على ما يبدو، فإن ما يهدّد إتفاق باريس للمناخ ليس فقط خروج أميركا منه بل الأوضاع الكارثية التي وصلت إليه تداعيات الإحترار المناخي، وفي هذا السياق، أعلن علماء المناخ أن السرعة غير المتوقعة لذوبان الجليد الأزلي تزيد من تراكم غازات الاحتباس الحراري في جو الأرض، ما يجعل تنفيذ اتفاق باريس بشأن المناخ صعبا جدا.
وجاء في مقال نشرته مجلة Nature Geoscience، أن “ذوبان الجليد الأزلي يقلل من كمية الانبعاثات التي تسمح بها البشرية لنفسها قبل أن تصل تغيرات المناخ إلى نقطة اللارجعة. ويكمن الخطر الرئيس في أن هذه العملية مستمرة منذ مئات السنين ولا يمكن إيقافها فورا وتقليل الانبعاثات”، وبحسب توماس غاسر، من المعهد الدولي لتحليل الأنظمة التطبيقية في النمسا.
منذ سنوات، يشعر علماء المناخ بقلق شديد من أن ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي سيؤدي إلى سرعة ذوبان الجليد الأزلي في سيبيريا وألاسكا والمناطق القطبية الكندية، حيث وفقا للتقديرات، سيزول الجليد في مناطق سيبيريا الجنوبية وألاسكا مع نهاية القرن الحالي.
وبحسب العلماء، فإن ذوبان هذا الجليد سيؤدي إلى تحرر كمية هائلة من المواد العضوية الموجودة في الأرض المتجمدة التي تراكمت منذ ملايين السنين. وهذه المواد نباتية وحيوانية، وستبدأ بالتحلل والتعفن وبالتالي تحرر كميات كبيرة من غاز الميثان إضافة إلى الحرائق، وكل هذا يسرع في ارتفاع درجات حرارة الهواء.
ويضيف غاسر أن هذه الأمور لم تؤخذ بالاعتبار في اتفاق باريس عام 2015. وهذا يعني أن التزامات الدول بموجب هذا الاتفاق تبدو بسيطة جدا ولا تسمح بالاحتفاظ بظاهرة الاحتباس الحراري في حدود 1.5-2 درجة مئوية.
وعموما بحسب غاسر، فإن الاستراتيجية التي تنتهجها معظم الدول حاليا في تنفيذ اتفاق باريس بصورة “تدريجية” هي استراتيجية خطرة، وإن عواقبها ستكون قوية وغير متوقعة. لذلك على السياسيين فهم أن مثل هذا الموقف في مكافحة ارتفاع درجات الحرارة ستكون له عواقب وخيمة.