مصائب قوم عند قوم فوائد، ففي حين يسبّب التغيّر المناخي خسارة ممنهجة لبعض الانواع من الحشرات المفيدة للبيئة، يبدو أن ارتفاع درجات الحرارة قد عاد بالنفع على الأقل لمرّة واحدة لبعض الدول الأفريقية، فقد شهدت زيمبابوي أول نتيجة إيجابية لظاهرة الاحتباس الحراري، إذ اختفت تماما ذبابة تسي تسي الخطرة جدا من هذا البلد الأفريقي.
وعادة ما كانت هذه الذبابة الخطرة تختفي بسبب الجفاف أو الفيضانات، أما الآن، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، لم يعد المزارعون ولا مزارع تربية المواشي يشتكون منها، فقد اكتشف العلماء بأنه يصعب على ذبابة تسي تسي التكاثر في ظروف ارتفاع درجات الحرارة.
وتفيد وكالة تاس، بأنه خلال السنوات الـ 27 الأخيرة تم في المتنزه الوطني لزيمبابوي “مانا بولس” جمع معلومات فريدة. فخلال هذه الفترة ارتفع معدل درجات الحرارة درجة مئوية واحدة ودرجتين في شهر نوفمبر الحار. كما لوحظ بأنه في عام 1990 كان يمكن مشاهدة أكثر من 50 ذبابة تسي تسي على كل حيوان، في حين لم يكن بالإمكان العثور على أكثر من ذبابة واحدة عام 2017 .
يقول أحد المزارعين “قبل 12 سنة فقد المزارعون عددا كبيرا من المواشي بسبب هذه الذبابة، والآن لم تعد موجودة ولا تهدد مواشينا”.
وذبابة “تسي تسي” – هي حشرة ماصة للدماء، وعندما تلدغ الإنسان تنقل إليه ما يسمى مرض النوم ( يقع في غيبوبة ) أما الحيوانات فتصاب بداء المثقبيات الإفريقي الذي يسبب نمو الطفيليات في جسمها، وهذا يعني موتها المؤكد.
عندما تلدغ هذه الذبابة الإنسان تظهر على الجلد قرحة حمراء، وبعد بضعة أسابيع ترتفع حرارة الجسم وتتورم العقد اللمفاوية وتظهر آلام في العضلات والمفاصل وصداع وحالات تهيج، وبعد مضي فترة يصيب المرض الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدي إلى تغير الشخصية والارتباك وعدم وضوح الكلام والتشنجات وصعوبة الحركة. وإذا لم يخضع المصاب لعلاج مكثف فإنه يموت، وحتى إذا تم إنقاذ المصاب من الموت، فإن جسمه يتضرر بشكل كبير ولن يعود إلى سابق عهده. ووفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن 60 مليون إنسان معرض للإصابة بمرض النوم. إذا استمرت هذه الظروف وزالت ذبابة تسي تسي، فإنه ذلك سيؤدي إلى تغيرات جوهرية في حياة سكان 36 من مجموع 52 دولة إفريقية. ولكن العلماء لم يقيموا كيفية تأثيرها في الحياة البرية حتى الآن.