خلال السنوات الماضية، شهد لبنان حالة غير مسبوقة في حجم التعديات على البيئة بسائر مكوناتها، ولم تقتصر على الحياة البرية فحسب، وإنما طاولت على نحو غير مسبوق الحياة البحرية، لا سيما منها كائنات نادرة ومعرضة للانقراض، حتى أصبح الواقع غير مقبول، وكأننا محاصرون بمشاهد القتل والتعذيب التي تستهدف الحيوانات ولدوافع وأسباب عدة، منها التباهي بالتقاط الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من أن القانون يجرم مثل هكذا ممارسات، إلا أن البعض تقصد ايضا وبتسجيلات مصورة أن يتحدى القوانين لكسر هيبة الدولة، وبعض الحالات مردها الجهل وإشاعة الخوف عبر نشر مفاهيم خاطئة لا علاقة لها، لا بالعلم ولا المنطق، وإنما هي نتاج موروثات شعبية قديمة، الأمر الذي يتطلب الى جانب التشدد في تطبيق القوانين، خطة توعية تبدأ من المناهج المدرسية لتشمل جميع المواطنين، فضلا عن أنه، وفقا لعلم النفس، نحن أمام جرائم لا تقتصر على الحيوانات فقط، وإنما قد ينسحب تأثيرها على الإنسان.
واقعة الذبح
في هذا السياق تناهى إلينا اليوم في “جمعية غرين ايريا الدولية” عبر بلاغ من مواطن نتحفظ حاليا عن ذكر إسمه، بأن جريمة طاولت سلحفاة بحرية عند شاطئ الرميلة جنوبا، وقد وثقت بصور نافرة وصادمة، بحيث بدا شخص يجلس عند الشاطئ، وأمامه مباشرة سلحفاة بحرية صغيرة الحجم، وبين يديه سكين يحز بها رقبة السلحفاة وقد سالت منها الدماء ولونت الرمل في المكان، ويبدو أن هذا الشخص عمد الى ربط السلحفاة قبل ذبحها، أو ربما خنقها، نطرا لوجود حبل طويل في المكان بالقرب من السلحفاة.
وقد عرف صاحب البلاغ بهوية الشخص الواضح في الصور، قائلا لــ greenarea.info بأنه يدعى (إ.ع.ح.م.) وهو ليس لبنانيا، ولكنه من دولة عربية، ومعروف من أهالي الرميلة والمنطقة، يعمل في الزراعة مع شقيقه، وفي الصيف يعمل في أحد المنتجعات السياحية.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الشقيقين سيغادران لبنان خلال أيام،، وتابع: “فور حصولي على الصور قمت بتبليغكم ليكون لدي الدليل القاطع وليس مجرد كلام تم تداوله”، وشدد على “ضرورة تحرك الجهات المعنية وإتخاذ الإجراءات اللازمة لتوقيفه قبل أن يتمكن من الفرار والتحقيق معه ومحاسبته وفقا للقوانين المرعية الإجراء”.
برسم المدعي العام البيئي
بدورنا في “جمعية غرين ايريا الدولية” نضع هذه الحادثة برسم المدعي العام البيئي في بعبدا، وبرسم الأجهزة الأمنية المختصة من قوى الأمن الداخلي، خفر السواحل، وجهاز الأمن العام اللبناني، وكل من وزير البيئة طارق الخطيب ووزير الزراعة غازي زعيتر لإتخاذ الإجراءات اللازمة بحق صاحب الصور (المتوفرة لدينا كامل المعلومات عن هويته).
وندعو الجهة المختصة بتوقيفه على الفور قبل مغادرته الأراضي اللبنانية والتحقيق معه وإتخاذ الإجراءات اللازمة والقانونية بحقه وفقا لما تظهره التحقيقات.
ممارسات غير مقبولة
ويهمنا أن نذكر أن هذه الممارسات بحق السلاحف غير مقبولة لا في القانون ولا في الأعراف، وفي لبنان نادرا ما يقدم البعض على صيدها بهدف أكلها أو شرب دمائها، إلا أن هذه الممارسات شائعة أكثر في بعض الدول لارتباطها بالشعوذات والخرافات وأعمال السحر، وكذلك بمفاهيم غير علمية، اذ يعتبر تناول لحمها ودمائها كمقويات جنسية.
كما نشير الى أن السلاحف البحرية في لبنان نوعان “السلحفاة الخضراء” و”السلحفاة ضخمة الرأس” ويهتم العالم بأسره بهذه الكائنات، ويؤمن لها الحماية لما لها من دور هام وفعال في التوازن البيئي.
في لبنان، تعتبر هذه الكائنات محمية محليا وفقا للقوانين اللبنانية وأيضا من خلال إتفاقيات دولية وقعت عليها الدولة اللبنانية، كإتفاقية سايتس، واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية برشلونة وغيرها، نظرا للمخاطر التي تتعرض لها، فهي تعاني من الصيد الجائر وتدمير موائلها بسبب تمدد الإنسان وتلوث البحار بالبلاستيك والزيوت النفطية وغيره