبيري كان مهدداً بشدّة بالإنقراض، في وقت من الأوقات ولا يزال يتأرجح من حافة الإندثار، وموطنه في البرتغال وإسبانيا، وخضع لجهود حماية حثيثة فى كلا البلدين منذ عام 2002، ولكنه خرج مؤخراً من دائرة الأنواع المهددة بشدة ، إلى المهددة بالإنقراض، وذلك بفضل التكاثر فى الأسر.
الجفاف يهدد رعي الماشية
في المقابل، هناك العديد من المخاطر التي تهدد الثروة الحيوانية، تحديداً في مناطق عالمية معيّنة، فبعد منطقة حوض البحر المتوسط، بدأت بلدان أوروبا تعاني في الصيف الحالي، من تداعيات الجفاف على تربية المواشي فيها، مع إنحسار العشب من ألمانيا إلى بريطانيا والسويد.
ففي السويد، أتت الحرائق على آلاف الهكتارات من العشب الجاف، بحيث تحدّث إتحاد المزارعين عن “أسوأ أزمة منذ خمسين عاماً”. ومن المتوقّع وقوع نقص في غذاء المواشي خلال الشتاء المقبل.
وفي ألمانيا، تواجه مزرعة من كلّ 25 خطر الإقفال. أما في هولندا، فإن العجز في العلف يقدّر بما بين 40 في المئة و60 في المئة، وفقاً لمنظمة “أل تي أو” الزراعية، فيما يتوقّع أن تكون نسبة العجز في الحبوب 20 في المئة.
في حين شهدت بريطانيا في هذا العام، موجة جفاف هي الأسوأ منذ ثمانين عاماً. وسجّل إنتاج الحليب إنخفاضاً كبيراً بسبب إنحسار مساحات العشب.
بلدان تعاني
أما في فرنسا، يعاني الشرق من هذه الأزمة منذ مطلع تموز (يوليو)، وسائر المناطق منذ مطلع آب (أغسطس) مع موجة حرّ مطوّلة.
في حين، إزدادت في بريطانيا وتيرة إرسال المواشي إلى المسالخ بنسبة 18 في المئة، عمّا كانت عليه في العام الماضي. كذلك في ألمانيا، حيث خصصت الحكومة 340 مليون يورو من المساعدات للمربين، وقد إرتفعت وتيرة إرسال الحيوانات إلى المسالخ بنسبة 10 في المئة، وفقاً لوكالة الألمانية للزراعة والأغذية.
في المقابل قررت الحكومة في السويد، رصد بليون و200 مليون كرون، (117 مليون يورو) لشراء العلف وتجنيب المواشي الذبح المبكر.
وفي مسعى للتخفيف من حدّة هذه الأزمة، وعدت المفوضية الأوروبية بتوفير مساعدات إستثنائية، والسماح برعي المواشي في الأراضي المتروكة عن قصد لتجدد التربة فيها نفسها.
خطر الحرائق والجفاف
ينتج عن التغيرات المناخية العديد من الخسائر البيئة والحيوانية على حد سواء. وفي هذا الإطار، حذّر تقرير تابع لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، من أن تغير المناخ يمكن أن يؤدّي إلى إشتعال حرائق أشد خطراً وأكثر تكراراً.
فخلال الفترة بين 2006 و2010، تضرر 2 مليون هكتار من الغابات في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بسبب إشتعال النيران. وبدون إجراءات الوقاية ومنع الحرائق على نحو كاف، بما في ذلك إجراءات الحد من أخطار الحريق وتحجيم حرق الكتلة العضوية خلال فصل الشتاء، فمن الممكن أن تتمخض الظروف المناخية المتطرفة عن كوارث محققة من جرّاء إشتعال الغابات.
وتؤكد الفاو أنّ الكوارث الطبيعية تتسبب بخسائر بمليارات الدولارات سنوياً، للمزارعين في الدول النامية، والجفاف هو العامل الأكثر تدميراً من بين مجموعة من العوامل، التي تشمل أيضاً الفياضانات وحرائق الغابات والعواصف، والآفات النباتية وتفشيات الأمراض الحيوانية، وتسربات المواد الكيماوية، والتكاثر السريع للطحالب.
وحسب تقرير تابع للفاو، فإن الكوارث الطبيعية بين 2005 و2015 ، كلفت القطاعات الزراعية في إقتصاديات الدول النامية، حوالي 96 مليار دولار نتيجة خسارة أو تضرر الإنتاج النباتي والحيواني.
وتجدر الإشارة، إلى أن نصف هذه الخسارة (ما يساوي 48 مليار دولار) حدثت في آسيا.