هل تعلم ان عدداً مهماً من الحوادث العائلية مردها الى الغيرة التي تؤدي ليس فقط الى الطلاق بل الى القتل، والاخطر من ذلك ان ترددات الغيرة يقع اثارها كثيرا على الاولاد في ما بينهم، و الاسباب متعددة منها ترك الام العاملة أطفالها سواء في دور الحضانة ام مع مربية المنزل دون اعطائهم الوقت الكافي من الاهتمام والعناية، فيصبحون الحلقة الاضعف في الاصابة بالكثير من الامراض النفسية في حال لم يتم تداركها باكرا ليبقى السؤال : ما هي الوسائل المتبعة للحد من تفاقم الغيرة كي لا تصبح مدمّرة ؟
الغيرة تزيد من الامراض النفسية الجسدية
ابرز ما توقفت عنده الاختصاصية في طب الاطفال الدكتورة سابين ابي عبود ل greenarea.info : ” لا شك ان الولد تحت عمر ست سنوات يتأثرنفسيا من وراء تداعيات الغيرة حيث يعبر عن ذلك في التوقف عن الاكل او من خلال التبول لا اراديا او يرتدي حفاضات اخيه الاصغر منه حتى انه يعود الى الرضاعة الاصطناعية حتى ولو أوقفها او يطلب من امه ان يعود الى الرضاعة من جديد مثل اخيه، من هنا دورنا كاطباء في طب الاطفال ان نميز بين الحالة المرضية العادية والحالة النفسية الجسدية التي يعاني منها الطفل من تداعيات الغيرة مثلا وانعكاسها على صحته النفسية الجسدية. على سبيل المثال اذا شعر الطفل بضيق في التنفس وتبين لنا بعد فحصه كلينيكيا لرئته انها سليمة وكمية الاوكسيجين في المعدل الطبيعي، عندها نشك ان الذي يشعر به نفسيا عندها يجب ان تكون المعالجة عند طبيب نفسي لمعاينته .”
واهم ما شددت عليه الدكتورة ابي عبود :” من المهم جدا معرفة ان غياب الام مطولا عن المنزل نظرا لظروف العمل له تداعياته النفسية والصحية على الولد خصوصا اذا تم بقائه لفترة طويلة اما مع الخادمة او في الحضانة، مما نشدد انه على الام ان تجد الوقت قدر المستطاع بعد العمل للاهتمام بطفلها خصوصا اذا كان عنده اخ اصغر منه تفاديا لاي شعور بالغيرة منه دون ان تشعره ان احدا حل مكانه.”
كما عند الصغار كذلك عند الكبار ان كل ما يتعلق بالازمات النفسية لها تداعياتها الصحية حيث اوضح الاختصاصي في الطب الداخلي و المناعة الدكتور رامز عزام عبر الgreenarea.info :”ان الذي نلاحظه ان التداعيات النفسية الجسدية في اكثر الاحيان من غيرة او سواها سواء عند الكبار او الصغار خاصة حيث يتظاهرون احيانا انهم مرضى بينما في الحقيقة يكون وراءها غيرة من بعضهم البعض، حيث يتبين بعد فحوصات طبية ان العوارض التي يشعرون بها غير مطابقة على مرض معين كاوجاع في المعدة والامر ذاته عند الكبار مما يتبين انه في كثير من الحالات المرضية هي نفسية فيلجؤون الى ادوية الاعصاب .”
الاطفال .. الأكثر ضحية
من جهة اخرى على الصعيد التأثير النفسي كان للاختصاصية في المعالجة النفسية وعلاج الشريكين الدكتورة دنيز ابي راشد رأيا عبر ال greenarea.info : “هناك عدة انواع من الغيرة عند الاولاد تختلف عند الغيرة عند الشريكين التي نجدها كثيرا، اما ان تكون غيرة عادية دليل عن حب وخوف على الشريك ام غيرة مرضية وتؤثر بطريقة سلبية على العلاقة في ما بين الشريكين، حيث يعتبر الشريك ان الاخر هو له وحده نتيجة قلة الثقة في النفس الى درجة التملك قد يصل به الامر ان يتخيل امورا عنه غير صحيحة ويؤلف سيناريوهات عنه و يقتحم حياة شريكه الخاصة كأن ياخذ منه الرقم السري في حساباته الالكترونية الى درجة قد تدمر هذه الغيرة العلاقة لتصل الى الطلاق. كل ذلك متوقف حسب شخصية شريك الاخر اذا كان يقبل ان شريكه يسيطر عليه في هذه الطريقة، اما اذارفض هكذا نوع من التعدي على خصوصيته حتما ستزيد المشاكل في ما بينهما .”
وتابعت الدكتورة ابي راشد :” ان الانسان الذي يغار بشكل مرضي عليه ان يخضع لعلاج نفسي من اجل تعزيز ثقته في نفسه كي يصل الى مرحلة ان يعمل علاقة حب وليس علاقة تملك . اما بالنسبة للاولاد فالغيرة عندهم طبيعية ان يشعر الولد بغيرة احيانا تكون ايجابية يستطيع ان ينمي قدراته الا انه بالمقابل اذا لم يعرف الاهل التعامل مع الغيرة عند ولدهم وكي لا يشعر انه متروك قد تصل الغيرة به الى تاثر كبير على نفسيته .”
الا ان المعالجة النفسية ايفي شكور فتوقفت عبر ال greenarea.info :” عندما تصل الغيرة على الشريك الى حد القتل او الطلاق تسمى غيرة مرضية يكون عندها مصاب بمرض نفسي خطير اسمه جنون العظمة، يؤلف سيناريو من اوهام مرضية عن الشريك ليس موجودا في الحقيقة حيث يتوهم على سبيل المثال ان زوجته على موعد مع احد غيره! هذه الحالة المرضية الخطيرة تحتاج الى علاج نفسي طويل مع ادوية في المستشفى. اما الغيرة عند الصغار فمن الافضل ان تظهر في عمر مبكر عندهم للحد منها من ان لا تتبين عند الكبر تصبح معالجتها صعبة . اما اذا ظهرت الغيرة من ولد على امه ولم يستطع تجاوزها فيعني مازال يعاني من عقدة ادويب مما لا بد من معالجته لكي يتخلص منها ويتخطاها بفضل ايضا وعي الاهل لان اذا ترك قد تدمره الغيرة و تؤثر عليه في دراسته، مما لا بد عندها ان تتم معالجته عند المعالج النفسي لكي يتخطاها . مع الملاحظة انه احيانا قد تكون الغيرة عند الولد بناءة دون اذى كغيرة التنافس في الدراسة كحافز للتقدم .”
مطلوب ضمانات لتجاوزها
في المقلب الاخر اعتبر الاختصاصي في المعالجة النفسية الدكتور احمد عويني عبر ال greenarea.info : “ان الغيرة عند الصغار شعور جدا طبيعي خصوصا الولد الذي عنده اخوة و يولد ولد اصغر منه سنا كون الاهتمام ينتقل الى الصغير مما يشعر الولد الاكبر منه بالغيرة لان الولد اناني يريد ان يستأثر باهتمام اهله كونه يرى في هذا العمر ابيض واسود لان لا يستطيع ان يرى ان حب الاهل متساوي مما يرى ان اهله تركوه و بدأوا يهتموا بغيره اي باخيه وهذا الشعور طبيعي . مع الاشارة الى ان الشخص الذي يغار بصورة مرضية عنده الشعور بالنقص في تكوين شخصيته وعدم الشعور بالامان و هنا على الاهل ان يلعبوا دورا مهما في حياة اولادهم في الكثير من الاهتمام بهم خصوصا اذا كان ولدهم يغار مما عليهم ان يحسسوه انه مميز كي لا يشعر بالاختلاف بينه و بين اخوته كتخصيص وقت له دون اهماله دون القول له ياليتك مثل اخيك الا في حالة نادرة اذا كان اخوه نابغة و ياخذ الاضواء و هنا على الاهل التحاور معه والاهتمام به و تعليمه المشاركة بين الافراد الاسرة مع اهمية تبادل الادوار لكي يشعر ان مكانته محفوظة في العائلة .”
و اضاف الدكتور عويني :” اما الغيرة عند الكبار فقد تكون طبيعية و احيانا تتحول الى عدم الاحساس في الامان لتشكل عبئا على الشريكين الى حد الاذى نتيجة عدم الثقة في ما بينهما لدرجة على سبيل المثال التطفل في قراءة الرسائل الهاتفية نتيجة غياب الضمانات خصوصا اذا كان الشريك يسافر كثيرا او عنده سكرتيرة جميلة بمعنى كلما تعرض الانسان للاغراءات معينة تزيد عنده احتمال الغيرة اكثر حيث يكمن الحل في الاهتمام في التساوي في العلاقة وتعزيزها في الحب دون التضحية في العلاقة لاجل نزوة معينة.”
التحفيز كعلاج نفسي
اما من الناحية تداعيات الغيرة اجتماعيا فكان للاختصاصي في علم النفس الاجتماعي محمد بدرا رأيا في هذا الخصوص مما قال ل greenarea.info:” ان الغيرة من الاليات الدفاعية يتخذها الشخص عندما يشعر بالتهديد وهذه الحالة تتمثل عند الازواج حيث ان الزوج يصاب بالغيرة لما يشعر ان العلاقة مهددة والسبب ان المغريات تزداد و المنافسة على الذكر تزداد والامر نفسه عند الانثى التي تتعرض لمجموعة مغريات كون الحيز الاجتماعي واسع عكس مما هو عليه في ايام زمان حيث كانت العلاقات محصورة اما اليوم توسعت الى درجة صار الشريك يشعر ان العلاقة باتت مهددة بالفقدان مما يعمل ردة فعل عليها بالخيانة لان في العمق نتيجة سوء تقدير للذات اي غير مرغوب تحت عنوان الغيرة كونه يشعر بالهامشية امام الشريك كون المناعة النفسية مختلفة تحتم على اي شخص ردات فعل مختلفة مما تزيد من ارتفاع القلق الاجتماعي او العصاب الاجتماعي مما تكون ردات الفعل على الفعل مضاعفة مرتبطة بالقلق و التعصيب و المشاكل اليومية مما يبالغ في ردة الفعل بشكل متطرف.”
و تابع بدرا:” اما الغيرة عند الصغار فتزداد عندما يعجز الاهل تثبيت قناعة ثابتة عند الاولاد، مما نجد الطفل الذي عنده نقص عاطفي او يعاني من غياب الاهل يتوهم ان اللعبة ظنا منه انها تعوضه عما يعانيه وعندما يتعرض للمغريات مع رفاقه مع زيادة النقص مما يولد عنده الغيرة لذلك المهم جدا اشباع الولد عاطفيا و ترسيخ عنده قناعة ليس كل شيء نستطيع الحصول عليه مع اهمية اتباع اسلوب التحفيز وهنا على الاهل تقديم النماذج لكي يقتنع الطفل بها .”
تعزيز الثقة ضرورية
بدوره قال الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور سامي جاموس ل greenarea.info :” لا يصلح ان نقول عند الصغار هناك غيرة بل شعور بالنقص و على الاهل ان لا يميزوا بين ولد و اخر في المعاملة اما عند الكبار فالغيرة موجودة كشعور طبيعي تزيد الحب بين الشريكين شرط ان لا تتعدى حدودا معينة لتصبح مرضية نتيجة شكوك مغالطة غير مبنية على شيء من الواقع بل تؤدي الى خلافات زوجية الى حد الانفصال والعدوانية قد تصبح خطرة على حياة الشخص الاخر الى درجة القتل وهذا ما نلمسه دائما في عيادتنا حيث ان اغلبية الطلاق عند الشريكين نتيجة الغيرة المرضية مما يكون هناك علاج نفساني شرط ان يكون الشريكين مع بعضهما للمعالجة لنقاش الامور الخلافية بهدف حل الازمة بين الشريكين .”
من جهة اخرى ركز المعالج النفسي نبيل خوري عبر ال greenarea.infoعلى اهمية تدارك تداعيات الغيرة مسبقا :” اذا كانت الغيرة مرضية لدرجة عالية جدا تعطي مفاعيل سلبية و قد تؤدي الى اعمال جرمية مؤذية الى حد القتل من دون ان ننسى الغيرة بين الاصدقاء او الاقارب او حتى بين الزملاء في العمل في الانتاجية كون الغيرة جزء من الطبيعة البشرية اما اذا زادت عن حدها نظرا للمغريات عدا انتشار المواقع التواصل الاجتماعي حيث تضع المرأة على سبيل المثال صورها تتحول اشبه بنجمة لكي تحكي الناس عنها مما يكون مستوى التنافس اكثر بمختلف المجالات فشبكات التواصل شجعت على التنافسية تحولت الى غيرة في حال وجود نفس مضطربة تتحول الى غيرة مرضية قاتلة تحتاج الى علاج التي هي نتيجة عن ضعف ثقة في النفس . اما الغيرة بين الاطفال فهي انعكاس للحالة التنافسية التي يزرعها الاهل في نفوس الولد فمن الطبيعي ان تولد الغيرة بين الاخوة مما نشدد على ضرورة التواصل مع الاهل و مسح التنافس بين الاولاد .”
التركيز على الامان
في هذا الاطار اوضحت الاختصاصية في التدريب الحياتية و في البرمجة اللغوية العصبية الدكتورة دارين داوود مفرج ل greenarea.info:” الأهم هو أن تكون سلامة الشريك من أهدافنا اليومية. لذا مهما كانت الظروف الصعبة والغيرة موجودة تبقى محدودة لأنها تكون تحت السيطرة دون تجاوز الخط الأحمر والتزامهما بسلام الآخر في حبه واحترامه. اما من جهة الغيرة عند الولد فالمهم الاستماع اليه ولكن الأهم تقبله كما هو وان نستمع اليه وان نقدر مشاعره كل ذلك من اهم ركائز نمو شخصية الولد بثقة وأمان ليتجاوز شعور الغيرة الذي يعاني منه .”
كما و انه اوضحت المدربة في علوم رفع الوعي الدكتورة منى سنان عبر ال greenarea.info :” ان الغيره نوع من المشاعر المعقدة والتي قد تؤدي بالشخص الغيور إلى الكره وإيذاء الاخرين بسبب خطورة هذه المشاعر . اما اذا تطورت فلا بد من السيطرة عليها بان يعترف الشخص الغيور بان هذه المشكله موجودة عنده وأن يقرر التخلص منها. عدا ذلك هنالك عدة تقنيات كاللجوء إلى معالج بالتنويم الايحائي وبعض تقنيات ال NLP للتسريع من البرمجة الجديدة الايجابية. فضلا عن تركيز الشخص على نفسه ولا يقارن نفسه بالآخرين حتى لا يقع بفخ الغيره المدمرة لنفسه مع اهمية ان يتأمل ويعود إلى ذاته الحقيقية النقية بالصلاة والتأمل الاستشعار النعم عليه .”