إن العمل الذي يقوم به الإنسان بهدف المساعدة، عادة ما يجلب له السعادة والراحة، فينعكس عليه رضى لحظة يرى أن ما منحه عن طيب خاطر أثمر خيرا، إنها ببساطة ثقافة العطاء بلا مقابل، ثقافة من عمق رسالتنا الإنسانية، هي تحديدا فلسفة لا يجيدها إلا قلة قليلة ممن حملوا هذه الرسالة وعملوا لأجلها ولم ينتظروا ثمنا أو تعويضا وتكريما.

يوم سنحت لنا الفرصة في “جمعية Green Area الدولية” أن يكون لنا دور في إنقاذ السلحفاة البحرية “لاكي” ومساعدتها على استعادة حياتها بشكل طبيعي، لم نكن نعلم أن نجاح التجربة الأولى سيجلب لنا هذا الكم من السعادة، وسيكون لدينا حافزا أكبر للعمل لاحقا على رفع الظلم عن هذه الكائنات وغيرها بهدف حمايتها.

4 (19)

أيقونة Green Area

 

غادرت “لاكي” ميناء الجية في أيار (مايو) 2017، لم تمهلنا هذه السلحفاة بعض الوقت لنودعها بإطلاقها في بيئتها البحرية على طريقنا التي نجيدها كبشر في التعبير عن فرحنا،  غادرتنا “أيقونة Green Area” بعد أن منحتنا شرف التجربة على طريق العطاء، رحلت فاختلط فرحنا ببعض الخوف عليها، بالرغم من أننا تأكدنا أنها أصبحت قادرة على العيش مجددا في محيطها الحيوي، إلا أن خوفنا ظل قائما من أن تتعرض لمخاطر وتعديات، بعد ما تعرضت له من تعنيف يوم سحبت من الماء، وجرى التعامل معها بجهل واستهتار لالتقاط الصور معها في أحد منتجعات منطقة الرميلة، ما عرضها لضربات في رأسها سببت لها كسور عدة، في منتصف الجمجة والجانب الأيمن، وأدت لإصابتها بخلل في أداء الدماغ لوظائفه، ما اضطرها للبقاء أحد عشر شهراً في ميناء مرفأ الجية حيث خضعت للعلاج ولإعادة التأهيل عبر تدريبها على السباحة وتحريضها على الغوص تحت الماء، جرى ذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة، وبعمل دؤوب تفانى في تقديمه عناصر الانقاذ البحري في الدفاع المدني الذين ربطتهم بالسلحفاة صداقة يومية وعلاقة مودة ومحبة، ولا ننسى ما قدمته جمعية Animals Lebanon التي مدت لنا يد العون لحظة طلبناه، من خلال المتابعة والتواصل مع أطباء ومحميات في الخارج أملا بتقديم العلاج الأنسب لها.

لم يستسلم حينها عناصر الانقاذ البحري في الدفاع المدني، بل ثابروا على الإهتمام بالسلحفاة وتدريبها الى أن أثمر عطاؤهم نجاحا بمعافاتها، وبدورنا في “جمعية Green Area الدولية” حرصنا على إنجاح عملنا، فتجاوزت السلحفاة الضربات في رأسها، وختمت جراحها، وتبلسمت أوجاعها، بحسن المعاملة والحب، وأطلق عليها اسم “لاكي” للحظ الذي تجسد حولها بالتكاتف لدعمها ومساعدتها.

ما ورد مسبقا ما هو إلا مقدمة لنقول أن “لاكي” عادت قبل أيام الى ميناء الجية، ولكنها علقت في شباك أحد الصيادين عند مدخل المرفأ، وبما أنها ما زالت تحمل من الحظ وفرة، تمكن أصدقاؤها وللمرة الثانية من إنقاذها من موت كان محتملا، في ما لو بقيت لوقت طويل تحت الماء.

5 (12)

الإنقاذ البحري

 

وبحسب ما ذكر مصدر مسؤول في الإنقاذ البحري لـ greenarea.info، فإنه “بعد أن تبلغنا من أحد الصيادين في ميناء الجية بأنه بعدما حاول سحب شباكه من خلف الميناء تفاجأ بوجود سلحفاة عالقة فيها، وكان الصياد قد أشار الى أنه رآها قبل يومين تسبح في الجوار من جهة الشاطئ وحرص على أن يرمي شباكه في نقطة أبعد باتجاه الميناء، إلا أن الحظ لم يسعفه  فقط في الصيد لا بل خسر شباكه”.

وتابع المصدر: “توجهت عناصرنا على الفور لإنقاذ السلحفاة فقمنا بتمزيق الشباك وأخرجناها منها، لنتفاجأ بأنها السلحفاة (لاكي)، فعرفناها على الفور من آثار الضربات التي تركت آثارا في رأسها”.

وأضاف: “لا شيء يصف تلك اللحظة، وبغض النظر إن كان منطقيا أم لا، ما شعرنا من خلال تعاطيها معنا، بأنها لم تستغربنا، وكأنها تعرفت علينا، كما بدا لنا من نظراتها                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 

2 (45)
                                        كأنها تتشكرنا”.

وأردف: “لا يمنع من أنها اعتادت المكان المجاور فاتخذته مرعى لها، ما يرجح أنها لم ترحل بعيدا من هنا”، وتابع: “قمنا بتحريرها واطلاقها في البحر وسبحنا الى جانبها حتى ابتعدت ثم غادرنا بعد أن تأكدنا بأنها بخير ولا حاجة لها بنا لمساعدتها”.

وختم مثنيا على الخطوة السريعة والمسؤولة التي قام بها الصياد، وقال: “هذه المرة كنا نحن المحظوظين وليس (لاكي) فحسب وحظنا تمثل برؤيتها مرة ثانية بعد إطلاقها، فاطمأنت قلوبنا جميعا وفرحنا لأن اصرارنا على إعادة تمرينها على الغوص في الماء ساهم في بقائها على قيد الحياة في بيئتها وليس في حوض أو محمية بغير مكان”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This