يَضرِب الناس بهم المثل فيقال: “كتوم للسرّ مثل الكاكائي” ويعود هذا الطبع عند هذه “القبيلة” الكردية الى أن معلمهم ووليهم الأول سلطان إسحق البرزنجي(فخر العاشقين)، قد أوصاهم قائلاً : ” لا تكشفوا الأسرار، إياكم وكشف الأسرار، فالحكمة يتلقاها الأهل برموز، لئلا تحترقوا في محرقة أعمالكم “.

ويُعتَبَرُ العراق، وتحديداً مدينتي كركوك و خانقين، والقرى المترامية على ضفاف نهر الزاب الكبير في منطقة الحدود العراقية الإيرانية، الموطن الأصلي للكاكائيين، ولطالما اختلف المؤرخون والباحثون حول هويتهم، وذلك يعود الى الغموض والسرية والرمزية التي تحيط عقائدهم، فبعضهم يقول: ليست ديناً أو مذهباً خاصاً وإنما خليط من الأديان والمذاهب(تأثرت بالأديان الأخرى، ودخل إليها مزيج من الأفكار والعقائد المستمدة من التصوف والتشيع الغالي، والمسيحية والفارسية)، وهي حركة باطنية سرية، وبعضهم الآخر يعتبرهم ورثة جماعة الفتوة، التي شجعها الخليفةُ الناصر لدين الله، بعد أن جعل من نفسه الفتى الأول، وآخرون يقولون أنها نحلة تجمع قبائل تصوفية، كثيرة وكبيرة، ولا تختلف عن سائر القبائل الكردية، والتي معظمها يُسمى باسم المكان الذي تنزل بهِ أو القرية التي تحل بها.

 

ويطلق عليهم أيضاً: الصارلية، واليارسانية (كلمة من جزئين “يار” وتعني: صديق أو محبوب، في الكردية والفارسية، و”سان”  تعني: السلطان)، إلا أن تسمية  “الكاكائية” تعود الى كلمة (كاكه) الكردية و تعني “الأخ ” وبالتالي فالكاكائية تعني “الأخية” وهذا دليل آخر على صلة الكاكائية بالفتوة، فيما تبقى أفضل التسميات لديهم هي: “أهل الحق” كما يطقون على أنفسهم تسمية “أهل الحقيقة” أو “أهل السلسلة”.

 

يسترشد الكاكائييون بكتاب إسمه “ســرانجــام” أو “سنچنار”، أو “كتاب الخزانة”، كُتِبَ في القرنين السابع والثامن الهجري، باللغة الكردية باللهجة “السورانية”، ويتكون من ستة أجزاء(مجموعة أفكار روحانية من ديانات  ماقبل الإسلام مثل الزردشتية والمزدكية والفكر اليهودي والمسيحي، كذلك من بعض التيارات التي ظهرت بعد الإسلام)، ويعتبرونه وحياً منزلاً، ويرون فيه تعاليم كاملة، وقد جاء في مقدمته، أنه يجب ألا يطلع على مضامين الكتاب المقدس كل من كان، وأنه يجب ترتيله برموز، ولا يجوز تداوله من قبل أناس غير أهل له، أو غير لائقين. وربما لهذا السبب لم يُطبع الكتاب قط في أي مكان.

وترتكز ديانتهم على أربعة أركان هي: الطهارة(الجسدية والروحية)، الصدق، الفناء(في الله) والعفو (التسامح).ويدعون الى الإحسان، ومد يد العون ومساعدة المحتاجين، وعدم إيذاء الإنسان والحيوان والنبات والأشجار والطُرق، أو الإضرار بعناصر الطبيعة.

لايتجاوز تعدادهم الحالي في العراق المئة ألف نسمة،  يحتفلون مع الأكراد، بعيد “نوروز” ويتعبرون يوم 21 أذار/مارس هو يوم ولادة السلطان إسحاق، وفيه تبدأ السنة عندهم، حيث يبدأ التقويم اليارساني (الكاكائي)، يعزفون في أعيادهم القليلة، على ألة الطنبور الموسيقية مُنشدين أشعاراً صوفية.

اعتبرتهم المجموعات التكفيرية، منذ زمنٍ طويل، نحلة مرتدة عن الإسلام، رغم أن دينها لا يمت إلى الإسلام بصلة،وفي الحرب العراقية الأخيرة بدأت “داعش” بحملاتٍ لتهجيرهم وغزّو قراهم، فقتلت المئات وسبت من سبت من نسائهم واختطفت أطفالهم وشيوخهم، أضف الي ذلك تدمير أهم مراقدهم الدينية.

غيرَأنهم تحملوا الظلم والإضطهاد وأصروا البقاء على أرض العراق، لأنهم يعدون أنفسم  جزء من ترابه، وملح الحقيقية التاريخية له.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This