بين حريق وغريق يتوه العالم في تداعيات التغيرات المناخية التي باتت قاتلة في بعض الأحيان، ففي حين تغرق الكويت في فيضانات بسبب الأمطار غير المسبوقة بقوتها ونسبتها، تحوّلت منازل وسيارات وأشخاص في كاليفورني إلى رماد تبحث بين رفاتها الكلاب!!
قد لا يكون الكويت الحدث، ولا حتى الحريق في ولاية أميركا التي اعتادت أن تشهد حرائق سنوية، إلا أن الحدث يكمن في أن الحريق الأخير في كاليفورنيا هو الأكثر دموية في تاريخ الولاية كما أجمعت عليه سلطات الولاية. فقد ارتفع عدد الضحايا الحرائق إلى 59 قتيلا، فيما نشرت السلطات لائحة تضم 130 شخصا ما زالوا في عداد المفقودين، في أفدح كارثة حرائق غابات من نوعها في تاريخ البلاد و”كامب فاير” كما أطلق على الحريق، مسح بلدة كاملة عن الخريطة هي بلدة “بارادايس” الواقعة في شمال كاليفورنيا،
فقال حاكم الولاية جيري براون: “نحن في وسط كارثة، (…)، الحريق غير مسبوق وعارم، لذا فإن العديد من الناس قد حوصروا”.من جانبه، قال رئيس الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، بروك لونغ، إن باراديس تبدو أمام “إعادة بناء كلي”، إثر دمار العديد من المنازل والمتاجر والبنية التحتية.
حرائق كاليفورنيا سنوية، في هذا الإطار، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً حول الأسباب الرئيسية التي تجعل من كاليفورنيا لقمة سائغة للحرائق تنتهشها بين حين وآخر.
أصابع الغتهام الأولى صوّبت نحو التغيّر المناخي التي يصرّ ساكن البيت الأبيض أن يعتبره “بدعة” اخترعها البشر وانسحب من إتفاقية باريس لتغيرّ المناخ لدى تسلّمه الرئاسة.
كاليفورنيا هي مثل الكثير من المناطق في غرب الولايات المتحدة، تعاني من تلف الغطاء النباتي في فصل الصيف، بسبب نقص هطول الأمطار ودرجات الحرارة المرتفعة.ومع التغير المناخي الذي يصيب العالم، بسبب التلوث البيئي وانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، ترتفع درجات الحرارة سنويا، مما يجفف الغطاء النباتي الجاف أصلا، ليجعله عرضة للحرائق التي تتغذى على الجفاف.
تقع المسؤولية بالدرجة الثانية على الإنسان، فحسب التقرير، حتى وإن كانت الظروف ملائمة لاندلاع الحريق، فلابد من وجود إلى شيء أو شخص ليطلق الشرارة الأولى، وفي أغلب الحالات، البداية تكون من “خطأ بشري”. حول هذا الأمر، قال العالم البيئي بارك وليامز: “كاليفورنيا يقطنها عدد كبير من الناس وموسم جاف وطويل. البشر دائما ما يصنعون شرارات البداية في الحرائق”.
وفي كاليفورنيا، ترتفع نسبة الأشخاص الذين يقررون المعيشة في المناطق القريبة من الغابات، كما تم إعمار مناطق سكنية جديدة قرب الغابات، بعد تشبع المدن، الأمر الذي زاد من نسبة الحرائق التي يتسبب بها البشر في الغابات.
في المرتبة الثالثة، يشير التقرير الى تاريخ الولايات المتحدة “بكبت” حرائق الغابات في القرن الماضي، الأمر الذي سبب بتولد “فائض” من الحرائق في العصر الحالي.
وقال الدكتور وليامز: “خلال القرن الماضي، حاربنا النار، وحققنا نجاحا كبيرا في جميع أنحاء الولايات المتحدة الغربية.. هذا يعني أن مجموعة من الأشياء التي كان من الممكن أن تحترق لم تحترق. وعلى مدار المئة عام الماضية تراكمت لدينا النباتات القابلة للاحتراق”.
في السنوات الأخيرة، حاولت هيئة الغابات في الولايات المتحدة تصحيح الممارسات السابقة من خلال اندلاع حرائق “محكومة”، يتم افتعالها عمدا والسيطرة عليها!