كثرت في الآونة الاخيرة حوادث مؤلمة ضحيتها اطفال رضع من دون هوية مرميين على الطرقات من دون رحمة، كالعثورعلى طفل حديث الولادة بصندوق بلاستيك ام في علبة من الكرتون قرب الحاويات او امام مدخل بناء دون اي رادع لمن يرتكب مثل هذه الجريمة بحق الانسانية، دون احترام لكرامة ذلك الطفل الذي هو ضحية مجتمع جاهل ليصبح شخصية ناقمة مليئة بالاضرابات النفسية، لذلك لا بد من الاضاءة على اسباب إنتشار هذه الحالات غير الانسانية ؟ هل هي نتيجة زيادة العلاقات خارج اطار الزواج والخوف من المجتمع نتيجة الحمل غير الشرعي ؟ ام الازمة الاقتصادية هي التي دفعت الاهل الى التخلي عن ولدها ؟ ام هناك عصابة حسب ما يشاع تتاجر بالانجاب لبيع الاطفال ؟ كما و انه في حال رمي ذلك الطفل الرضيع في دور الايتام هل من رقابة فعلية على دورها لحماية الطفل و رعايته و احتضانه كما يجب ؟
ما وراء ترك الام ولدها
في هذا الاطار اهم ما توقفت عنده نقيبة المعالجين النفسيين الدكتورة ماري انج نهرا ل greenarea.info خلفية ترك الام ولدها لعدة اسباب منها :” ان الأمومة في شقين انساني غرائزي ومكتسب يأتي مع نوعية التربية التي تتلقاها الفتاة، فإذا عاملها والديها بحب وتقدير منذ الصغر ودون تمييز أو سوء معاملة، ستكبر متماهية بدوريهما كمربين صالحين وستقوم بتقليدهما من حيث لا تدري. فتؤسس عائلة وتسعى لتعطي بدورها الأفضل لأطفالها. إنما اذا افترضنا أن هذه الفتاة تعرضت لعنف أو سلوك منحرف أو حتى هجران وهي في عمر لا يدرك تداعيات هذا التخلي عنها وعن رغباتها، فقد يصبح نموها عرضة للخلل وتكون شخصية مضطربة. هذه الإنسانة إن أنجبت، بعملية ميكانيكية ليس إلا، فستنجب جسديا فقط دون أن تعطي فعلا الحياة بأبعادها النفسية لجنينها. فتصبح أما دون أن تعي أهمية الأمومة و تفشل بدورها الإنساني في تطوير حضارة البشر. من هنا خطورة أن يقوم المجتمع على تفريغ الرغبات الفردية دون السعي للتوعية الجنسية بشكل سليم والبحث عن تخطيط أسري بالغ الأهمية في الدول النامية.”
واضافت الدكتورة نهرا :” ان الأمومة ليست دائما بالفطرة كما عند الحيوانات، فنجد القطة تحمي أولادها تلقائيا و اللبوة تطعم أولادها قبل نفسها. لكن عند الإنسان ردات الفعل ليست دائما بديهية. فحينا هي وفق العادات والتقاليد وطورا هي وفق الإنفعالات المزاجية والنزوات الباطنية. لذا نجد الطفل امتدادا للثنائي بحقه الطبيعي، وفي الوقت نفسه بعض الدول تعتبره مشروع مواطن فتهتم برعايته وإرشاد أمه وإحاطتها بكل ما تحتاج اليه. مما تقاس حضارة الأمم بتربية أطفالها من هنا إذا وجدنا أم تترك طفلها في الطريق أو في مكب النفايات، يمكننا أن نستنتج مدى تأثير البيئة التي تحيط بهذه المرأة على سلوكياتها والضرر الحاصل في بنية شخصيتها. ”
المزاد العلني لبيع الاطفال
بدوره رأى الاختصاصي في علم النفس الدكتور احمد العويني عبر ال greenarea.info :” ان هناك عدة اسباب لانتشار مثل هذه الحوادث في ترك الطفل من دون عناية، اما نتيجة علاقات خارج اطار الزواج الذي ينتج منها الحمل نتيجة عدم الثقافة و النضج و قلة الوعي و استهتار من المرأة وشريكها كونهما مسؤولين في ذلك والمسؤولية مشتركة في مصير ولدهما الذي يرمونه في مستوعبات للحاويات او على الرصيف. فلو كان مجتمعنا يسهّل عملية التبني مثلما هو الحال في الغرب لكانت المراة التي لا تريد ولدها لاي سبب تعطيه لعائلة تتبناه لرعايته او في مؤسسة اجتماعية تعتني به بدلا من رميه من دون رحمة على الطريق . عدا ذلك ان هناك مشكلة يعانيها ذلك الطفل ان لا هوية له كون المرأة اللبنانية في هذا الحال لا تستطيع ان تعطي هوية لولدها ليكون ابنها الضحية من جهل الام التي قامت بحمل غير شرعي و من مجتمع لا يرحم والاخطر من ذلك اذا كان يستعمل الطفل للتجارة في المزاد العلني لبيعه! عدا ذلك الى اي مدى هناك رقابة فعلية على دور الايتام و اقسى كلمة تقال عنه طفل لقيط و للاسف ان الاعلام يلقي الضوء على الام بفعلتها وليس على الاب الذي هو ايضا المسؤول وعن مصير هذا الطفل باي ميتم يوضع و من سيتاجر به .”
الخوف من ان يكون طفلا ثائرا
الى رأي الاختصاصي في علم النفس الدكتور ميسرة سري الدين الذي اعتبر عبر ال greenarea.info :” ان رمي الطفل الرضيع في الحاويات يعتبر اجراما بحق الانسانية فلو كنا في بلد حضاري يكون هناك عقابا لمن يرتكب مثل هذه الجريمة، كما و انه باي حالة نفسية يكون فيه ذلك الطفل كانه نكرة في المجتمع ليصبح ناقما على المجتمع . فمهما كانت الاسباب الاقتصادية او الاجتماعية شبه المعدومة فلا يجوز الاستخفاف بحياة الطفل، زد الى ذلك الى اسباب اخرى كالجهل عند البعض يعرفون انهم غير قادرين على اعالة ولدهم يلجاون الى الحمل من دون اتباع وسائل منع الحمل فيرمى الولد على الطريق بذريعة الضائقة الاقتصادية دون احترام للانسان عدا حالات الاغتصاب او العلاقة غير الشرعية التي تنتج منها اطفال غير شرعيين . وكي لا تواجه الام الحامل ضغوطات المجتمع تعتمد الى وسيلة للتخلص من ولدها برميه على الطريق، وهنا اما يكون الطفل محظوظا يعيش مع عائلة تتبناه وتربيه حتى ولو عرف انه رمي على الطريق فمجرد ما حصل على العاطفة من العائلة التي تبنته يستطيع ان يتفاعل ايجابيا مع المجتمع بشكل طبيعي انما الاخطر في حال لم يجد من يعتني به فيعيش العذاب في تجربة الطفولة القاسية ليكبر وفي نفسه الما لماذا حصل له ذلك وماذنبه حتى ولو كان نتيجة علاقة خطأ من والديه . ” .
شعور الذنب عند الام لا يفارقها
الا ان الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ميشلين سمور التي شددت عبر ال greenarea.info على خطورة تداعيات مثل هذه الحالات المذكورة انفا :” ان هناك ظروفا حياتية تدفع بالمراة للتتخلص من طفلها بهذه الطريقة البشعة في رميه على الطريق للتخلص منه، اما ان تكون متزوجة خافية حملها تريد الاستغناء عنه او للاسباب اقتصادية ضائقة حتى ولو وصلت الى بيعه . فصحيح ان المرأة التي تقوم بعلاقات غير شرعية قد تلجأ في بعض المرات الى الاجهاض في حال حصول الحمل وهذه جريمة بحد ذاتها انما ايضا تركه على الطريق فهو جريمة بحد ذاتها حيث تعيش الام في هذه الحالة انهيارا نفسيا لا تستطيع ان تخرج منه بسهولة بمعنى تمر بازمة حياتية وجودية تعيشها طول حياتها لاخر لحظة من عمرها لان ليس بالامر السهل ترك ولدها بهذه الطريقة لنجدها مدمنة على ادوية الاعصاب تفكر بالولد التي استغت عنه حيث تجلد ذاتها بالشعور بالذنب ، فتصبح بحاجة لمتابعة نفسية و صحية ودعم معنوي .من دون ان ننسى اهمية تسهيل قوانين التبني ضمن اطرها القانونية مثلما يحصل في دول اوروبا حيث هناك مؤسسات تعطي الطفل لعائلات تتبناه كي لا ينتهي به مرميا على الطريق معرضا لانواع انحرافات مستقبلا . ”
الخوف من المتاجرة بالاولاد
في المقلب الاخر اخطر ما اعلنه الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للطفولة الدكتور ايلي مخايل عبر ال greenarea.info :”ان هناك علاقات غير شرعية لتأجير رحم المرأة بهدف حمل الطفل في ما بعد مقابل مبالغ معينة و كأن اصبح سلعة تجارية بعيدا عن الانسانية وعندما لا تصلح بيعه، عندها ترميه على الطريق .و كم ايضا من عائلات تبيع اولادها من اجل المال فلم يعد هناك قيمة للانسان حتى غدت العلاقة الجنسية اما مستغلة لبيع الاطفال ام نتيجة خيانة كلها تعكس مستوى الانحدار بمستوى سلم القيم ، فيحتاج الوضع الى التوعية وتثقيف الناس كونها جرائم ضد الانسانية مع العلم ان لبنان مصدق على اتفاقية منع الاتجار بالبشر .”
المهم معرفة الدوافع للمعالجة
الاختصاصي في الطب النسائي الدكتور فيصل القاق اعتبر عبر ال greenarea.info : ” قد تلجأ المرأة الى ترك طفلها لعدة اسباب منها نتيجة الحمل غير الشرعي في ظل علاقة متوترة بين الشريكين لان في الحقيقة لا احد من الوالدين يسعيان في التخلى عن الولد نتيجة الشعور بالذنب الا اذا كان هناك امر ما فوق السيطرة عليهما وهنا على الدولة ان تجد حلولا كتأمين الطفل في مراكز الرعاية الاجتماعية وعلى الجمعيات زيادة التوعية في التثقيف الصحي اقله اتباع وسائل منع الحمل منعا للوصول الى مثل الحالة الاجتماعية المتأزمة .”
اما الاختصاصي في الطب النسائي الدكتور فريد بدران فاوضح عبر الgreenarea.info :” انه بات علينا معرفة جنسية الاولاد التي ترمى على الطرقات و ذلك لمعرفة الاسباب اذا كان من دواعي الفقر ام الجهل او اغتصاب ام علاقة عابرة فاذا كثرت هذه الحالات ربما تعود الى الازمة الاقتصادية و صعوبة العيش عدا كثرة اللاجئين قد تزيد عندهم مثل هذه الحالات .”
“ضوي على الخطأ”
انطلاقا من حملة ضوّي على الغلط شاءت مسؤولة عن جمعية “حمايا” لما يزبك ان تتحدث عبر الgreenarea.info :” انه يجب ان نضوي على الغلط كمثل هذه الحالات المذكورة انفا التي هي ربما يعود الامر الى ان الاوضاع الاجتماعية غير جيدة او ان هناك جهل لكثرة الولادات في ظل صعوبة اعالتهم مما علينا ان نقوم بالتوعية في جميع المناطق حيث اول ما نعرف مثل هذه الحالات نتدخل كجمعية لنحمي الولد من اي خطر يتعرض له و هذه اولويتنا كون الذي يحصل مع الطفل المرمي على الطريق جريمة بحد ذاتها مما نعمل تقييما لمعرفة السبب اذا كانوا فعلا اهله و لماذا تخلوا عنه و اذا كانوا اهله يستطيعون ان يعطوه الدعم الاساسي كما يجب مما نعمل ملف حماية داخلية لكي نعرف من يهتم به .”